الاعلام والثقافة العدلية ... المباح والمحظور !!!
نايل هاشم المجالي
لا بد من القاء الضوء على بعض العناصر الاساسية ، والتي ينبغي ان تكون جزءاً من ثقافة متخصصة من الاعلاميين ألا وهي الثقافة العدلية في المجتمع كونها ضرورة للاعلاميين والصحفيين من اجل الالمام بها لتكون لهم بمثابة دليل ارشادي على ما يمكن القيام به من اعمال وانشطة صحفية تخدم المجتمع من حيث ارتباطها بعالم القضاء والقانون وعلى سلم اولوياتها ان تعيد النظر في ثقافة الممنوع والخوف من الخطأ والمساءلة وان نعيد دراسة الاسس والقوانين في القواعد المسيطرة والمحددة لقدرة الاعلام على اداء دوره والقيام بواجبه تجاه مجتمعه وفق ضوابط وثوابت محددة متفق عليها ، باعتبار ان هذا الدور رسالة وامانة يتحملها وليست مجرد مهنة يقتات الصحفي والاعلامي او المواقع الالكترونية وغيرها من نتاجها. لذلك فان هذه المحددات والمعايير المتفق عليها مع كافة الجهات المعنية ستؤدي الى ان يصبح الاعلامي يعمل بحرية منضبطة من خلال موقعه الالكتروني او صحيفته بدل ان يكون على وجه التحقيق واسيراً للمخاوف وللجهات الرقابية وكأنه يسير في حقول مليئة بالالغام لا يدري متى تنفجر تحت قدميه او مسببات الانفجار حيث تختلف ردود الافعال باختلاف الشخص المتلقي ومكانته السياسية والاجتماعية ولكي تبقى الصحافة بانوعها تزخر بالكتاب والمحللين الذين يساهمون في تطوير الفكر العام وصياغة الضمير الجمعي للمجتمع وانعكاسه على وسائل الاعلام ولكي تكون صحافتنا قادرة على انتاج صحافة التحدي كي يبقى دورها ريادي وصمام امان وعين ساهرة تعكس الواقع الحقيقي للحقيقة واهداف وغايات المجتمع فهي بحاجة لحركة تصحيحية والتغيير في منهجيتها وفق ورقة نقاشية مدروسة تحدد الاهداف والغايات والاسس والمعايير الوطنية التي توجهها للاهداف والمصالح الوطنية وترضي الشارع العام وتحقق المهنية والحرفية وسقفها وحدودها ، اي صياغة نظام اعلامي ينهي شتى انواع الهيمنة والخوف بتجديد المحاور والاسقف التي يتفق عليها لانهاء التفاوت المتباين بانواع الصحافة والاعلام أضر بالكثير منها فمن الصحافة الورقية الملتزمة والمتزنة والمدروسة التي اصبح عليها عزوف شعبي والتوجه الى الصحافة الالكترونية التي لا سقف لها وغالبيتها بدون اتزان في نشر المعلومة الغير مدروسة والغير متزنة التي غايتها جلب اكبر عدد من الزبائن والمشتركين هذا التباين خلق خلل كبير جداً في المجتمع وفي الشارع العام فاصبح الخبر لغايات تشويه شخصية معينة ينتشر مثل النار في الهشيم وعليه ملاحقات واشكالات قانونية بينما هو محظور في الصحف الورقية التي تخضع الى رقابة صارمة من قبلالجهات المعنية اي ان هناك صحافة ورقية تخضع لضوابط وانظمة وتعليمات قانونية وهناك صحافة الكترونية غير نظامية وكلنا يعلم ان الصحفي الحق هو لسان حال فكر وضمير المجتمع وصاحب رسالة وعين ساهرة تبصر افراد المجتمع وبما يحيط بهم وبما يجب ان يطلع عليه من معلومات وقرارات وتنظيمات ومن انواع الفساد والتجاوزات بكل صدق وامانة ليتمكن المجتمع من تكوين رأيه وتشكيل ضميره اتجاه ذلك لان الصحافة هي صوت المجتمع وفكره وضميره. فاي رسالة عظيمة تلك هي رسالة الصحافة واي امانة ثقيلة التي تحملها وهناك من يتعامل معها بكل استخفاف واصبح بعضها للجباية والابتزاز بطرق متعددة ومتنوعة ومنها ما يثبت على مستوى الانهيار الاخلاقي والفكري واليأس الشديد لصاحبها في تشويه صورة الوطن والمواطن بدل ان يكون هناك ضوابط نظامية يتفق عليها الجميع في رسالة وطنية هادفة يرضى وترضي الجميع وان تكون صوت الحق وصوت المجتمع وعينة وضميره صحافة حرة متزنة بدل ان يكون بعضها اذرع لقوى سياسية توجهها لصيد اهداف ولتحقيق مكتسبات شخصية اما فيما يتعلق بالصحافة العدلية فلقد لاحظنا ان هناك الكثير من القضايا لشركات ولأشخاص وغيرهم اصبحت تنشر على شكل اخبار ومقالات منها ما هو صحيح ومنها ما هو مغلوط ومسيء ليصبح هناك توترا يشوب العلاقة ما بين السلطة القضائية وما هو متعارف على تسميته السلطة الرابعة (الصحافة والاعلام) والتي تعتبر الرقيب المجتمعي على السلطات الثلاث فهناك افراد واصحاب شركات واصحاب نفوذ يلجأوون في شكواهم للصحافة والاعلام لنشر شكواهم بأسلوب محاميهم الخاص لتصل الرسالة لاصحاب القرار اما صائبة او مغلوطة ويتم النشر دون التأكد من مصداقيتها ، بل المهم ثمن وقيمة الاعلان المنشور وهناك قضايا زوجية خلافية والكثير الكثير والتي توجب السرية فهناك قاضٍ وشهود وخصوم والتي يجب الحفاظ على سرية التحقيق فأي تصريحات من القاضي او اتباعه مؤثرة في سير العدالة ، حيث هناك من يستشف توجهات القاضي من خلال تصريحات كذلك التسريبات وتصريحات الشهود والخصوم من شأنها اثارة بلبلة التي تغير استراتيجية ومسار القضية وتؤدي الى تأزم الموقف وتدخلات متعددة ويؤثر ذلك على حقوق الاخرين. كذلك لا يجوز للمحامي ان يفشي سراً أؤتمن عليه او عرفه بحكم مهنته ولو بعد انتهاء وكالته ومن شأنه التأثير على مسار القضية مهما كانت الاسباب او نشر مستندات او وثائق او رسائل في مختلف القضايا من شأنها ان تؤثر على سير القضية او تلحق الضرر باحد الاطراف قبل ان ينتهي التحقيق وبعد الحكم قطعياً فكافة الوثائق يجب ان تكون سرية ومحمية فهذه الاوراق من شأنها ان توقع جناية حتى ولو وقع خلاف بين المحامي وموكله يجب ان يكون هناك ضوابط ومحددات وعدم تقبل الصحافة بانوعها لأي معلومة او نشرها قبل الأخذ بالموافقة الخطية من المرجعية القضائية اي بعد انتهاء القضية او الدعوى والتزام كافة الاطراف في القضية بضوابط السرية الاعلامية لما لها من نتائج سلبية تؤثر على مسار القضية عدم الخروج الى العلنية عبر وسائل الاعلام المختلفة الا وفق ضوابط قانونية واخلاقية واحترام النشر الاعلامي ونحن متأكدون ان كفاءة المعنيين بالشأن القضائي قادرة على اعداد استراتيجية للنهوض بهذا الامر وتحديد آلية التعاون المشترك ما بين القضاء والمحامين والصحافة بأنواعها حول آلية وكيفية نشر اي معلومة حول القضايا المتعددة والمتنوعة وحتى لا يكون لها تأثير على سير القضية او على احد اطرافها. ومن شأن ذلك ان يسبب تداعيات سلبية ونتائج لا يحمد عقباها وهناك بعض المواقع الالكترونية او وسائل اخرى تنشر تغريدات وغيرها مقاطع للتحرش الجنسي يترتب عليها اثار نفسية على المعتدى عليه وذويه ويعتبر ذلك جريمة يعاقب عليها بنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية ويجوز رفع دعوة على الناشر لما قام به وبالامكان التلاعب بالصور او بالفيلم وهناك حفظ لحقوق الافراد والجماعات بما سوف ينالهم في اعراضهم او سمعتهم وهناك ما يدخل تحت بند التشهير فهناك من يصور وينشر المقاطع دون ان يستند لأمر قضائي ويكون فيها مقاطع غير لائقة وهذا مخالف للقانون ومن سيؤكد صحة الحدث قبل نشره وكثير من المواقع الاعلامية تعرضت لاعتداء من ذوي المتضرر من النشر ويجب ان يكون هناك تشريع وقانون متفق عليه بين القضاء والاعلام يبين شرعية وآلية النشر حتى بالمواقف السلوكية لما لها من تبعات كبيرة فهي تدمر حياة الضحية وتطارده طوال العمر وتضرب تاريخه حتى بعد التوبة وهذا انفلات اعلامي سلوكي يتكرر كثيراً دون اي رادع. واي مجتمع دون قانون يكون مجتمعاً منفلتاً قال تعالى " الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبيناً " فلقد نهى الدين الاسلامي الاساءة قولاً او فعلاً او شتماً او بأي وسيلة تلحق الضرر والاساءة وتربي الحقد بين الناس ناصحاً بالستر لا بالفضيحة
كذلك فإن حجم التغريدات والاقبال على استخدام التويتر والانستجرام في تزايد مستمر وانعكس بشكل كبير صوب تصعيد حالات الحراك الاجتماعي والفكري والثقافي في اكثر من سياق موضوعي ودفع ذلك التفاعل المشهد المحلي الى مزيد من الشد والجذب بسبب بعض الاراء والتعليقات المنشورة ومنها من يطالب باحالة البعض على القضاء وآخرون يدعون ان الحساب مزور ليكون هناك جدل قانوني وقضائي يتربع على عرش الاشكالات مع حساب المغردين ليكون القانون مرتبكاً حيال. ذلك فهل هذه التغريدات حديث ترويجي ام تشكيكي خاصة بوجود الولاية القضائية على الشخص المغرد خاصة مع تطور الاعلام الاجتماعي فالادلة الالكترونية تخضع للجدل في كل دول العالم كونه في كثير من الاحيان بينه ضعيفة امام القضاء مهما كان نوعه بسبب القدرة على اختراق حسابات الاشخاص في الموقع والكتابة باسمائهم الصريحة وسهولة تزويد حسابات باسماء اشخاص لا يعلمون عنها شيئاً وحدث ذلك مع اكثر من شخصية عالمية .