محتالون يسرقون 200 ألف جنيه إسترليني بواسطة الذكاء الاصطناعي
استُدرج مسؤول تنفيذي بريطاني يعمل في مجال الطاقة، إلى دفع أكثر من 200 ألف جنيه إسترليني لمحتالين عبر الإنترنت، استخدموا تقنيات الذكاء الاصطناعي لتزوير صوت رئيسه، بحسب ما ذكرته صحيفةDaily Mailالبريطانية، اليوم الأحد 6 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
واستخدم المحتالون، فيما يُعتقد أنه أول حالة من نوعها، ما يسمى بتقنية «التزييف العميق» من خلال برامج الكمبيوتر، للاحتيال على شركة الطاقة التي تبلغ قيمتها مليارات الجنيهات.
برامج للمحاكاة
وفي محاكاةٍ مخيفة لمسلسل BBC الدرامي The Capture، وقعَ مدير الشركة البريطانية التي لم يكشف عن اسمها في الخدعة، وحوّل الأموال، بعد مكالمة هاتفية اعتقد أنها جاءت من رئيسه في الشركة الأم الألمانية.
وتمكن المحتالون من خلال إمكانات وبرامج تقنية من محاكاة صوت المدير الألماني وأسلوب حديثه بطريقة مقنعة، لدرجة أن المسؤول التنفيذي لم يراوده أي سبب للشك في عملية التحويل التي طُلبت منه.
وحذر خبراء أمنيّون الليلة الماضية من أن القضية أظهرت أن المحتالين قد بلغوا إمكانات تتيح لهم «أعلى درجات التزييف»، ومن ثم لم يعد هناك حدّ أو نهاية للطرق التي يمكن من خلالها الاحتيال على الأشخاص باستخدام هذه التقنيات.
ووفقاً لخبراء أمنيين، تطورت خلال السنوات الماضية برامج تزييف عميق على درجة عالية من التعقيد، تحاكي الأصوات، أو تتلاعب بمقاطع الفيديو، وسط التقدم الهائل الذي تشهده تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتروي قصة مسلسل The Capture، من بطولة هوليداي غراينغر وكالوم تيرنر، كيف استُخدمت لقطات فيديو التقطت من خلال إحدى كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة (CCTV) التي توضع لمراقبة الشوارع وحركة المرور، وعولجت للإيقاع بجنديٍّ بريطاني بتهمة قتل محاميته.
ويحذر خبراء من أنه سيكون من المستحيل قريباً التمييز بين الصوت والفيديو الحقيقي منهما من المزيف.
وقد تبيّنت الإمكانات المقلقة لتلك التكنولوجيا في وقت سابق من هذا العام، عندما نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقطع فيديو مُعالجاً على تويتر، بدا أنه يظهر نانسي بيلوسي، المتحدثة باسم الحزب الديمقراطي الأمريكي في مجلس النواب، تتعثر وتخطئ في كلماتها خلال حديث لها في مؤتمر صحفي.
كيف اكتُشفت الخدعة؟
وفيما يُعتقد أنه المرة الأولى التي تستخدم فيها تقنية التزييف العميق للاحتيال على إحدى الشركات، أُبلغ المسؤول التنفيذي في المملكة المتحدة بإجراء التحويل المصرفي إلى حساب مصرفي هنغاري على الفور، بداعي أنه كان دفعة عاجلة ينبغي تسديدها.
وأُخبر المسؤول التنفيذي أن الأموال سيُعاد تحويلها في اليوم التالي، لكن عندما أتي اليوم التالي ولم يصل السداد، بدأ يرتاب في الأمر.
وتضاعفت شكوكه عندما جاءت مكالمة هاتفية ثانية من رئيسه، المدعو يوهانس، من رقم هاتف نمساوي وليس ألمانياً، ليطلب منه مرة أخرى إجراء تحويل مالي.
لكن عندما تلقى مكالمة هاتفية ثالثة، في الوقت نفسه الذي كان في اتصال مع مديره يوهانس الحقيقي، تأكدت شكوك المسؤول.
وقال المسؤول التنفيذي في المملكة المتحدة: «بمجرد التحدث إلى يوهانس الحقيقي، أصبح من الواضح بالنسبة إليّ أنه لم يكن يعرف شيئاً عن المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني التي تلقيتها. وبينما كنت أتحدث مع يوهانس على هاتفي المكتبي، دقّ هاتفي المحمول بمكالمة من يوهانس (المزيف)، والتي تجاهلتها».
وأضاف: «بعد أقل من دقيقة من انتهاء المكالمة مع يوهانس، اتصل يوهانس المزيف مرةً أخرى، كان الصوت متطابقاً، ولكن حالما سألت من كان يتصل انقطع خط الاتصال».
«خطر حقيقي»
وقالت شركة التأمين Euler Hermes، التي غطت المبلغ المالي الذي احتيل على المسؤول فيه، إن المجرمين لم يتم التعرف عليهم.
ولفت فيليب أمان، رئيس الوحدة الاستراتيجية في «مركز الجرائم الإلكترونية في وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول)»، إلى أن ثمة محاولات مماثلة للاحتيال جرت بالفعل، لكن لم تُكتشف أو لم يُبلغ عنها.
من جانبه قال البروفيسور أنتوني جلييس، مدير «مركز دراسات الأمن والاستخبارات في جامعة باكنغهام»: «هذا خطر حقيقي يُنذر بتهديدات مُلحّة وراهنة».
وأضاف: «ما يثير القلق بشكل خاص، أننا كنا قد اعتقدنا لزمن طويل أن الأصوات وسيلة على درجة عالية من التمييز، لكن المستويات التي تبلغها تقنية التزييف العميق هذه تُظهر أن حتى الأصوات يُمكن تزييفها».
وإذا كان الحال كذلك، فليس ثمة حد أو نهاية للطرق التي يمكن الاحتيال على الأشخاص من خلالها. لقد وصلنا إلى أقصى درجات التزييف، وفي الوقت الحالي، يبدو أن المحتالين سبقونا إلى هناك أولاً. ونحن بحاجة الآن إلى مطاردتهم واللحاق بهم».
وقال ريف بيللينغ، كبير الباحثين في شركة Secureworks للأمن السيبراني: «إن التزييف العميق هو بلا شك أداةٌ أخرى يمكن أن تضاف إلى الترسانة الإجرامية، ومن ثم على الشركات تصميم أنظمة أمنية تعترف بهذا التهديد وتبدأ في مواجهته».