يحتاج الشباب إلى مواساة تحترم عقولهم !!!

 نايل هاشم المجالي

ان الشباب هو ربيعنا فمثلما لا خير في ارض ربيعها خريف كذلك لا خير في أمة شبابها كهولة ، فإذا كان الشيوخ هم خريف حياتنا فالشباب ربيعها ومن حقنا ان ننعم به متفجرا ًمن اعماقنا ، كما ننعم بالربيع متفجراً من احشاء الارض فعلاً لا قولاً ، فعلينا ان لا نحوّل هؤلاء الشباب البلابل الى غُربانا .

ان ثروة الشباب هي في صفاء بصرته وبصيرته وفي مضاء عزيمته والتي لولاها ما سار مركب في بحر ولا شيد حجر فوق حجر ، وبهم تتجدد الحياة من يوم الى يوم بابداعاتهم وافكارهم .

ولهذا علينا ان نعطي الاهتمام بالشباب ، وكلنا يعلم ان الشباب مؤخراً يواجه كثيراً من الصعوبات والتحديات التي اضعفته وزعزعته ، فأصبحوا يتخبطون في الدروب كالقشة تحملها الامواج المتلاطمة لا مرسى لها وتتقاذفها الامواج يمنةً ويسرةً.

فبين سندان الفقر والبطالة ومطرقة الهجرة التي اصبحت ميسرة يعيش الكثير من الشباب في حالة يأس فاقدين الامل في تحقيق حياة افضل ، ما دام ليس له ظهيراً او واسطة تقف خلفه .

في حين قرر البعض اخذ زمام المبادرة والمغامرة ليسلك رحلة مجهولة المصير ليبيع اغلى ما يملك ليهاجر الى اي دولة تقبل به ، رغبة منه في تحقيق حياة افضل بعد ان اصبحت التكنولوجيا تسيطر على اوقاتهم وتزيد من بطالتهم .

فأصبحت هذه الازرار تسيطر على حياتهم وتقتل طاقاتهم وتشكل في كثير من الاحيان مخاطر عليهم ، بوجود تنظيمات متطرفة تعمل على صيد الشباب فاقدي الامل في حياة افضل في اوطانهم ، وكثير من الشباب اصبح لديهم شعور بأن الحياة اصبحت غير آمنة ، واصبح يبحث الواحد فيهم عمن يواسيه بحيث تكون المواساة تحترم عقولهم .

فلقد اصبح التفكير في صناعة الحياة يشبه النقش الحر على الصخر او بالاظافر احياناً ، لشدة وكثرة التقلبات والمتغيرات والازمات المتسارعة والتي جميعها ليست في صالح الشباب ، ولا المواطن الذي اصبح الهدف الوحيد من سياسة الاصلاح من خلال تحميله كافة الاعباء لسداد العجز المالي في الموازنة العامة للدولة ، واصبحت الحياة مع تزايد التراكمات السلبية والصعوبات تمنحه شعوراً عميقاً باليأس والقلق والخوف الذي ان لم يحسن تدبيره والتعامل معه بحكمة وعقلانية فانه سيقودهم حتماً الى احضان الانحراف والهمجية .

ولقد اصبح مفهوم الأمان يأخذ مفهوم النوم والانطواء والجمود ، وبمعنى أصح شيخوخة مبكرة للشباب ، فالشباب والمواطن عليه ان يتقبل عنصر المفاجأة بين لحظة واخرى ومن سياسات الحكومات المتعاقبة ، واصبح العمل في ظل زيادة الضرائب والاسعار بمثابة اقتحام عتمات المجهول .

فعلى الشباب والمواطن اختيار نوعية العبودية التي يرغبها بين الاستسلام للامر الواقع ويبقى دخله من عمله يذهب غالبيته ضرائب وخلافه لسد العجز المالي ، او ان يختار الشيخوخة المبكرة فهي بمثابة عبودية مبكرة .

فالشباب أصبحوا بلا اي ضمانة بالمستقبل ولا يوجد هناك اية ضمانات بذلك ، اي اصبح الشباب بلا رعاية ولا عناية ولا وصاية ودون خطط مستقبلية او تنظيم لمسار حياته .

فالكثير من الفرص اصبحت ضائعة في ظل وجود عمالة وافدة تنافسه في كل شيء ، وفي ظل مشاريع مجهضة وافكار لا تكتمل واحلام مبتورة ولا مساحة لحرية الحركة ، واصبح العاقل فيهم يتروى والجاهل يؤكد واصبح طموح الكثير منهم هو البقاء على الحياة فقط بأي ثمن. فأين الاستراتيجيات الكثيرة التي اعدت لهم ، واين المشاريع التي وعدوا بها ، واين هي التنمية الحقيقية لمناطقهم ، اما المتفائلين من الشباب فلم يكن لهم اي خيار في وطنهم سوى استثمار طاقتهم الحيوية متجاوزين ثقافة العيب ، وقابلين بأي راتب يتقاضوه دون خجل .

فهذه الطاقة هي التي تدفع بهم لاقتحام ادغال معترك الحياة ، بحثاً عن لقمة العيش نحو العمل والعطاء والانتاج ، فهناك امكانية ومرونة بالشغل والقبول بالعمل اياً كان الاختصاص .

فالارض التي نقف عليها لم تفقد بعد سكونها فهي بحاجة لسواعد الشباب ليعمروها ويزرعوها بدلاً من الموت السريري ، وحتى لا نسمح لأي كان ان يرفع الاجهزة الطبية الداعمة للحياة .

لذلك لا بد للشباب من الانفتاح على آليات الفكر والعقل التواصلي لكافة أنواع العمل في ظل وجود التمويل لغايات التدريب والعمل .

Nayelmajali11@hotmail.com