البدري يكتب: أمرأة واحدة لا تكفي .. !!


منذ أن دخلت تلك السيدة الفاضلة انعام المفتي سلك العمل الوزاري، فاتحة الباب أمام طابور من النساء ممن إعتلين سدة الوزارة على مدى ثلاثة عقود من الزمان .. ونحن نسأل أنفسنا.. هل مبدأ توزير المرأة يأتي من باب الكوتا و(ركن المرأة) .. الذي امتد محدوداً على صفحات الصحف الاردنية لسنوات من باب إعطاء المرأة دوراً حيوياً فاعلاً في العمل العام .. او أنه شهادة حسن سلوك للدولة المنفتحة التي تعطي للمرأة ذات الدور النافذ أمام الدول المانحة والمساعدات الخارجية وصناديق النقد ومؤسسات الاعتماد العالمي..!؟

ثبت ان إختيار المرأة.. أي إمرأة في الحكومات المتعاقبة تحت شعارات التمكين ومقاومة النظرة الجندرية الضيقة، لم يكن الا محض محاولات بائسة لتقديم أنفسنا للعالم بتلك الصورة الزاهية البهية لاستجلاب مزيد من التقدير العالمي لتجربة حكومات التعددية والرقص على إيقاع صورة المرأة المضطهدة في الشرق الأوسط ..!

وإلا فكيف يتم اختيار المرأة في حكومات لم تستطع إنصاف المرأة الاردنية في الريف والبادية .. وفي بلد ما زالت دوائر الطب الشرعي فيها تشهد طوابير أخرى من الفتيات اللواتي يخضعن لفحص البكارة ، والعنف الأسري ضد النساء ، والتحرش على أبواب المدارس وفي الشركات الخاصة، وآلاف السيدات اللواتي يتقدمن طوابير الاقتراض من الغارمات فيما رجال(بشنبات) يقفون في خلفية المشهد..!؟

حقق الاردن تقدما ملحوظاً في مؤشرات تقليص الفجوة الجندرية على مستوى العالم .. لكنه أخفق في تقديم آلية فاعلة في الاختيار.. كما فشل أيضاً في آلية إنتقاء نظرائهن من الرجال .. حيث الاختيار القائم على المعارف والأصدقاء وسيدات المجتمع فيما سيدات المدن البعيدة عن عمان وعن عيون الرؤساء المكلفين .. لا وجود لهن .. حتى أولئك النساء اللواتي اثبتن نجاحاً في بناء أسرهن ومجتمعاتهن في بني حميدة والأغوار وقرى الشمال والجنوب.. وأسسن مشاريع إنتاجية ناجحة وحققن مراكز علمية ومهنية مِبدعة..
لم يكن لهن أي حضور عابر في ادمغة السادة الرؤساء..

وبالرغم من النجاح الكبير لبعض من الوزيرات في قطاعات مختلفة .. الا ان مشاركة المرأة في الحكومات الأخيرة على مدى عقدين لم يأتي الا مبتذلاً متسرعاً ، دون النظر للإمكانات والقدرات ، اللهم الا ب(شوية) اللغة الإنجليزية التي شكلت جواز سفر للسيدات الوزيرات الى مناصبهن الحكومية ، وكثير من القرابة لمسؤولين من الرجال او صداقات يعرفها المجتمع العَمَّاني جيداً..

سبع وزيرات (بعين الحسود) في حكومة الرئيس ماذا قدمن ..؟تصريحات مرتجفة لبعضهن، وكثير من النصائح للمواطن بضرورة اعادة فهم علاقته بوطنه ، وبعض من السجاد الأحمر في صحراء..فيها من النساء العاملات ممن يستحقين نظرة أعمق وأفضل من اصحاب الاختيار ..!!
إذن أين المرأة الاردنية التي حوصرت بادوار التنمية الاجتماعية والسياحة ومؤخراً في الطاقة(الإيجابية) و(الكلام الحلو) وفي التخطيط حيث لم نخطط لشيء سوى الظهور المسرحي الاستعراضي أمام العالم..!
أين وزارات الفرح والسعادة لنضع لها وجهاً أنثوياً مبتسماً يقوم عليها.. !؟

انعام المفتي رحمها الله كانت وزيرة في حكومة رجال أيام العز، وقبل محاولاتنا البائسة لتقديم تلك الصورة الكرتونية أمام العالم.. خولة العرموطي كانت رجلاً في وقت عز فيه الاداء النسائي في حكومات (الشنبات).. لينا عناب التي عززت مفهوم الأجواء المفتوحة ،نجحت .. اسماء أخرى عديدة من أردنيات قدمن رؤيتهن للعمل العام بانصع ما يكون الاداء.. أما أخريات فمررن كما مر رجالٌ من أعضاء الحكومات دون بصمة تُذكر..!

اغرب في مشهد التشكيلات الوزارية على السنوات الماضية .. ذلك الحرص (الزائف) لرؤساء الوزارات على إظهار نهج التعددية والمساواة والعدل الاجتماعي دون النظر لنوعية المشاركة النسائية التي هي بالفعل ضرورة قصوى بعيدا عن المجتمع الدولي والبنك الدولي..!

الغريب ان لجان وتجمعات المرأة كانت ترحب دوماً بفتح الباب لعدد اكبر من السيدات بدون الالتفات لنوعية الاختيار..

لقد قوبل انحياز جلالة الملك التاريخي لإشراك المرأة في صناعة القرار والعمل العام

بفشل ذريع في الاختيار من قبل الرؤساء المكلفين .. فوزيرة تأتي لكونها من المجتمع المُخملي الذي يعرفه الرئيس او زوجته .. وأخرى تتقدم الصفوف كونها من عائلة مخملية امتهنت الوزارة .. وثالثة ورابعة ..كونها مرت على (شاشة رادار) الرئيس المكلف بشركة او مؤسسة او ترشيحِِ من مُحب..!!

العدد..!! فقط العدد، كان يشكل (مانشيت) تتسابق اليه أعمدة الصحافة لنشرها وتداولها كإنجاز ..!خمسة في عهد النسور ..أربعة في عهد الملقي، سبعة في عهد الرزاز.. ووتضخم الأعداد في التعديلات المتتالية .. والرقم فقط هو المهم بالنسبة لمستعرضي الأرقام.. أما عن الجوهر ، ف(يفتح الله)..!

من يعرف جميلة شتيوي التي ناضلت وهي الأم والمزارعة لإكمال دراستها بعد فشل تلو فشل، بسبب الإمكانات وقلة الحيلة والنظرة الذكورية في مجتمعها المحلي ، لتتبوأ مكانة في سياحة الكرك بعد ذلك .. من كان يمكن ان يرشحها لرئيس.. !؟ هي وأخريات في عموم البلد بعيدات عن العين وعن القلب ..!!

المرأة الاردنية لم تَعُد رهينة (ركن المرأة) وبرامج الأُسرة والنواعم في التلفزيون فيما برامج الرجال و(الشوارب) تستبيح الفضاء..!
الخلاصة والدروس المستفادة على حد تعبير (وزير النهضة) بعد حادثة جامعة اليرموك .. أنَ أُسس الاختيار لمناصب العمل العام للمرأة كما للرحل ، ما زالت محصورة في آليات الشخصنة ،والمُريدين والأحباء والأصدقاء الذين تعودنا ان نتناول معهم العشاء الأسبوعي في مطعم صيني غرب عمان .. قبل ان نُصبح رؤساء للوزارة..!!