المثقف الأصيل ... والمثقف المقلد !!!
نايل هاشم المجالي
لا يمكن بأي حال من الاحوال الاتفاق على وجود علاقة ثابتة ومستقرة بين المثقف والجهات الرسمية ، او الخاصة او اي قطاع آخر , والتي تبحث دوماً عن مصالحها على حساب الاخرين .
لذلك يكون دوماً هناك اشتباك بين تحقيق هذه المصالح على حساب المواطن مع حقوق في ضوء امكانياته وحق وجوده ، فالمثقف لديه افكار ومؤهلات حصل عليها بالعلم والخبرة والتجربة , تؤهله وتجعله يمارس نوعا من الوظيفة الحيوية في الوجود الاجتماعي في المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها.
فهناك سياسة ثقافية يمارسها المثقف ويتعرض بسببها الى العديد من الاغراءات ليجاملها ويحابيها وبالتالي يخون رسالته ، فالمثقف هو الجانب الآخر من الحقيقة ومصدر الاستشراق التي تدخرها الشعوب لتذود الشرور عن مواطنيها وتوعيتهم لما يجري من حولهم .
فهناك دوماً من يسعى الى إلغاء دور المثقفين في اداء رسالتهم الوطنية فهو ينوب عن شريحة اجتماعية معينة في مكان اتخاذ القرار على غرار النائب البرلماني ان صدق الفعل , وهو يختص بالذكاء والفكر والقدرة على التحليل والمنطق ويمتلك مهارة الحوار العقلاني , وواعٍ سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ويتميز بالممارسة النقدية والالتزام الاجتماعي الخلقي. فهو يتمسك بقيم عليا مثل العدالة والاستقلالية وعدم الارتباط بقيود تحد من تفكيره او توجه مسار افكاره ، مهما كانت تلك الافكار أو المغريات وهو يمثل الفئات الشعبية والاغلبية الصامتة في مقاومة اية ممارسات تجور على حقوقهم او تضر بمصالحهم اي قرارات تعسفية اياً كان مصدرها , فهو لا يسعى الى الربح او السلوك الاناني او يسعى للحصول على منصب او طمعاً في جزاء ، بل يسعى الى تنمية قدراته الذهنية وتهذيب ملكاته العقلية والنفسية فهو مفكر .
فهناك من المثقفين من هو مأجور ليلصق بنفسه صفة الوعظ والارشاد والتبشير ليبحث عن الشهرة والكسب والصعود الى المراتب العليا رسمية وقطاعا خاصا للشركات او متعصباً لجهة ما ليلفت , الانظار إليه ليكسب ود الناس على أنه مصلح ومحارب للفساد والمفسدين , ومثل هذه الشخصيات الثقافية جعل مهنة المثقف تتدحرج الى مرتبة الحضيض .
واختزلت صورته المشرقة الى مهنة مجهولة الهوية , لذلك نجدهم يتنطحون في المجالس وعلى الفضائيات بإيراد وثائق عفا عنها الزمن تدين حكومات ورجال دولة ورجال وشركات وغيرها , في محاولة منه لإثبات موجوديته الاصلاحية , وان بحثت في تاريخه تجد انه من اصحاب الاسبقيات بالانتهازية والاستغلال . فروح الابتكار التي يجب ان يتصف بها المثقف المتزن يستغلها المثقف المسيء لتحقيق مكاسبه في معايير غير اخلاقية.
فخيانة المثقفين تبدأ حينما تظهر عليه علامات حب الربح والبحث عن المناصب والسلوك الانتهازي والانتفاعي والتعصب للمعتقدات والسقوط في التبرير وتغلبها على الوعي النقدي واستهتاره بالقيم التقدمية وبلوغه حالة الافلاس الاخلاقي. فهو لا يمثل الا نفسه وهو الاقل نفعاً للناس ، ويتحالف مع المسيئين اصحاب الاجندات الخاصة , ويدعي امتلاك القوة الداعمة لتحقيق كل ما يريده , وهو مثقف سلطوي يسعى لخطف الغاية السليمة من المثقف الوطني الملتزم المتزن .
Nayelmajali11@hotmail.com