بشوكولاتة كالبطاطس.. انتصرت أميركا في الحرب العالمية
مع تزايد حدّة التوتر على الساحة الأوروبية بسبب التجاوزات الألمانية وخرق النازيين لبنود معاهدة فرساي واجتياح الإيطاليين لأثيوبيا، تخوّفت الإدارة الأميركية خلال ثلاثينيات القرن الماضي من إمكانية اندلاع نزاع عالمي جديد قد يجبر الولايات المتحدة على التدخّل به.
وأمام هذا الوضع، اتجه الأميركيون لاتخاذ جملة من الإجراءات استعداداً للأسوأ. وعلى حسب كثيرين، مثّلت عملية توفير وجبة خفيفة وسريعة للجنود على الجبهة إحدى أهم المشاكل المعقدة التي أقلقت المسؤولين العسكريين بالجيش الأميركي.
سنة 1937، اجتمع الكابتن بالجيش الأميركي بول لوغان (Paul Logan) بعدد من المسؤولين بشركة هيرشي (Hershey Company) المصنفة كواحدة من أهم مصنّعي الشوكولاتة بالعالم. وخلال هذا اللقاء الذي شارك فيه ميلتون هيرشي (Milton S. Hershey)، صاحب المؤسسة، تحدّث بول لوغان عن رغبة الجيش الأميركي في الحصول على ما يعرف بـ"وجبة طوارئ"، أو حصّة طعام طوارئ، تكون عبارة عن قطعة شوكولاتة لا يتعدى وزنها 4 أونصات غنية بالسعرات الحرارية والطاقة وقادرة على تحمل درجات حرارة مرتفعة ويكون طعمها أفضل بقليل من البطاطس المغلية. وأصّر الخبراء العسكريون الأميركيون على هذه المواصفات لتجنّب إدمان الجنود على "وجبة الطوارئ" وإجبارهم على استهلاكها عند الحاجة فقط.
انطلاقاً من ذلك، أنتجت شركة "هيرشي" ما تم تسميته بـ"D ration bar" التي كانت خليطاً من الشوكولاتة والسكر وزبدة الكاكاو ومسحوق الحليب منزوع الدسم ودقيق الشوفان.
بسبب احتوائها على الدهون والشوفان كانت هذه الشوكولاتة المقدر وزنها بأربعة أونصات أشبه بقطعة طوب صلبة سيئة المذاق. وعلى إثر تصميمها لتحمّل درجات حرارة عالية، كان من الصعب على الجنود قضمها بأسنانهم لتناولها فأجبروا بدلاً من ذلك على استخدام حرابهم لتقشيرها كقطعة البطاطس والحصول على شرائح رقيقة منها.
رغم ذلك، حققت قطعة شوكولاتة D ration bar نجاحاً باهراً حيث لبّت جميع مطالب المسؤولين العسكريين الأميركيين الذين زوّدوا أفراد الجيش الأميركي بالملايين منها. لكن، بسبب احتوائها على كميات كبيرة من الكاكاو سببت هذه الشوكولاتة الإمساك للجنود، فضلاً عن ذلك تذمّرت شركة "هيرشي" من مذاقها الرديء وتخوّفت من أن يسيء ذلك لسمعتها مستقبلاً.
سنة 1943، طالب الجيش الأميركي شركة "هيرشي" بالحصول على وصفة شوكولاتة أخرى ذات مذاق أفضل وقادرة على تحمّل درجات الحرارة المرتفعة بالمحيط الهادئ فظهرت بناءً على ذلك "شوكولاتة هيرشي الاستوائية" (Hershey's Tropical Bar) التي كانت قادرة على الصمود لساعة كاملة أمام حرارة تخطت المائة درجة. واحتوت هذه الوصفة، إضافةُ لمكوناتها السابقة، على الفانيلين (vanillin) والثيامين (thiamin) لمجابهة خطر تعرض الجنود لمرض البيريبيري (beriberi).
خصصت شركة "هيرشي" 3 طوابق من مصنعها لتمويل مجهود الحرب في خضم هذا النزاع العالمي الذي استمر بين عامي 1939 و1945 وأنتجت طيلة سنوات الحرب نحو 3 مليارات قطعة شوكولاتة للجيش الأميركي لتحصل بذلك على جوائز قيمة من الإدارة الأميركية. فضلاً عن ذلك، لعبت هذه الشوكولاتة دوراً هاماً في تحفيز الجنود الأميركيين خلال الحرب وخاصة قبيل إنزال نورماندي يوم 6 حزيران/يونيو 1944 حيث تناول الأميركيون كميات هامة منها قبل وبعد نزولهم على الشواطئ الفرنسية.