أخطر ما في أزمة المعلمين

 بلال العبويني

من دون شك ثمة مؤشرات سلبية يستوجب التأشير عليها فيما تعلق بالأزمة الراهنة بين نقابة المعلمين والحكومة، وهي مؤشرات قد تأخذ أبعادا تتجاوز المعلم والحكومة بالمناسبة.

لذلك، السؤال هنا، ماذا لو لم تستطع النقابة الاستمرار بالإضراب وعاد المعلمون إلى الغرف الصفية دون أن يحققوا شيئا من مطالبهم؟، ما أثر ذلك على العمل النقابي والحزبي وعمل مؤسسات المجتمع المدني ككل؟، بل وما هو أثره على الحكومات اللاحقة، وعلى الدولة؟.

ما يجب التأكيد عليه أن تحسين واقع المعلم حق، وليس هنا أي مجال لإنكار ذلك، غير أن ما يمكن أن يقال بكل حيادية اليوم أن النقابة أخطأت باللجوء سريعا إلى آخر الطريق بالإعلان عن الاضراب المفتوح دون التدرج بالإضراب، كإضراب ثلاث حصص ثم يوم والعودة للتدريس، ثم اضراب يومان أو ثلاثة مع استمرار الحوار وهكذا.

وفي الوقت ذاته، أخطأت الحكومة كثيرا في إدارة الأزمة، والظهور بمظهر المنكر لوجودها بعدم احتواء رئيس الوزراء تحديدا الأزمة منذ البدء بالجلوس إلى ممثلي المعلمين وشرح الواقع المالي المرير للدولة والحديث بشفافية أن الواقع المالي لا يسمح بأي زيادات على الرواتب.

لذلك، فإن عودة المعلمين إلى غرفهم الصفية دون تحقيق ولو جزء مما يطالبون به، سيؤثر من دون شك على العملية التعليمية، لأنه عند ذاك لن يكون بمقدور المعلم الوقوف منكسرا أمام طلابه، ولن يكون بمقدوره تقديم ما هو مأمول منه من عطاء، لأن البعض منهم قد يكون أمام خيار "فشة الغل" بما يستطيع به "فش غله" وهو بالتقاعس عن أداء الدور المطلوب منه.

كما أن عودة المعلم إلى الغرف الصفية دون أن يحقق جزءا مما طالب به، سيكون أثره سلبيا على عمل النقابات وسيضع حق الاحتجاج والاعتراض على المحك، عندما تتخلى قطاعات مهمة في الدولة عن المطالبة بحقها إذا ما ترسخت لديها قناعة بعدم تحقيق ولو جزء مما يطالبون به، وبالتالي فإن العمل النقابي والحزبي والأهلي سيظل على محك الانكسار المسبق، وذلك ليس إيجابيا بالتأكيد وإن بدا كذلك للمؤسسات الرسمية.

وأيضا، إن استمرار الاستعصاء على حل الأزمة او الوصول إلى تفاهمات فيها، من شأنه أن يزيد الأمور سوءا تحديدا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما حدث في مسيرة معلمين في الكرك والذي يشير العدد إلى أن كل المشاركين فيه لا يمكن أن يكونوا معلمين فقط، وبالتالي فإن المحظور قد يقع بالحاضنة الاجتماعية التي يحظى بها المعلم، والتي قد تقود لا سمح الله إلى حراك يدخل البلاد في أزمات نحن في غنى عنها، عندها سيكون تعنت الحكومة سببا مهما في ذلك، لأن مؤشرات الرضى على أدائها قد تدفع الناس للنزول إلى الشارع مدفوعة بطريقة التعامل السلبي مع قضية المعلمين.

اليوم أو غدا سترحل حكومة الرزاز، فهل بمقدور الحكومة اللاحقة أن تفكك الألغام المزورعة في طريقها، أعتقد أن الأمر سيكون مستحيلا، لذا ما ينبغي أن يحدث أن تتقدم حكومة الرزاز خطوة إلى الأمام باتجاه الوصول لتوافقات مع نقابة المعلمين، وليس هناك ضير في أن يجلس رئيس الوزراء مع نائب نقيب المعلمين لإنهاء الأزمة ومنعا لحدوث أي من التداعيات سالفة الذكر.

القضية اليوم، لم تعد المعلم والحكومة، لذا فإن الحكمة مطلب ملح هاهنا، وتحديدا من الحكومة التي يجب على رئيس الوزراء أن يبادر كرجل دولة، لحماية البلاد والعباد من الوصول إلى المحظور، لأنه عند ذاك سنرسب جميعا في الامتحان المفصلي.