تصريحات وزيرة الطاقة
د. أيّوب أبو ديّة
عبر مشاهدة مقابلة مع وزيرة الطاقة هالة زواتي يستطيع الإنسان أن يستدل من خطابها بضعة أمور، منها أن الأردن قد كهرب الريف بمجمله بنسبة نحو 99%، وهذا إنجاز حدث منذ سنوات عديدة جداً، ومما لا شك فيه أنها إنجازات تسجل لشركة الكهرباء الأردنية ابتدأ من إنارة شوارع عمّان قبل أكثر من ثمانين عاماً بواسطة ماتورات. ويستحق الأردن أن يكون من الدول الرائدة في الشرق الأوسط من حيث وصول مساهمة الطاقة المتجددة إلى 12% من كمية الكهرباء المنتجة حالياً، فيما من المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 20% نحو عام 2020 وبخاصة من طاقتي الشمس والرياح، حيث سوف تبلغ قدرة إنتاجهما 2400 ميجاواط بحلول عام 2020. وهذا لا شك يجعل من الأردن دولة رائدة في الشرق الأوسط، ربما بعد المغرب التي حققت انجازات أفضل في السنوات الأخيرة حيث وصلت اليوم نسبة مساهمة الطاقة المتجددة 40% من مجمل إنتاج الكهرباء وتطمح إلى أن تكون مساهمة الطاقة المتجددة 52% من كهربائها المنتجة عام 2030.
ومن اللافت أيضاً في تصريح الوزيرة أن الطاقة النووية لن تنتج كهرباء لغاية عام 2030، أي أنها لن تكون ضمن الاستراتيجية الوطنية للطاقة؛ وهذا كلام جميل يلغي وعود هيئة الطاقة الذرية بإنتاج الكهرباء النووية مبكراً في عام 2015، ثم زحف هذا الهدف إلى الأعوام 2020، 2022، 2025. ويبدو أن الوزيرة أنهت هذه "المسرحية" التي طبّلت لها وزمرت بعض الأقلام بقولها إن الطاقة النووية ستظل في مرحلة البحث والتطوير حتى عام 2030. وهذا التصريح على الرغم من أهميته وإنهائه لبعض الجدل الذي طالما تحدثنا عنه ولكنه لا يكفي، حيث ينبغي أن نكون أكثر وضوحاً ونقول إن البحث والتطوير سوف يتم عبر جامعة العلوم والتكنولوجيا ، ومن خلال المفاعل البحثي الموجود هناك وبإشراف هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن التابع لوزارة الطاقة. وهكذا لن يعود هناك أي مبرر لوجود هيئة الطاقة الذرية واستمرار استنزافها لخزينة الدولة.
أما حديث الوزيرة عن الصخر الزيتي وأن هناك أربعة مشاريع تسعى لتقطير الصخر الزيتي، أحدهما يبحث عن التمويل، فهذا جيد ولكن ذلك مشروط بألا ينخفض سعر النفط عما هو عليه اليوم كي يكون الاستثمار ممكناً، رغم أننا نشك بذلك لأن تكلفة الطاقة المتجددة أصبحت منافسة أكثر بكثير، كما أن إنتاج الغاز الوفير وفر مصدراً للطاقة أكثر استدامة وأقل تكلفة وتلويثاً للبيئة.
ولكننا نتساءل أيضاً لماذا أهملت الوزيرة مشروع العطارات واستثمار 2.2 مليار دولار في الأردن واقتراب الشركة من إنتاج الكهرباء من محطتين قدرة كل منهما 276 ميجاواط؟ فقد كنا نأمل أن تقول الوزيرة أننا في صدد التفاوض مع ممولي المشروع من صينيين وماليزيين وإماراتيين وغيرهم للتوسع في هذا الإنتاج ضمن خطة إستراتيجية طويلة الأمد لخلق فرص عمل جديدة ولخفض تكلفة إنتاج الكهرباء، لأن أي محطة إضافية جديدة سوف تخفض من التكلفة على الأقل 25-35% وذلك لوجود البنية التحتية جاهزة في المشروع.
وأخيراً تحدثت الوزيرة عن أهمية منافسة الطاقة المتجددة لمصادر الطاقة الأخرى وعن أهمية التوليد والتخزين للأردن في المستقبل. وكلنا أمل أن يتم التوسع في الحديث عن تخزين الطاقة المتجددة لأنها هي محور الاستدامة في مجال الطاقة حيث تتطور الآن تقانات التخزين وباتت تسمح بتخزين الطاقة من الشمس والرياح لغايات استخدامها عند الحاجة بأسعار معقولة.
وأخيراً، هناك قضية أخرى غابت في المقابلة متمثلة في القدرة على تصدير الطاقة الكهربائية إلى دول الجوار، ربما عبر اتفاقيات جديدة، للتخلص من مشكلة فائض الإنتاج الذي يعاني منه الأردن حالياً والذي سوف تتعمق مشكلاته في العامين القادمين بدخول مشاريع طاقة متجددة أخرى ومشروع الصخر الزيتي في إنتاج الطاقة الكهربائية. إذاً، هناك أولويات مهمة هي تخزين الطاقة المتجددة وتصدير الطاقة الفائضة إلى دول الجوار أو ضخها في تطوير مشروعات وطنية وبنية تحتية للنقل العام واحياء الصناعة... الخ، إذ ينبغي أن تكون هذه المهمات على سلم أولويات أي حكومة قادمة ترغب في خفض تكلفة الكهرباء وتسويقها جيداً لدعم الاقتصاد الوطني.