المجالي: الحراك منضبط ولا أحد يستطيع نسف أردنية آخر

ما يُهرب من المعابر نقطة في بحر ما يهرب من غيرها

 يجب عدم ترك الملك يقاتل على كل الجبهات لوحده

المسؤول النظيف لا يتردد في اتخاذ القرار

على نقابة المعلمين والحكومة التعامل مع القضية بحكمة

الضرائب المباشرة وغير المباشرة تثقل كاهل الأردنيين

على السلطة التنفيذية أن لا تكون بخيلة في سعيها لجذب الاستثمار

لا انتخابات عصرية دون أحزاب جماهيرية

الأنباط – عمان - بلال العبويني

وصف عضو مجلس الأعيانحسين هزاع المجاليالوزارات والمؤسسات التابعة للحكومة بـ الـ "جزر المعزولة” في إشارة إلى أن كلا منها يعمل بمعزل عن الآخر، ما يؤدي إلى سوء التنسيق بينها وبالتالي ضعف الإنجاز.

واستدرك المجالي، الذي شغل سابقا منصب وزير الداخلية في حكومة الدكتور عبدالله النسور، بقوله "بل إن هناك مؤسسات تعمل ضد بعضها البعض، وأخرى تسعى للتسابق في تسجيل إنجازات على حساب أخرى ما قد يسبب في بعض الأحيان فشلا وتعطيلا لإنجازات في ملفات أخرى.

وقال في حوار إن الأردن قادر على أن يعزف على وتر واحد، وسبق أن كانت كلمؤسسات الدولةفي انسجام تام، مؤكدا على ضرورة أن لا يُترك الملك يقاتل على كل الجبهات لوحده، مشيرا إلى أنه "يجب على الجميع العمل على دعمه، عبر قيام الجميع بأدوارهم على أكمل وجه، حتى نتجاوز ما نعانيه من تحديات”.

التوسع في الضرائب يزيد من نسبة التهريب

وقال في تشخيص أداء السلطة التنفيذية إن لديه تحفظات على أدائها جميعا حتى تلك التي كان وزيرا فيها.

وأضاف "في مرحلة الركود فإن المنطق يقول إن علىالسلطة التنفيذيةأن تسعى إلى تسهيل الضرائب والجمارك، وذلك بهدف تخفيف الضغط على المواطنين ما يسمح بتسييل الأموال بين أيديهم لزيادة إيرادات الخزينة”.

وشرح ذلك بقوله "إن التوسع في فرض الضرائب وزيادة الرسوم والجمارك قد يساهم في لجوء فئات في المجتمع إلى حلول بديلة لتوفير السلع عبر التهريب، مشيرا في ذات الوقت إلى أن ما نراه من ضبوطات لتهريب الدخان لا يعد يذكر مع بحر ما لا نره، وما يتم تهريبه من غير المعابر.

وأورد المجالي مثالا على ذلك بقوله: "سائق سيارة عادية، كم من الممكن أن يهرب داخل سيارته دخان؟! أو حتى صاحب شاحنة!!، وهل هذه الضبوطات تتناسب مع ما نسمعه عن دخان مهرب داخل البلاد؟.

ودعا في هذا السياق السلطة التنفيذية إلى ضرورة القيام بدورها عبر تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية وغيرها، وعليها أن تكون شفافة في تعاملها مع المواطنين.

لا حل أمام الحكومات إلا بسياسة الشفافية

وأكد المجالي في حواره مع "جوردن لوو" أن المواطن الأردني جاهز أن يتحمل أصعب القرارات لو شعر أنه يثق بالسلطة التنفيذية وأنها صادقة معه وفي نواياها، مشيرا إلى أنه "لو اتبعت الحكومات سياسةالشفافية والمصارحةمع المواطن كأن تقول له الوضع لدينا هكذا ولا حل لدينا إلا الذهاب بهذا الاتجاه واتخاذ هذه القرارات، لكان الأردني ذهب معها وساندها، غير أن الحاصل هو سياسة التخبئة والتصريحات غير المنضبطة أحيانا والمبررات غير المنطقية والانقلاب على الوعود، هو ما جعل المواطن الأردني غير واثق بالحكومات، وهذا مؤشر خطير ويجب العمل على تجسير هوته”.

ولفت عضو مجلس الأعيان إلى أن الأردني لا يعاني اليوم فقط من الضرائب المباشرة، بل ومن الضرائب التي يتم تحصيلها منه بشكل غير مباشر، كأن يفرض عليه مثلا ضريبة مجاري رغم أنه غير مشترك بها، أو تفرض عليهضريبة جامعاتوليس لديه ولدا أو بنتا تدرس في الجامعات، متسائلا "هل هذه الضرائب تذهب لذات الغاية التي فرضت من أجلها؟!”.

تحديات الاستثمار.. الكرم يجب أن يكون حاضرا

وفي تشخيصه لما يعانيه الاستثمار في المملكة قال إنه يكمن في عدة أمور أولها عدم الاستقرار التشريعي للقوانين ذات العلاقة، وهو ما يجعل المستثمر غير مطمئن على أمواله التي سيضخها في استثماره وغير قادر على رسم خطة طويلة أو متوسطة المدة لمشاريعه ذلك أنه قد يضع خطة على نسبة محدد من الضرائب والكلف التشغيلية ليتفاجأ بعد وقت قصير أن خطته غير مجدية نظرا لتغير القوانين.

وأضاف أنالاستثمار والتشجيع عليهلا ينسجم مع مسؤولين مترددين في اتخاذ القرار، مشيرا في هذا السياق إلى استغرابه من تردد بعض المسؤولين قائلا: "المسؤول النظيف لا يتردد في اتخاذ القرار”.

وفي موضوع الاستثمار أيضا قال يجب أن تكون هناك حوافز مجزية للمستثمرين سواء أكانوا محليين أو أجانب، وهذه الحوافز يجب أن تبدي بها الحكومة كرما لا بخلا، ذلك أننا لسنا الوحيدين في المنطقة الذي يسعى لجذب الاستثمار، فضلا عن أن دولا في المنطقة تقدم حوافز كبيرة للمستثمرين لأنها تعي الفائدة المرجوة من ذلك سواء على خزينتها أو على تشغيل العمالة.

وقال إن "استمرار سياسة التعقيد أمام المستثمر ستجعلنا نراوح مكاننا، بل إنها ستكبدنا خسائر كبيرة مباشرة وغير مباشرة، وهو ما يستوجب إعطاء الملف أولوية مطلقة”.

التشريع والاستهتار بمؤسسة الضمان الاجتماعي

وعن أداء السلطة التشريعية، سجل حسين هزاع المجالي ملاحظات من نوع ضرورة ابتعاد المشرع عنسياسة التشريعلذاته، لأن ذلك من شأنه أن يضرب الثقة بالمؤسسة التشريعية بما لها من مكانة عظيمة.

وتساءل لماذا الاستهتار بمؤسسة الضمان الاجتماعي إلى هذا الحد؟، فالواجب أن تخدم المؤسسات بعضها البعض، مشيرا في ذات السياق إلى ما اعترى مواد في مشروع قانون الضمان الاجتماعي من شبه دستورية، في إشارة منه إلى "ضمان النواب”.

وشدد حيال ذلك على أن مجلس الأعيان ليس ملكا بيد أحد، وهو ينطلق في موقفه الرافض من منطلق المصلحة الوطنية لذلك وقف في وجه المادة ذات العلاقة في مشروع القانون.

وتساءل في ذات السياق، لماذا لم تُضمّن الحكومة المادة المتعلقة بـ "ضمان النوابفي مشروع القانون المرسل من طرفها؟، هل اعتقدت أن مجلس الأعيان سيمرر القانون رغم ما يعتريه من شبهة دستورية ورغم تناقضه مع المصلحة الوطنية، متسائلا أيضا "كيف يمكن لشمول النواب في مظلة الضمان الاجتماعي أن يشجع على الترشح للنيابة؟.

وقال إن ما نسبته 99% من مشروع قانون الضمان الاجتماعي الذي تقدمت به الحكومة جيد، غير أن فقرة في مادة غطت على الإيجابيات عندما ألهت المواطنين بها، وهو ما كان يجب ألا يكون، لأن السلطة التشريعة ظهرت أمام الرأي العام وكأنها تشرع من أجل مصالحها الذاتية.

وكان مجلس النواب أضاف فقرة على القانون تجيز اشتراك النواب بمظلة الضمان الاجتماعي وهو ما لقي اعتراضا من فئات كبيرة في المجتمع، بالإضافة إلى رفض مجلس الأعيان ذلك، ما استوجب اللجوء إلى جلسة مشتركة لمجلس الأمة لحسم الخلاف، فتشكل مزاج لدى النواب بعدم المضي قدما في مطلبهم ما انتهى إلى إلغاء الفقرة موضع الخلاف.

ورأى كثير من المراقبين أن شمول النواب في مظلةالضمان الاجتماعيمن شأنه أن تكبيد صندوق التقاعد في الضمان أموالا كبيرة انطلاقا من أن مكافأة النواب الشهرية تبلغ 3500 دينار، وانطلاقا من أن شمولهم بالضمان يتعارض مع القوانين من ناحية أن مجلس النواب ليس منشأة وأن ما يتقاضاه النواب مكافأة وليس راتبا.

الحاجة لقانون انتخاب عصري وأحزاب غير عائلية

وعن رؤيته للإصلاح السياسي في البلد قال وزير الداخلية الأسبق إنه "لا إصلاح سياسي من دون أحزاب، ولا أحزاب دون فعالية ودون قاعدة جماهيرية”، موضحا رأيه أنه مع دمج الأحزاب المتشابهة في برامجها مع بعضها البعض دون أن يسهم ذلك في انتاج أحزاب عائلية أو أحزاب الشخص الواحد.

وقال إنه يؤمن أنه بات من الضروري العمل على تعديل قانون الانتخاب من ناحية تخفيض العدد، كما أنه مؤمن، وفق ما قال، بضرورة تمكينمجالس المحافظاتدورا وسلطة بحيث يسمح ذلك بأن يتفرغ كل شخص منتخب لدوره وفقا لما رسمه له القانون.

"الأمن الناعم” لم يكن يعني تخلي الأمن العام عن دوره

وعن قضية المعلمين، قال المجالي إن على نقابة المعلمين والحكومة التعامل مع القضية بحكمة، ذلك أن المصلحة الوطنية العليا يجب أن تكون مقدمة على كل شيء، لأنه في النهاية رجل الأمن والمعلم إخوة ولا يكاد يخلو بيت أردني من وجود معلم فيه ورجل أمن أو عسكري.

وعن الحراك السياسي، قال إنه ليس بمقدور أي أحد أن ينزع عن الآخر أردنيته إنلاطقا من موقفه السياسي، فالحراك السياسي هو أردني والقائمين عليه أردنيون بصرف النظر عن موقفهم السياسي طالما ظل الواحد منا يعبر عن موقفه وفقا للقوانين ووفقا للإيمان المطلق بالثوابت الوطنية.

وشرح ذلك بقوله "ليس يعني أنك تعارضني أو تختلف معي في الرأي أنك لست أردنيا”.

وقاد هذا الحديث الحوار لتسأل "جوردن لوو” عن تعامل جهاز الأمن العام إبان إدارة المجالي للجهاز (2010 – 2013) حيث قال في معرض تقييمه لأدائه وأداء الأمن العام "إنه من دون شك، اتخذ قرارات ما كان يجب أن يتخذها، ولو عاد به الزمن إلى الوراء لكان اتخذ قرارات مغايرة، مستدركا في ذات السياق بقوله "إن ذلك ربما يكون عائدا إلى الظرف الذي كانت تمر به البلاد”.

وعلق المجالي على سياسة "الأمن الناعمالتي وصف بها أداء الأمن العام آنذاك "أن ذلك لا يعني أن جهاز الأمن العام تخلى عن مسؤولياته ومهامه المحددة بالقانون، بل إن الأمن العام عمل وفقا للقانون بحماية المواطنين وذلك عملا بالدستور أيضا الذي كفل للمواطن حق التعبير طالما ظل تحت سيادة القانون والدستور”.

وشهدت فترة تولي المجالي قيادة جهاز الأمن العام (2010 – 2013) اندلاع موجة "الربيع العربي” في عدد من البلدان العربية، وكانت الأزمة التي اندلعت في سوريا أكبر تحد تواجهه المملكة على الصعيد الأمني، حيث ارتفعت مطالب الحراك الشعبي الأردني، ليوصف تعامل الأمن العام مع الحراك الشعبي بـ "الأمن الناعم” حيث حراسة أفراد الأمن للمسيرات الشعبية وتقديم المياه أحيانا للمتظاهرين.