الاستيطان بمحيط القدس يبتلع أراضيها تمهيدًا لإقامة "القدس الكبرى"

وصل لمستويات قياسية ..

   - وكالات

رغم اعتبار الإدارات الأمريكية السابقة الاستيطان الإسرائيلي عائقًا أمام عملية التسوية في الشرق الأوسط، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تعاطت بشكل لافت مع قضية الاستيطان المخالفة للقوانين الدولية، وأكدت مرارًا دعمها اللامتناهي لقرارات حكومة الاحتلال بهذا الصدد.

منذ فور ترمب بالانتخابات الرئاسية في 8 تشرين ثان 2016، واعترافه بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" ونقل سفارة بلاده إليها، ارتفعت وتيرة الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصًا في مدينة القدس ومحيطها بشكل متسارع.

ولم تتوان حكومة الاحتلال للحظة عن تكثيف الاستيطان، وتخصيص ميزانيات ضخمة، وكذلك مصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح إقامة المستوطنات والبؤر، بهدف تفكيك الأحياء والقرى الفلسطينية وفصل القدس وعزلها عن الضفة المحتلة بشكل كامل وإلغاء الوجود الفلسطيني بمحيطها، تمهيدًا لإقامة "القدس الكبرى".

وأظهرت معطيات جديدة حصلت عليها حركة "سلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاحتلال، أن البناء الاستيطاني في محيط القدس وصل إلى مستويات قياسية، مقارنة بالأعوام الـ 20 الأخيرة.

ووفقًا لتلك المعطيات "فإنه منذ احتلال الشق الشرقي من القدس عام 1967، أقامت الحكومة الإسرائيلية 12 مستوطنة في محيط المدينة تتكون من 55 ألف وحدة استيطانية. وأوضحت، خلال الفترة بين 2017 و2018، عقب فوز ترمب، طرأ تصاعدًا هائلًا في وتيرة البناء الاستيطاني في المدينة، حيث تمت المصادقة على بناء 1861 وحدة استيطانية جديدة، بارتفاع 58% مقارنة بالعامين الماضيين.

ويقيم نحو 653,621 مستوطنًا، في 150 مستوطنة، و116 بؤرة استيطانية في الضفة والقدس، 47% منها في محيط المدينة، بحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني.

ويقول المختص في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش، إن اعتراف ترمب بالقدس عاصمة للاحتلال فجر نوعًا جديدًا من الاستيطان، وتحديدًا في مالقدس ومحيطها، رغم وجود عشرات المشاريع الاستيطانية الهادفة لضم المدينة للكيان الإسرائيلي.

ويسعى الاحتلال من خلال تكثيف أنشطته الاستيطانية حول القدس لفرض وقائع جديدة على الأرض وترسيم حدود ما يسمى بـ "القدس الكبرى"، وهنا يشير حنتش إلى أن التركيز الإسرائيلي على القدس ومحيطها خصوصًا يهدف لفصلها عن الضفة كعاصمة للاحتلال.

وفعليًا، فإن القدس بحسب حنتش، محاصرة من جميع الجهات وهي معزولة عن الضفة التي أصبحت عبارة عن جزأين شمالي وجنوبي يربط بينهما شارع واحد فقط وهو رقم (40). الذي يقع بالقرب من بلدة حزما والقرى الفلسطينية الأخرى.

ويشير إلى أن الاحتلال صادر كافة الأراضي الفلسطينية المحيطة بالقدس، وحولها لمستوطنات مثل "معاليه أدوميم، هارحوما (جبل أبو غنيم)، جفعات زئيف، بزغات زئيف" وغيرها.

ويوضح الاحتلال يُركز على عدة نقاط بتهويد القدس، الأولى تمثلت بالاستيطان في محيطها بشكل استراتيجي، والثانية في إقامة جدار الفصل العنصري، والثالثة في حواجز التفتيش الثابتة والمتحركة التي وضعها في محيط المدينة.

أما في داخل البلدة القديمة التي كانت مساحتها تبلغ 900 دونم، تم تقليصها إلى 150 دونمًا بفعل وجود البؤر الاستيطانية في قلب المدينة، ما أثر على الناحية الجغرافية والسكانية، وأدى لتفكيك الأحياء والقرى وفصلها عن بعضها البعض.

ويؤكد أن الهدف من تعميق الاستيطان القضاء على إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مترابطة جغرافيًا، والعمل على ضم الضفة لـ "إسرائيل"، علمًا أن"هناك سبع كتل استيطانية بالضفة، بالإضافة الى بؤر استيطانية تسعى من خلالها إلى فرض القانون الإسرائيلي عليها، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الكيان".

ومنذ احتلال القدس عام 1967، بدأت سلطات الاحتلال بمصادرة الأراضي الفلسطينية لاقامة المستوطنات عليها، والتي ازدادت وتيرتها بسبب الدعم الأمريكي والظروف الدولية والإقليمية.

ويشير مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية بالقدس خليل التفكجي إلى أن سلطات الاحتلال أقامت نحو 15 مستوطنة داخل ما يسمى "حدود بلدية القدس" يقطنها 220 ألف مستوطن، بالإضافة إلى 29 مستوطنة بمحيط المدينة.

ويؤكد أن تكثيف البناء الاستيطاني في محيط القدس يهدف إلى إقامة "القدس الكبرى"، والتي تشكل 10% من مساحة الضفة، وذلك من خلال فصل شمال الضفة عن جنوبها، وأن تصبح بالمدينة المقدسة أقلية عربية مقابل أغلبية مطلقة لليهود.

ويوضح أن حكومة الاحتلال عملت على تطوير خطتها المعروفة بـ "2020"، لتصبح "2050" المطلق عليه (مشروع 5800) بهدف توسيع حدود المدينة لتصل إلى أريحا ورام الله، وإقامة مطار دولي كبير في منطقة البقيعة القريبة من أريحا والبحر الميت، وإقامة شبكة أنفاق وطرق وبنى تحتية وسكك حديدية ومناطق صناعية وتجارية وسياحية.