الهوية الثقافية في الفكر التربوي !!!

نايل هاشم المجالي

لقد بدأت آثار الانبهار بالحضارة الغربية تظهر على مجتمعاتنا وخاصة الشباب ، الذي اصبح يسعى الى الهجرة للعمل هناك ، وطغيان الجانب المادي على الجوانب الاخلاقية ، وغيرها مما يستدعي الوقوف على دور المؤسسات التعليمية في المحافظة على الهوية الوطنية والثقافية ، وتدريبه على اساليب فن الحوار المتبادل في ظل التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي وما يطرح من افكار وسياسات مختلفة من جهات متعددة خارجية وداخلية تسعى الى تهميش الهوية الوطنية والثقافية لتحقيق اهدافها ومن هنا يكمن اهمية تنشيط التفاعل الحواري وخاصة مع ثقافات الامم المختلفة وان نأخذ ما ينفعنا ونترك ما يضرنا في ظل نشر مفاهيم متعددة عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة فلم يعد هناك حدود سياسية محددة واصبح تقليد الغرب في كثير من العادات والقيم والسلوكيات سمة واضحة المعالم على مجتمعاتنا فهناك غزو وتوزيع لتلك المفاهيم والحريات والسلوكيات التي تمس اذهان شبابنا بسبب عدم التفكير العميق لابعادها فهناك انبهار بالحضارة الغربية فإلى متى سنبقى نغض البصر عن ذلك خاصة في مؤسساتنا التعليمية .

ويواجه شبابنا في العصر الحالي العديد من التحديات والتغيرات المتنوعة ولم يعد امام المجتمع ومؤسساتنا التعليمية سوى ان تنظر في اساس التقدم والتطور ، اي التعليم لاستشراق المستقبل بما يحمله من تقدم حديث وتطور مفاجئ والتي بات اغلب المواضيع المطروحة على وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة تسبب في غالبيتها القلق وتثير الخوف وتجعل الانسان كثير التفكير في العديد من المواضيع الدينية والثقافية والعلمية وغيرها وكان لا بد ان تقوم الجامعات بدور رئيسي لتوعية وارشاد وتدريب الطلبه على المهارات والاساليب لمواجهة التحديات المستقبلية والاساليب المتبعة في استهداف شبابنا عبر هذه الوسائل التكنولوجية الحديثة وخلق طاقات مبدعة والعمل على تنميتها خاصة في ظل الاتصال مع الثقافات العالمية المختلفة صوت وصورة اي عصر العولمة والتي لها تأثير عميق وشامل تحدثه على كافة جوانب الحياة والانفجار المعرفي الذي يغير من النمط الاجتماعي والفكري فلا مكان الآن للتعليم الجامعي المنعزل عن ذلك كله فهناك مواقع تقدم خدمة متكاملة للتعليم وهي الخدمة التي شملت المحتوى للتعليم الذاتي بالاضافة لامكانيات التواصل والتشارك مع الاساتذة وزملاء الدراسة وكثير من المواقع الاخرى الخارجية فلم يعد هناك تقيد بالمكان للتواصل مع الآخرين بل هناك مشاركات بالحوارات والمداخلات وهذه الخدمة تسد النقص في اعضاء الهيئة التدريسية في العديد من المجالات وتعمل على تلاشي ضعف الامكانيات ، كذلك تأمين مصادر تعليمية متنوعة ومتعددة بالاضافة الى ان التواصل يكون على مدار الساعة الاهم بالموضوع الجهات التعليمية التي يتم التواصل معها والتحقق من صحتها وعدم اتباعها الى تنظيمات متطرفة او جهات مشبوهة فهذا التواصل التعليمي عن بعد له ابعاد كثيرة ومتعددة بين الايجابية والسلبية في دقة المعلومات وتبادل الافكار والحوارات والمشاركات والنقاشات التي تقود الى العديد من المفاهيم الاقناعية لدى الطالب في كثير من المواضيع والامور الحياتية والسياسية والاجتماعية .

كلنا يعلم ان هناك تعليما جامعيا تقليديا لا يتماشى مع تطورات العصر بل هناك من الاكاديميين والمسؤولين من يعارضون كل دعوة للتجديد على اعتبار ان الخَلف لن يكون خيراً من السلف في رسالة واضحة عن غض الطرف عن مستجدات العصر ومعضلات العصر الحديث من التكنولوجيا وغيرها. فكثير من الجامعات لم تغير من موادها التعليمية بل ابقت عليها كما كانت سابقاً سواء على المستوى المنهجي او المحتوى باستثناء بعض الاساتذة نظراً لاتساع رؤيتهم واطلاعهم على مناهج حديثة وجديدة عملوا على معالجة موادهم بطرق تعتمد التحليل الحديث بالرغم من وجود دعوات للاصلاح بهذا الشأن وبحيث يتمكن الطالب من القدرة على فتح باب النقاش والحوار مع اساتذته ليعبر عما يجول في فكرة من تساؤلات ويتم التوجيه المناسب له وليتم زرع رغبة التحدي في الطالب من حيث منحه فرصة رفض اي رأي لا يقتنع به والاسباب لذلك وكيف يتعامل مع واقع رفض فكرته حتى لا يقع في اي اخطاء تؤدي الى انحرافه ؛ وبالتالي فإن عملية الانفتاح على ردود الفعل للآخرين مهمة جداً خاصة ممن ينتقد رأيه ومن هنا تعلمه تقنيات الانصات والاستماع الجيد واحترام اراء الاخرين وعدم الانفعال للخروج بحكم صائب مبني على التحليل المنطقي والحجج المقنعة من ذلك كله نستطيع ان نبني شخصية الطالب لتكون قوية واحترام ذاته وتؤهله الانخراط في مناقشة مختلف القضايا المعاصرة والمحلية بكل رحابة صدر ولا سيما بفضل التطور التكنولوجي اصبح هناك اتصال مع ثقافات متعددة وهناك تحديات كبيرة تنتظر باحثين اكفاء متمرسين قادرين على مواجهة التحدي بتفكير نقدي أخذوا مادته من مسارهم الاكاديمي وخاصة ان هناك مسائل وقضايا وحوارات دينية وفكرية ومذهبية متعددة كما هو الحال بالقضايا الوطنية الاجتماعية والسياسية فمن المهم تعلم منهج التفكير النقدي ليبعدهم عن الاعتقاد السلبي او التأويل بالدين وغيره فهو مشروع بناء فكر لدى الشباب وتشجيع الاستقلال الفكري وازمات الوطن الفكرية واسلوب مناقشتها فتدريب الطالب بقبول الاختلاف ونشر ثقافة التعايش داخل المجتمع الواحد ومع المجتمعات المختلفة لا يتم الا بالحوار الهادف وتبادل الاراء والبحث عن القواسم المشتركة فهناك شرعية الاختلاف وضوابط للاختلاف تتعلق بالشخص نفسه ومنها ما يتعلق بالجماعة والطالب عليه متابعة ومعرفة ما يجري في العالم الذي اصبح قريباً وبين يديه بواسطة وسائل التكنولوجيا الحديثة وهو مطالب بالاطلاع على تقنيات البحوث الغربية واسلوب تفكيرهم وطرحهم لمختلف القضايا ومناهج التحليل بالاضافة الى اتقانه وضبطه لقواعد التفسير والتحليل والمطابقة مع الواقع واخذ الملائم واستبعاد غير الملائم. فوعي الطالب مسؤولية الجميع في الجامعات وهو الوعي الذي سيجعله ممتداً مع الزمان ومستمراً ومتأقلماً مع التغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية ونكون حققنا تربية وتوعية وارشاد واساليب دراسة وتحليل وتفسير المواقف والازمات والاحداث والقضايا والمشكلات التي تواجهنا في حياتنا واسلوب التعامل السليم معها من الدوافع الوطنية فكثير من الطروحات مفبركة ومغلوطة واصبحت تمس امننا واستقرارنا واقتصادنا، وتشعل فتيل الفتنة ان لم نجد عقولا راجحة واعية مدركة ، فالإعلام اصبح سلاحا ذا حدين احدهما يحتوي السم المؤدي الى الهلاك والذي استهدف كثيراً من شبابنا واستطاع ان يغير مفاهيمهم وافكارهم والتلاعب بالعقول لينحرفوا مع توجهاتهم المتطرفة .

وحتى تتقازم كل خطط أعداء الوطن في استخدام شبابنا كرموز في مصيدة تلك المنصات التعليمية ، والتي على مسرحها يمارس طمس الهوية الوطنية وتغيير المفاهيم والافكار والقيم والمبادئ والاخلاق وان لا يكون شبابنا سهل المنال يملى عليهم زوراً وبهتاناً وكذباً بل نميز بين الصدق وبين الافتراء وألا نجعل من الشاشة الالكترونية ميداناً لضعف ولائنا وانتمائنا باسم الحداثة والفكر المنحرف ، بل ليبقى شبابنا كالبنيان المرصوص بثوابتهم الوطنية وقيمهم وأخلاقهم وألا نجعل لأي كان أن يشتري أرادتنا او يضعف همتنا .

Nayelmajali11@hotmail.com