العهد الجديد في السودان … !!!

زاوية سناء فارس شرعان

 

بعد مخاض عسير استمر من شهر ديسمبر الماضي تخللته مظاهرات ومسيرات احتجاجية شعبية مطالبة بتغيير النظام وتحقيق الاصلاحات المطلوبة سياسيا واقتصاديا واداريا وتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي للسكان توصل المجلس العسكري الانتقالي للسودان والقوى الشعبية للثورة والتغيير التي فجرت الثورة الشعبية الى اتفاق لوضع حد لاراقة الدماء ووقف التحركات الشعبية لتعود الحياة الى طبيعتها

 

وبابرام الاتفاق التاريخي بين المجلس العسكري وقوى الثورة والتغيير بعد مفاوضات مضنية في الخرطوم واديس ابابا والقاهرة يدخل السودان عهدا جديدا وتبدأ المرحلة الانتقالية التي تشكل فاصلا بالغ الاهمية بين الفساد والاصلاح والدكتاتورية والديمقراطية بعد الاتفاق على ميثاق جديد وبيان دستوري يعتبر بمثابة خارطة طريق في السودان.

توقيع الاتفاق التاريخي في السودان تم في احتفال شعبي قل نظيره من قبل جميع الفعاليات الشعبية والحزبية والنقابية والامنية والعسكرية بمساعدة عربية واقريقية وارتياح دول الجوار لهذا الاتفاق لا سيما الدول التي كان لها دور كبير في التوصل الى هذا الاتفاق تحديدا اثيوبيا التي اضطلع رئيس وزرائها آبي احمد بمهمة شاقة في الوساطة التي قام الجانبين من تذليل العقبات التي اعترضت الاتفاق بالاضافة الى الدور الذي قامت به منظمة الوحدة الافريقية.

ما يهمنا في هذا المقال تسليط الضوء على الثورة السودانية وخصائص هذه الثورة وما ميزها عن غيرها من الخدمات الشعبية وخاصة ثورات الربيع العربي التي فشلت في تحقيق اهدافها بسبب مخالفتها للانظمة عليها وعدم تلقيها الدعم الكافي عربيا ودورها ما ادى الى فشلها باستثناء ثورة الياسمين في تونس التي تعتبر الثورة الحيدة التي وصلت الى شاطئ الامان رغم ما اعترضها من عقبات وها هي تقطف الثمار من خلال الانتخابات الرئاسية البرلمانية التي تعتزم اجراؤها خلال الشهرين المقبلين.

نرى في هذه المزايا للثورة السودانية لم تستغرق عشرات طريق حيث انطلقت في شهر ديسمبر الماضي وها هي تحقق اهدافها في الرابع عشر وشهر اغسطس خلافا لغيرها من الثورات الشعبية التي حسم فيها الجيش الوضع لصالح السلطة كما حدث في ثورة ٢٥ يناير في مصر التي تدخل فيها الجيش الى فعاليات الثورة وزج باول رئيس مصري منتخب في غياهب السجن فيما لا تزال الجيوش تتواصل مع الشعوب الدائرة في كل من سوريا وليبيا واليمن بفعل التدخل الاجنبي وسعى لدول اخرى للسيطرة على الاراضي العربية.

ومن هذه المزايا ان الثورة السودانية رغم صلابة الشعب وشجاعته واصراره على تحقيق اهداف الثورة وغاياتها لم تكن دموية بالمفهوم الذي عهدناه في عدد من الاقطار العربية التي سالت فيها الدماء انهارا ولا زالت الدماء تزهق في هذه الاقطار مثل سوريا وليبيا واليمن وذلك لفضل وعي الثوار وعدم سعيهم الى سفك الدماء والقتل والسجن والتدمير والنهب واتباع سياسة الارض المحروقة التي دمرت خلالها المدارس والمساجد والكنائس والمز ارع والمصانع ما ادى الى هجرة الملايين من السكان كما حدث في سوريا.

رغم ان النظام السوداني واجه الثورة بالقوة الا انه لم يستخدم القوة المفرطه منل فعل النظام المصري الذي حول البلاد الى سجن كبير والنظام السوري الذي استعان بالروس والايرانيين لابادة الشعب السوري وتوطين الميليشيات الايرانية فكان السوريين المهجرين من اراضيهم وديارهم بعد ترحيلهم الى مختلف دول العالم.

المرأة السودانية شاركت بفعالية في ثورة ديسمبر وانصهرت بمختلف انشطتها الاحتجاجية ولم تتصرف نساء السودان لاي اساءات او تحرشات او اعمال عدوانية كما حدث مع نساء مصر في الساحات والميادين ومع نساء ليبيا اللواتي تعرضن لاعتداءات او تحرشات جنسية وكذلك نساء سوريا اللواتي تعرضن للاغتصاب وسوء المعاملة ولعل ذلك يعزى الى وعي الشعب السوداني رجالا ونساء رحرص الشعب على تحقيق اهداف الثورة وغاياتها والمقاصد التي قامت من اجلها.

ثورة السودان تعتبر من انجح ثورات الربيع العربي من حيث المشاركة الفاعلة وقلة الخسائر وتحقيق الاهداف واحترام حقوق الانسان وعدم الاساءة والاخلاق الدمثة والمثل العليا ونأمل ان تكون مثلا اعلى للثورات العربية … !!!