عمان مدينة هادئة رغم كل شيء
حسين الجغبير
مرة تلو أخرى تثبت فئة كبرى من أبناء الوطن ميولهم نحو الانطلاق باتجاه بث تفسيرات وتحليلات أقرب ما تكون إلى الاشاعات التي تؤثر سلبا على مختلف القطاعات بالمملكة، خصوصا مع التفاعل الكبير الذي يمارسونه على مواقع التواصل الاجتماعي.
الاسراع إلى نعت الأجهزة الأمنية بأنها مقصرة في القيام بواجباتها جراء قيام نفر ما بسلوكيات سلبية، وسيلة لا منطق فيها ولا عقل ولا توازن ، فهذه الأجهزة التي طالما كانت حصنا منيعا أمام الباحثين عن سبل للاخلال بالأمن والتعدي على حقوق الآخرين، والتي طالما منحت كل أردني فرصة كبيرة في العيش بأمن وآمان، ليس من العدل بمكان أن نستهدفها، وننقص من شأنها، ونقلل من جهدها المبذول بين ليلة وضحاها، كما ليس من المعقول أن تسارع أنامل أيادينا إلى أجهزتنا الخلوية لخط كلمات على صفحاتنا الالكترونية في العالم الافتراضي قبل أن نعي ما نكتب، وندرك تأثيره السلبي على منظومة مجتمع متكاملة.
ما شهدته العاصمة مؤخرا من أحداث مؤسفة، هي في سياق المعدل الطبيعي للجريمة في الأردن، ولا يجوز أن نحملها أكبر من حجمها ونذهب إلى تضخيم مشاجرة بين اثنين في ساعات متأخرة من الليل، وكأن الرصاص يتناثر في حواري وأزقة المملكة، وكأن الدماء تسيل في الشوارع، وكأن الأمن والآمان الذي يحيطنا بسياج قد اهترأ. لا أحد يعلم لمصلحة من كل هذا التهويل، ولا أحد يريد أن يدرك أن الخسارة لن تمس جهة معينة أو أشخاص معيين أو فئة محددة ، وإنما ستنال من كل مواطن، كما ستأتي على تراب الوطن بأكمله.
إن فقدان الثقة، لا قدر الله، بالأجهزة الأمنية والترويج على أنها في أضعف حالاتها، يعني أننا سنعيش حالة من الفوضى والتردي، وهذا أمر ليس فيه من الحكمة بشيء.
لا احد يختلف أن تطبيق القانون بحق مثل هؤلاء هو أكبر رسالة للمشككين، وناثري السموم، والباحثين عن مآرب شخصية هدامة، لذا على الدولة بكافة أجهزتها أن لا تسمح لهم بالشعور بالنصر والسكينة، وذلك عبر محاسبة كل من يحاول أن يثير الجلبة بسلوكيات لا أخلاقية، تمهيدا لتطبيق حقيقي لسيادة القانون، وهو السبيل الوحيد لضمان الحد من الجرائم إلى درجة كبيرة.
كما اعتقد أن من الضرورة بمكان تفعيل الحكام الإدرايين، لما لهم من دور بالغ الأهمية في ضبط جوانب واخلالات كبيرة نشهدها يوميا.
اجهزتنا الأمنية سارية خفاقة، تدرك دورها الذي تؤديه جيدا بدرجة كبيرة من الحرفية وأن قيام ثلة قليلة بسلوكيات غير سوية لن ينتقص من جهودها الجبارة في تحقيق الأمن، وتوجيه اصابع الاتهام لها وصمة عار بحق كل من يحاول فعل ذلك.
البلد في ظل الضغوطات التي تواجهها والتحديات التي تحيط بها سياسيا واقتصاديا تنتظر من أبنائها مساندتها لا النخر في بعدها الأمني والاجتماعي، لذا على رواد مواقع التواصل الاجتماعي الهدوء وعدم الانسياق وراء أجندات خاصة. وهذا كل ما يرجوه الوطن منا.