الخوف لا يمكن أن ينتج حضارة !!!

 نايل هاشم المجالي

 

الخوف متغلغل في عقول الكثيرين خاصة في كثير من مواطني الدول النامية حيث يتم تربية الابناء منذ صغرهم عليه فالاهل يخوفون ابناءهم بالعصا والبربيش والحبس داخل احدى الغرف او الحرمان من المصروف حيث شكل الخوف في طفولة الكثيرين اساساً لعلاقة الطفل مع الاهل او مع زملائه في المدرسة او اصدقائه في المجتمع وهذا المفهوم تطور لدى الكثير في عدم معارضة اي قرار مجحف بحقه خوفاً من العقاب او التهميش او حرمانه من مكانته او ضرب مصالحه او تدبير مشكلة له بطريقة او بأخرى وهكذا صار الخوف المحرك الرئيسي للشعوب واصبحت نتيجته الطبيعية هي الطاعة والقبول بكل شيء وهي طاعة عمياء واصبح البعض مثلاً لا يحترم قوانين السير والمرور في حالة عدم وجود رجل المرور ولا نؤدي عملنا باخلاص الا خوفاً من الجهات الرقابية والعقاب المترتب على ذلك فالخوف اذن متأصل في مجتمعاتنا منذ الطفولة حيث لا يستطيع الطفل ان يبدي رأيه باختيار ملابسه او ألعابه او يعترض على والده لانه سيضرب ويحرم وهذا ايضاً انعكاساً لخوف الاب من السلطة المسؤولة وهكذا فلا يجرؤ احد على الاعتراض على اي شيء تقره الجهات الرسمية حتى وان كان مجحفاً بحقه وينال من لقمة عيشه حتى لا يكون معارضاً ومهدداً للامن والاستقرار وحتى لا يؤهل ليفوز برحلة اللاعوده لما وراء الشمس اما الخوف في الغرب فان المواطنين هناك يخافون من غدر الزمن مع الكبر فلا عجب أنَّ أعلى نسبة للانتحار توجد في دولهم رغم توفر كل شيء لهم حتى العاطلين عن العمل يتقاضون راتباً شهرياً وامتيازات تساعدهم على المعيشة .

ان علو درجات الخوف لدى الفرد يجعله في داخل خلجات نفسه يشعر بالذل وانه أمام من ينشرون الخوف في نفسه وكأنه يريد ان يقاومهم بشتى الوسائل والطرق مما جعل من وسائل التواصل الاجتماعي ساحة للمواجهة بالتعبير عما يجول بالنفس من اعتراض على اي قرار يمس حياته ومعيشته حيث انه يبحث عمن يفرج عنه كربه قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من فرج عن مسلم كربة ضيقة من كرب الدنيا فرج الله عنه الف كربة يوم القيامة ) .

وكلنا يشاهد من يوم لآخر مواطنين تقتات وتتغذى من الحاويات ( حاويات القمامة ) والمزابل كما وان الكثيرين تركوا منازلهم ومحلاتهم ومكاتبهم بسبب قانون الايجارات الجديد الذي فرض عليهم الزيادة بالايجار لا تتناسب مع الدخل المتأتي من استئجارها اي اننا امام قوانين أضرَّت كثيراً بمصالح ومعيشة المواطنين ولم يعد هناك كرامة للفرد ولا لحياته امام الجشعين الطماعين فلقد اصبح المواطن يخاف كلما دق جرس المنزل او المكتب فالفواتير للكهرباء والماء بازدياد ومصلحة الضرائب تصول وتجول وهكذا الكل يريد ان يحصل امواله فما الذي يخبئه المستقبل للاجيال القادمة والخوف من الممكن ان يولد الانفجار ويشجع على النفاق والرياء وهل سيتحول يوماً ليخاف المسؤول من محاسبة المواطنين له وهذا هو الاصل ام سيتم اعطاء الامان لمن يعملون على الاضرار بالمواطنين ام سيبقى الخوف من الاقوى سواء كان على حق او باطل وهذا يدمر العلاقات بين المواطنين ومؤسسات الدولة والمجالس النيابية والمؤسسات الدينية ولا امل من مجتمع يفرض الخوف على مواطنيه من واقع القوة بدلاً من العدل والانصاف خاصة اننا نعلم ان هناك قوى عالمية تفرض علينا واقع الوضع الاقتصادي والمالي واصبحت ترسم مسار حياتنا المصنعة في ظل العولمة والسوق المفتوح فاصبحنا لا نعتمد على منتوجاتنا وارضنا فلا خوف الا من الله عز وجل فغياب الديمقراطية الحقيقية ستشكل مصدر خوف حيث ممنوع مناقشة الكثير من المواضيع او ابداء الرأي فيها او فرضها بالقوة فالسلطة كما نعلم لا يحميها الا حب الشعب لها ولسياساتها التي يجب ان تصب في مصلحة الوطن والمواطن وان تكون هناك ثقة دائمة قوية بين المواطن والحكومة ( السلطة التنفيذية ) وان يكون العمل مشتركاً مبنياً على منظومة تحقق العدل والانصاف والحق اولاً واخيراً باعتبارهم اساس استمرارية اي حكومة في عملها فمن الصعب جداً ان يصبح المواطن في خوف على قوت يومه وعلى مستقبل اولاده حتى اصبح منعزلاً مجتمعياً واصبح منطوياً على نفسه وحتى لا تفرض علينا الدول الكبرى وعلى رأسها البنك الدولي سياسة التجويع والتي تؤدي الى القهر والكبت والانحراف والفساد بانواعه بل يجب ان يبقى المواطن عنصراً فعالاً وليس مهمشاً وأن يكون الشباب مشروعاً نهضوياً حقيقياً متحضراً يتجاوز الخوف من عدم العمل والانتاج وهذا علي بن ابي طالب ( رضي الله عنه ) وبكاؤه وخوفه وكان يشتد خوفه من اثنتين طول الامل واتباع الهوى قال فأما طول الامل فينسي الآخره واما اتباع الهوى فيصد عن الحق الا وان الدنيا قد ولت مدبرة والآخرة مقبلة ولكل واحد بنون فكونوا من ابناء الآخرة ولا تكونوا من ابناء الدنيا فان اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل .

 

Nayelmajali11@hotmail.com