الشعبوية في محاربة الفساد
حسين الجغبير
كثرت في الفترة الاخيرة الاخبار التي تبثها الحكومة عن ضبط حالات فساد وتحويل المشتبه بتورطهم بها الى القضاء. من الجيد ان نقر أن الطريق نحو محاربة الفساد بدأت بالفعل كون ذلك مطلبا اردنيا من رأس الهرم حتى ابسط مواطن.
الفساد بلا شك نخر جسد الدولة وانهك سكانها، وساهم بشكل كبير في تدني ثقة المواطنين بالحكومات المتعاقبة التي كانت ابعد ما تكون عن طريق مكافحة هذه الافة. لكن عن اي قضايا فساد نتحدث؟.
اغلب القضايا التي تكشف عنها الحكومة هي قضايا فساد بسيطة، ولا نقلل هنا من حجمها او اهمية محاربتها، بيد ما اود الاشارة اليه هنا ان تأثير الاعلان عنها سلبي من اكثر من جانب، ولا ارى منطقا باسراع الحكومة للكشف عنها من اجل اطهار نفسها امام الرأي العام على انها تحقق منجز كبير.
سلبية ذلك تكمن في اننا نعطي انطباعا لدى المجتمع الدولي بأن الفساد منتشر في الاردن في كل مؤسسة حكومية وعند كل موظف الامر الذي من شانه ان يفقدنا ثقة العالم الخارجي بدولتنا.
الخسارة هنا ونتيجة لذلك، اقتصادية بالدرجة، فأي مستثمر سيأتي للاردن لانفاق الملايين من الدنانير في دولة مشبعة بالفساد؟، ما يعني اننا ومن اجل الاسراع بنشر خبر صغير عن تحويل متهمين بالفساد للقضاء والتغني به، سنفقد المستثمر الثقة بمؤسساتنا وهذا امر يتناقض مع خطتنا لجذب المزيد منهم الى المملكة.
المطلوب هو ان تعلن الحكومة فقط قضايا الفساد المبيرة التي تهم الرأي العام والمستثمرين والدول الداعمة والمانحة لما لذلك من اثر ايجابي بان الاردن دولة مؤسسات وقانون، بدلا من الحديث عن فساد وتجاوزات في بعض الاحيان لا يتجاوز قيمتها المالية الف دينار.
الطريق الى مكافحة الفساد وجذب المستثمرين يبدأ بعكس صورة حقيقية ان في الاردن قوانين ومؤسسات قادرة على ضبط القضايا الكبيرة قبل الصغيرة، خصوصا وان هذه المؤسسات بدأت تضم رجال يراقبون التداء ويقيمون العمل، الامر الذي حد من نسبة الفساد.
ما نحتاجه من الحكومة اليوم ان الشعبوية والاستعراض الذي بات على حساب الوطن واقتصاده. نحتاج الى محاربة فساد ينعكس أثره دوليا وليس محليا فقط.
وللتأكيد، لا احد يقلل من اهمية ضبط الفساد مهما كان حجمه أو شكله، فهو اساس العدالة التي نرجوها، وأساس استقرار المجتمع، وعند الحديث عن تأثير كثرة انتشار اخبار عن الصغير منه فإن ذلك من باب الحرص على المشهد الاردني في نظر العالم الخارجي، والا لن ننجح بمشروع جدب الاستثمار.