الكولاجين يثير الجدل ثانية.. العلم يخبرك إذا ما كان استخدامه للبشرة فعالاً أم لا
حين تُذكَر شيخوخة الجلد، يُذكَر الكولاجين، أو بالأحرى نقص الكولاجين. فكل الخصائص المرغوب فيها للبشرة الصحية السليمة مرتبطةٌ بنسبة الكولاجين، فكلَّما زادت نسبة هذا البروتين لدينا كانت بشرتنا أكثر تماسكاً وامتلاءً ونضارة.
لكن مع تقدمنا في العمر -لا سيما إذا كنا ندخن أو نشرب الكحول أو نتعرض للأشعة فوق البنفسجية أثناء تقدمنا في العمر- تنخفض قدرتنا على إنتاج الكولاجين، ويبدأ الكولاجين الموجود لدينا بالفعل في الانهيار.
وهذا يسبب التجاعيد، وكذلك فقدان امتلاء البشرة، لذا فمعالجة هذه الأعراض تعني معالجة فقدان الكولاجين بطريقة أو بأخرى.
ولهذا الغرض، هناك عدد كبير من المنتجات الغنية بالكولاجين في السوق، ومعظمها يندرج تحت فئةٍ من اثنتين: المرطبات (وخاصة المراهم)، والمكملات الغذائية التي تُتناول عن طريق الفم. وتهيمن المكملات العصرية على الأسواق في العصر الحاضر، فيما تعد مراهم الكولاجين طريقةً أقدم قليلاً.
ولكن بصرف النظر عن شكل المنتج الغني بالكولاجين يزعم المصنعون أنَّ إعطاء جلدك مزيداً من الكولاجين للتفاعل معها سيساعدها على تجديد ما فقدته، وتحسين كل شيء بدءاً من الإماهة والمرونة إلى الخطوط الدقيقة والتجاعيد. لكنَّ بعض الخبراء ما زالوا يُشكِّكون في ذلك؛ وفقاً لما نشره موقع مجلة Self الأمريكية.
هل يساعد خلايا جلدك في إنتاج المزيد من الكولاجين؟
الإجابة القصيرة هي لا. أمَّا الإجابة الطويلة فهي ربما، وربما لا. ولفهم السبب، من المهم معرفة المزيد عن الكولاجين وكيفية صنعه.
الكولاجين هو البروتين البنائي الرئيسي في الأنسجة الضامة البشرية، وأبرزها جلدنا. وتجدر الإشارة إلى أنَّ معظم الكولاجين الموجود في جلدنا يقع في الأدمة (الطبقة الثانية من الجلد الموجودة تحت البشرة)، حيث يجري إنتاجه كذلك.
منتج يحتوي على الكولاجين
إذ تتولى خلايا الجلد الموجودة في الأدمة (الخلايا الليفية) مسؤولية تصنيع الكولاجين الذي يربط بقية خلايا الأدمة ببعضها البعض، مما يعطي جلدنا تركيبته الأساسية.
أمَّا بالنسبة لبنية الكولاجين نفسه، فهو يشبه الجديلة أو الحبل، إذ ترتبط فيه أحماض أمينية فردية لتشكيل سلاسل طويلة تتجمع معاً لتشكل خيوطاً أكبر سمكاً.
ثم تلتف هذه الخيوط حول بعضها البعض لتُشكل لوالب ثلاثية. وفي النهاية، تتصل أطراف هذه اللوالب ببعضها البعض، وتتكدَّس فوق بعضها لتُشكل عناقيد تسمى اللييفات. أي أنَّ الكولاجين جزيء معقد وضخم جداً.
ولذلك، فالمراهم الصناعية التي تحتوي على الكولاجين الخالص لا يمكنها ببساطة أن ترقى إلى مستوى ادِّعاءاتها السامية، لأنَّ هذه الجزيئات المضفرة الضخمة كبيرة جداً لدرجة أنَّها لا تستطيع اختراق الجلد، وهي بالتأكيد أكبر من أن تدخل الأدمة حيث يحدث السحر الحقيقي.
لذلك، فمع أنَّ مراهم الكولاجين تُشعِرك بالرضا وقد تساعد في ترطيب الجلد، فإنها لا تُقدِّم مزايا أكثر من ذلك.
إذ تقول سوزان أوباغي، الحاصلة على دكتوراه في الطب وطبيبة الأمراض الجلدية في المركز الطبي بجامعة بيتسبرغ ورئيسة الأكاديمية الأمريكية لجراحات التجميل، لمجلة Self الأمريكية: «قد تشعر بأنَّ جلدك صار أنعم وألين (أو) قد تبدو التجاعيد أقل وضوحاً، لكن هذا مجرد وهم، فهذا ما يحدث على السطح الخارجي فقط، ولا يعد ذلك بناءً للكولاجين في الواقع».
سلاسل أصغر من الأحماض الأمينية
تحتوي معظم المستحضرات، والجرعات، والحبوب التي يقول مصنعوها إنَّ الكولاجين مكونٌ رئيسي فيها في الوقت الحاضر على الكولاجين المتحلل بالماء، أو ببتيدات الكولاجين. (حقيقة ممتعة: الجيلاتين هو شكل من أشكال الكولاجين المتحلِّل بالماء).
ففي الأساس، يُقسَّم الكولاجين المتحلل بالماء إلى سلاسل أصغر من الأحماض الأمينية تسمى الببتيدات، حسبما ذكر جون زامبيلا، طبيب الأمراض الجلدية في مركز لانغوني الطبي في جامعة نيويورك. ويعتقد بعض الباحثين وأطباء الأمراض الجلدية أنَّ هذه الببتيدات «يمكنها المرور عبر خلايا الجلد في حاجز الجلد الخارجي وشق طريقها إلى الأدمة، ثم توفير لبِنَات بناء الخلايا الليفية لصنع كولاجين جديد»، على حدِّ قول زامبيلا.
ويبدو من المعقول أنَّ استخدام مرهم غنيٍّ للغاية بمكوِّنات الكولاجين هذه يمكن أن يساعد في زيادة إنتاج الكولاجين لاحقاً، شريطة أن تصل هذه الببتيدات في النهاية إلى الأدمة. لكنَّ هذه النظرية لم تُختبَر بالفعل، فضلاً عن إثباتها بالتجربة.
ومن المثير للدهشة أنَّ هناك بعض الأبحاث تشير إلى أنَّ الكولاجين الذي يُتناوَل عن طريق الفم قد يحسن مظهر الجلد. فوفقاً لثلاث دراسات حديثة على الأقل، يرتبط تناول ببتيدات الكولاجين عن طريق الفم بتحسين إماهة الجلد، ومرونته، وقلة التجاعيد مقارنةً بالطرق البديلة. بيد أنَّ هذه الدراسات لا تتضمَّن سوى عددٍ قليل من المراجع، وأجريت على عدد صغير (حوالي 60 مشاركاً)، وعلى مدى قصير (تراوح بين 4 أسابيع و12 أسبوعاً)، وتركز فقط على النساء اللواتي تزيد أعمارهن على 35 عاماً.
ويمكن أن ترجع النتائج المرصودة إلى زيادة إنتاج الكولاجين، أو بعض الآليات الأخرى، لكنَّها في كلتا الحالتين تكون طفيفة في أحسن الأحوال، وكذلك هناك خيارات أخرى (مثل الريتينوئيدات) من المرجح أن توفر فوائد أيضاً.
وبالإضافة إلى ذلك، من المهم أن تتذكر أن المكملات الغذائية لا تخضع لرقابة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، ولا تخضع للاختبارات التي تمر بها الأدوية، لذلك فأنت لا تعرف بالضرورة ماهية الشيء الذي تتناوله أو مدى فاعليته.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّك إذا كنت تتبع نظاماً غذائياً طبيعياً ومتوازناً (يشمل الأطعمة الغنية بالبروتين مثل اللحوم والبيض ومنتجات الألبان والبقوليات)، فربما تحصل بالفعل على كل الكولاجين الذي تحتاج إليه.
هل يجب علينا التخلص من جميع منتجات الكولاجين؟
ربما لن تُحدِث كميةٌ صغيرة من الكولاجين الإضافي فرقاً كبيراً في بشرتك، لكنهَّا لا تُسبب ضرراً كذلك.
لذلك، إذا كنت تحب استخدام المرطبات التي تحتوي على ببتيدات الكولاجين، أو تستمتع بالمزايا الملحوظة التي توفرها المكملات الغذائية ولا تعاني أي آثار جانبية سلبية، فاستمر في استخدامها. ولكن إذا كنت تريد تقليل فقدان الكولاجين بالفعل، فهناك خيارات أكثر فاعلية، بدءاً من الواقيات الشمسية وغيرها.
منتج يحتوي على الكولاجين
إذ يقول زامبيلا:
«الحل الأول هو الوقاية من أشعة الشمس، لأنك بالتأكيد تريد منع انخفاض نسبة الكولاجين (الموجود) لديك بالفعل. أمَّا الحل الثاني، فهو الريتينوئيدات، لأنَّها هي الشيء الذي لدينا أبرز الأدلة على أنَّه يبني الكولاجين».
وتتفق سوزان مع ذلك الرأي، لا سيما عند النظر إلى تكلفة منتجات الكولاجين المبالغ فيها، إذ قالت: «يمكنك شراء منتجات تُكلِّفك مئات الدولارات -إن لم يكن ألفاً أو اثنين- ولن تُعطي، على حد علمي، تأثيراً أفضل من حمض الريتينويك الذي يُؤخَذ بوصفةٍ طبية، ويمكنني أن أوكِّد بدرجةٍ كبيرة أنَّها لن تُعطي ذلك التأثير».
ومن ثَمَّ، فإذا كنت تتساءل عن أفضل طريقة لإدارة التجاعيد أو أي آثار جانبية أخرى لفقدان الكولاجين، فتحدَّث إلى طبيب الأمراض الجلدية للحصول على توصياتٍ لبشرتك المحددة.