نتنياهو يحاول إبعاد إيران عن سوريا، لكن الأمر ليس سهلاً كما يظن.. معضلة المصالح في الشرق الأوسط

منذ اندلاع الثورة السورية قبل 8 أعوام ودخول إيران وميليشياتها على الخط دعماً لنظام بشار الأسد، شعرت إسرائيل بخطر ما اقترب من حديقتها الخلفية، ومن ثم بات هدفها طرد هذا الخطر والمتمثل في طهران وحلفائها في سوريا.

وبحسب تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية أثناء استضافته لاجتماعٍ استثنائي لمستشاري الأمن القومي من روسيا وأمريكا وإسرائيل قبل أسبوع، ضغط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل تطهير سوريا من كل القوات الأجنبية، خاصةً الإيرانية ووكلائها على الحدود الشمالية مع إسرائيل.

وقال نتنياهو إنه مع اقتراب نهاية الحرب الأهلية السورية التي استمرت 8 سنوات، «أعتقد أنه ثمة أسس أوسع للتعاون بيننا نحن الثلاثة أكثر مما يعتقد الكثيرون». وأضاف أن هذا الاجتماع، وهو الأول بين مستشاري الأمن القومي من هذه الدول الثلاث، يوفر «فرصةً حقيقية» لترسيخ الاستقرار في المنطقة، «خاصةً في سوريا».

عُقد الاجتماع على خلفية التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وإيران بعد أن أسقطت الأخيرة طائرة مراقبة أمريكية بدون طيار، وبعد تهديدات إيران بأنها ستتجاوز حدود مخزونها من اليورانيوم، وهي الحدود التي سمح بها الاتفاق النووي لعام 2015.

لم يكن من المتوقع التوصل إلى اتفاقٍ فوري بارز بخصوص سوريا أو أي موضوعٍ آخر خلال الاجتماع بسبب المصالح المعقدة والمتضاربة بين المشاركين الثلاثة. وغاب عن الاجتماع بالطبع أي ممثلين عن إيران التي تتمتع بعلاقات طيبة مع روسيا ولا تربطها أي علاقاتٍ مع إسرائيل أو الولايات المتحدة.

إنجاز يُحسب لإسرائيل

لكن بالنسبة لإسرائيل، فإن استضافة نقاشاتٍ ثلاثية، ومشاركةُ مستشارها للأمن القومي على قدم المساواة مع هذه الدول، تعتبر إنجازاً بحد ذاته يعزز دور إسرائيل في الدبلوماسية الدولية.

المستشار الأميركي للأمن القومي، جون بولتون

كما أن الاجتماع حقق دفعةً لنتنياهو الذي يحارب على الجبهتين السياسية والقانونية، إذ يواجه اتهاماتٍ محتملة بالفساد ويخوض انتخاباتٍ ثانية في سبتمبر/أيلول القادم لأنه فشل في تشكيل ائتلافٍ بعد انتخاباتِ أبريل/نيسان الماضي، بحسب الصحيفة الأمريكية.

وقال جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي: «لم نأتِ إلى هنا مع توقعاتٍ بأننا سنحل كل المشاكل أو حتى معظمها»، وكان بولتون يتحدث في مؤتمر صحفي بعد اجتماعه مع نظرائه، رئيس مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات.

وأشار إلى ما وصفه بالتورّط الإيراني في مناطق أخرى من الشرق الأوسط، بما فيها لبنان والعراق واليمن وأفغانستان، قال بولتون إن الاجتماع في القدس «يساعد الجميع على فهم المواقف المختلفة، وكلنا سننطلق من تلك النقطة».

كما عقد بولتون وباتروشيف ونتنياهو سلسلة من الاجتماعات الثنائية، وقال بولتون في تغريدة على تويتر إنه خلال اجتماعه مع باتروشيف يوم الاثنين الماضي ناقش المسؤولان وفريقاهما «أوكرانيا، والحد من الأسلحة، وفنزويلا وقضايا أخرى».

وأضاف بولتون أنه يأمل أن الاجتماع في القدس، الذي وصفه بأنه «تاريخي»، سيساعد في وضع الأساس لقمة العشرين التي ستعقد هذا الأسبوع في مدينة أوساكا اليابانية. وقال إن العديد من هذه القضايا ستناقش في القمة، مضيفاً أن الرئيس ترامب يتطلع للقاء بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

منع حزب الله من اقتناء السلاح

نتنياهو الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع بوتين شكر الروس على العمل عن قرب مع إسرائيل على آليةٍ تسمح لها بالتدخل في سوريا لمنع نقل الأسلحة المتطورة من إيران إلى ميليشيات حزب الله في لبنان، بدون تعريض القوات الروسية للخطر، بحسب الصحيفة الأمريكية.

حزب الله درة التاج الإيراني

وقال نتنياهو إن إسرائيل «تحركت مئات المرات» لمنع الحشد العسكري الإيراني في سوريا ونقل الأسلحة، وذلك في إشارةٍ إلى الضربات الجوية الإسرائيلية على سوريا والتي تمت بشكلٍ سري.

ويبدو أن إسرائيل وروسيا قد تخطتا أزمةَ العام الماضي، حين أسقطت القوات السورية طائرةً عسكرية روسية بالخطأ بعد ضربةٍ جويةٍ إسرائيلية على الأراضي السورية.

لكن المصالح الأمريكية والإسرائيلية والروسية في سوريا لا تزال مختلفةً بشكل جذري. فقد ساعدت روسيا وإيران الرئيس السوري بشار الأسد في الانتصار في الحرب الأهلية التي نشبت في عام 2011.

وقال إيران ليرمان، نائب الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي: «رغم أننا جميعاً نريد أن نشهد الاستقرار في سوريا، إلا أن بعضنا يحب نظام الأسد أكثر من غيره». وأوضح أن الروس «يدعمون الأسد، أما نحن فلا ندعمه بالطبع، بينما الأمريكان يمقتونه».

لكن الآن ثمة خلافات متفاقمة بين الروس والإيرانيين حول مستقبل سوريا. وأضاف ليرمان أنه في النهاية «ثمة حقيقة واضحة: نظام الأسد سيطر على الوضع في معظم سوريا».

وقال باتروشيف إن موسكو وطهران تتعاونان في الحرب على الإرهاب. وأضاف: «لدينا قدرة متبادلة على التأثير على بعضنا البعض، ولدينا الفرصة للإصغاء إلى بعضنا البعض. نتفهم مخاوف إسرائيل ونودُّ إزالة التهديدات القائمة بحيث يمكن ضمان أمنها. لكن علينا أن نتذكر في ذات الوقت أن دولاً أخرى في المنطقة لديها أيضاً مصالحها القومية الخاصة».