ارطاس الكنعانية.. جدار الفصل العنصري يطمس معالمها التاريخية

 

الانباط - وكالات

لم تسلم قرية ارطاس جنوب غرب بيت لحم من سرطان الاحتلال المتمثل في جدار الفصل العنصري الذي شكّل تفككا خطيرا في مشهدها الحضاري الثقافي القديم، ودمر أجزاء كبيرة من نظامها المائي.

ارطاس الكنعانية التي احتلت المرتبة الثانية من ناحية الأقدمية بعد أريحا، وفيها آثار قديمة زادت أهميتها، لُقّبت منذ زمن الصليبيين بـ"الجنة المغلقة"، وكلمة ارطاس "Hortus" يونانية (لاتينية) تعني الجنة أو البستان، فصل الجدار مساحات كبيرة من معالمها ومواقعها الأثرية والتاريخية والبيئية، ودمر جزءا كبيرا من قناة وادي البيار والعيون الموجودة فيه، بالإضافة إلى قناة العروب "قناة بيلاطس" والتي عملت منذ الفترة الرومانية على تزويد برك سليمان بما يلزمها من مياه.

هكذا يصف الباحث فادي سند، تبعات ما يمارسه الاحتلال بحقها، وقال يضم الجدار الفاصل بداخله ما تبقى من آثار دير البنات الذي بني بالفترة البيزنطية، بعد أن ناله قسط كبير من التدمير أثناء شق طريق وإقامة نقطة استيطانية جديدة، بالإضافة إلى بقايا خربة البيرة الرومانية.

وتابع، للجدار تأثير مباشر على عدم إمكانية تطوير مسار التجوال السياحي الثقافي الذي يربط بين برك سليمان وحصن هيرديوم، وبالتالي تضييق الدائرة السياحية لمنطقة بيت لحم، وعدم الإبقاء على المنطقة البيئية القائمة، بالإضافة الى اقتطاع أجزاء من الطريق الجبلي الأزلي الذي يربط جنوب فلسطين بشمالها وتغيير في مساره والذي ارتبط بأذهان الفلسطينيين منذ أقدم العصور، إضافة إلى تغير جذري في المسارب والدروب التي اعتاد عليها الفلاحون للوصول إلى أراضيهم وغيرها في شعاب المنطقة وجبالها، وخلق واقعا جديدا لها بعيدا عن ثقافة الآباء والأجداد.

وأضاف: الاستيلاء على الأراضي من قبل الاحتلال قلّص مساحتها الزراعية ومنعها من التوسع العمراني، بهدف توسيع تلك المستوطنات، ما خلق مشكلة في عدم التوسع بشكل أفقي.

وأضاف أن ارطاس ذات بيئة حضارية ثقافية تشكل متحفا ثقافيا وطبيعيا مفتوحا يمثل البقايا والمباني الحضارية للحضارات المتعاقبة في فلسطين، وتحتوي على أكبر نظام مائي مركزي عرفه تاريخ فلسطين.

وتابع: تم اكتشاف كهف أثري في آب 2000 يقع على الجانب الأيسر للطريق المؤدي إلى ارطاس في موقع شعب عودة شرقي البركة التحتا من برك سليمان كما تم العثور على قطع أواني فخارية كانت تستخدم منذ 3700 ق م.

وقال: من المعالم الأثرية الخالدة البرك المعروفة باسم برك المرجيع والمشهورة اليوم باسم "برك سليمان".

بدوره، قال المصور جمال كيوان، ارطاس أُدرجت ضمن الخارطة السياحية بفلسطين، لما لها من طابع أثري ديني ثقافي، فالقرية تضم عدة معالم أثرية سياحية.

المصورة ابتسام سليمان، أرطاس جميلة، يسمونها "بساتين سليمان" و"الجنة المقفلة " ويقدر عمرها بأكثر من 6000 عام.

عالمة الإنسان الفنلندية، السويدية الأصل "هيلما جرانكفيست" ببحثها (1925-1931) ذكرت أن القرية وصل عدد سكانها عام 1922 الى 433 كانوا يعيشون في الكهوف والبيوت المبنية من الاحجار بمنطقة قريبة من النبع.

القرية تقع في "واد خصيب" بين سفحي جبلين مرتفعين، ومساحة أراضيها حسب الوثائق العثمانية (13850 دونما)، وفي فترة الانتداب البريطاني تقلصت إلى ( 4304 دونما). بينما تبلغ مساحتها اليوم 3514 دونما.