واقع اقتصادي صعب.. من أين نبدأ؟

 بلال العبويني

رغم كل ما تقوله الحكومة، إلا أن الواقع الاقتصادي يبقى متأزما، والتحدي الكبير أن الإشكاليات متشابكة ومتعددة وعميقة، وتحتاج إلى أفكار خلاقة للخروج من المأزق ومعرفة بالضبط من أين نبدأ؟.

من المعروف أننا نعاني فيما تعلق بملف الطاقة، فاستراتيجية الطاقة لدينا ما زالت غير مفهومة، ومن ذلك السؤال المطروح دائما، لماذا تخسر شركة الكهرباء رغم عودة إمدادات الغاز المصري وبأسعار تفضيلية ورغم إمدادات كميات من النفط العراقي بسعر برميل يقل بـ 16 دولارا عن السعر العالمي.

بل ولماذا أسعار الكهرباء مرتفعة لدينا؟، ولماذا هي، وتعرفة المياه، متجهة على ما يبدو إلى الارتفاع، على الرغم مما لدينا من مشاريع طاقة متجددة يفترض أنها رخيصة، لكنها لم تنعكس على فاتورة المواطنين.

في ملف الاستثمار المحلي وجذب الاستثمار الأجنبي، لدينا مشاكل مستعصية ولا يبدو أن هناك أفقا مضمونا لحلها، والتي تتنوع أسبابها ومسبباتها إلى عوامل عدة منها ما ارتبط بأسعار الطاقة ومنها مرتبط بالتشريعات الناظمة، ومنها بالامتيازات التشجيعية التي يجب أن يحصل عليها المستثمر لتكون الأردن جاذبة بالنسبة إليه لإقامة عليها استثمارات رابحة.

لدينا مشكلة أيضا بإيجاد أسواق جديدة لتصدير منتجاتنا إليها، ولدينا مشاكل مرتبطة بالأسواق التقليدية التي نحتاج إلى تطويرها وأن ندخل في منافسة حقيقية مع الدول الأخرى على تلك الأسواق لتكون حصتنا أعلى من ما هي عليه اليوم كالسوق العراقية مثلا.

التجربة أثبتت أن الطرق السهلة التي تلجأ إليها الحكومات في توفير أموال للخزينة قاصرة، وكثيرا منها ساهم في تخفيض الواردات إلى الخزينة عندما تعطلت قطاعات اقتصادية مهمة مثل تجارة سيارات الهايبرد، ومثل حالة الركود التي تعانيها الأسواق نتيجة ضعف القدرة الشرائية.

ورغم ذلك يعترف وزير الصناعة والتجارة طارق الحموري "أن الحلول المتصلة بالضرائب والرسوم وارتفاع كلف الانتاج والتي تذهب لموازنة الدولة، لا يمكن الخلاص منها دون ايجاد مصادر بديلة للموازنة".

والسؤال دائما يتمحور حول الحلول البديلة، التي يجب أن تبتعد بها الحكومات عن الطريق السهل باللجوء إلى جيوب المواطنين.

في الواقع، لم تشكل هذه الحكومة فرقا عن سابقاتها، وما يتم الحديث عنه من إنجازات ما زال غير ملموس البتة، وبالتالي لا يمكن وصفها بـ "إنجازات" إلا إن شعر بها المواطن وانعكست على الأداء الكلي للاقتصاد الوطني.

والأداء الكلي للاقتصاد الوطني ليس مريحا، رغم ما يقال عن تحسن هنا أو هناك، مثل حديث الوزير الحموري أمس عن الصادرات الوطنية، لأن هذا التحسن يقابله ضعف مثل تراجع الواردات المتأتية من شركات التبغ مؤخرا بعد انتشار السجائر الالكترونية بالإضافة إلى ضعف الواردات المتأتية من سلع وقطاعات اقتصادية أخرى.

من دون أدنى شك، نحتاج من الحكومات أن تفكر خارج الصندوق وأن تبتعد عن الحلول التقليدية التي لم تعد حلولا بل سببا في الأزمة، وعليها أن تدرك من أين تبدأ وأي الملفات التي يشكل معالجتها مفتاحا للتخفيف من وطأة ما نعانيه من أزمة اقتصادية خانقة، وإلا سنظل ندور في الفراغ أو نصل إلى ما هو أسوأ من ذلك، فالتحسن في أداء الاقتصاد لا يكون كذلك طالما ننظر إلى الأرقام بشكل مجرد دون انعكاسها على الواقع الحياتي اليومي للمواطنين.