عشرينية المملكة الرابعة

  وليد حسني

 تمر عشرون سنة في صحبتنا لجلالة الملك عبد الله الثاني، وهي مناسبة لا تبدو عادية تماما، فاليوم نستدعي سلسلة طويلة من التذكر والاستذكار لعشرين سنة مضت فرضت التحديات نفسها علينا بالقوة، وتحديناها بالصبر تارة وبالتكيف تارة اخرى، معززين بالثقة بالملك وبالدولة وبأنفسنا.

 

والمملكة الرابعة في عشرينيتها تبدو أمام استحقاقات وتغيرات قد تنسحب على المستقبل الأردني برمته، فلاءات الملك الثلاث لصفقة القرن وحوافها، لا تبدو أنها مرشحة هذا الأوان ومستقبلا للنسيان سواء من الأردنيين الذين دعموا الملك بقوة، او من جهة الحلفاء وفي مقدمتهم بالطبع الأمريكان الذين لن يتوقفوا قبل أن يكسروا هذه اللاءات، وهو ما لن يقبله الأردنيون تحت أي ضغط او ممارسات.

 

اليوم تنفتح أفكار الأردنيين على طموحات واحلام العقد الثالث او العشرية الثالثة للمملكة الرابعة، على الأقل في سياقات أحلامهم بتفكيك منظومة الفساد الناخرة في عصب القطاعين العام والخاص على حد سواء، وفي معالجة الأزمة الاقتصادية بكل تداعياتها واستحقاقاتها ووجوهها البشعة سواء لجهة ارتفاع منسوب الفقر او لجهة اتساع حصة البطالة في قطاع الشباب وللقوى العاملة الجاهزة للعمل في حال توافره.

 

وفي مطالع العشرية الثالثة للمملكة الرابعة يبدو الاردن أمام استحقاقات عليه المرور بها طوعا او قسرا، فهناك ملف صفقة القرن، والوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الشريف، والسيناريوهات المحتملة للحل النهائي للقضية الفلسطينية التي لا يمكن له ان تتم بدون الأردن والفلسطينيين معا، وهنا تبدو المعادلة أمام قوة امريكا مختلة تماما ومرتبكة إذا ما أصر الأمريكان على تنفيذ خططهم الداعمة لإسرائيل الكبرى، فسيجدون انفسهم أمام قلعة حصينة يصعب كسر جدرانها وتسلقها.

 

ظل الأردن على الدوام الجدار العربي الوحيد الذي يرتكز الفلسطينيون اليه في محنتهم، ولا يجد الأردن نفسه خارج تلك المهمة الشاقة في استمرار حمل المشروع الفلسطيني الاستقلالي الى جانب الفلسطينيين، وفي حالات عديدة بدا الأردن اكثر تشددا من الفلسطينيين انفسهم فيما يخص مسارات التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي، وفيما يتعلق بالشكل النهائي للحل، وهو الشكل الذي رسمه الأردن ولا يزال يتمسك به على الدوام.

 

وفي مطالع العشرية الثالثة ينتظر الأردنيون المزيد من تعزيز الديمقراطية، والتوجه نحو الانتفاع من باطن الأرض الأردنية من ثروات تقدر بالمليارات لتحسين اداء الاقتصاد الأردني وبما ينعكس ايجابا على مستوى الرفاه الأردني بالقضاء على كل مسوغات الفقر والبطالة، مما يجعل من مهمة استخراج النحاس، واليورانيوم، والنفط والغاز،، والصخر الزيتي..الخ، اولويات وطنية كبرى لا تحتمل التاخير والتأجيل.

 

والسبب اننا في الأردن مقبلون على سياسة أشبه بالحصار المفتوح قد تفرضه امريكا وحلفائها في المنطقة علينا لكسر حدة رفضنا للحلول الأمريكية المقترحة للقضية الفلسطينية، وقد نجد انفسنا مستقبلا بلا معونات خارجية ترفد الخزينة لمساعدة الأداء الاقتصادي في حدوده الدنيا، وهي وسائل باتت مكشوفة وواضحة لكل ذي بصيرة يرى المستقبل بعدسات مكبرة لا تحتمل الشك او التشكيك.

 

ونحن نلج العشرية الثالثة للمملكة الرابعة لا أظننا كأردنيين نقبل اي اختبار لقدرتنا على الولوج الى مستقبل لا مكانة لنا فيه، تلك المكانة التي يصنعها صاحب العشرينية الثالثة باقتدار وبثقة منا لا حدود لها.