القمة الإسلامية تؤكد على دولة فلسطينية عاصمتها القدس

 انطلقت في مكة المكرمة، ليلة السبت، أعمال الدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية العادية لمنظمة التعاون الإسلامي، بمشاركة جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي يترأس الوفد الأردني المشارك في أعمال القمة.

وتبحث القمة التي تعقد تحت شعار "قمة مكة : يداً بيد نحو المستقبل"، بمشاركة عدد من قادة الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، مختلف قضايا العالم الإسلامي لبلورة موقف موحد تجاهها، لا سيما القضية الفلسطينية، والأوضاع الراهنة في كل من سوريا، اليمن، ليبيا، السودان، الصومال، وكذلك مكافحة الارهاب والاسلام فوبيا وغيرها من القضايا.

وجدد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في كلمته الافتتاحية للقمة التأكيد على رفضنا القاطع لأي إجراءات من شأنها المساس بالوضع التاريخي والقانوني للقدس الشريف.
وقال الملك سلمان إن التطرف والإرهاب من أخطر الآفات التي تواجه الأمة الإسلامية والعالم ويجب تظافر الجهود لمكافحة هذه الظاهرة.

وأكد أنه يجب أن تتضافر الجهود لمحاربة الإرهاب وكشف داعميه وتجفيف موارده المالية بكل السبل والوسائل المتاحة.

وعرج  الملك سلمان خلال كلمته على العمليات التخريبية الإرهابية  التي استهدفت سفنا تجارية قرب المياه الإقليمية الإماراتية واصفا إياها بأنها تهديد خطير  لأمن وسلامة حركة الملاحة البحرية والأمن الإقليمي والدولي.

وأضاف العاهل السعودي: "كما تعرضتْ محطتا ضخ للنفطِ في المملكةِ العربية السعودية لعملياتٍ إرهابية عبر طائراتٍ بدون طيار من قبل مليشياتٍ إرهابية مدعومةٍ من إيران."

"ونؤكدُ على أنّ هذه الأعمال الإرهابية التخريبية لا تستهدفُ المملكةَ ومنطقة الخليجِ فقط، وإنما تستهدف أمن الملاحةِ وإمداداتِ الطاقة للعالم."

من جانبه، قال أمين عام منظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين ان القضية الفلسطينية تبقى في أعلى سلم الأولويات، مضيفا ان القمة الاسلامية بمكة تنعقد في ظرف حرج لما تشهده من تحديات نتيجة مواصلة الاحتلال الإسرائيلي تنكره لقرارات الشرعية الدولية، وانتهاكاته ضد المسجد الأقصى، وتصعيد ممارساته ضد الشعب الفلسطيني.

واكد تمسك منظمة التعاون الإسلامي بحقوق الفلسطينيين التاريخية وبحل الدولتين. وقال ان ما يشهده العالم الإسلامي من حروب ونزاعات يجب ألا يعيق مسيرة التنمية.

من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو، التي تراست بلاده الدورة السابقة للقمة الاسلامية انه بعد خمسين عاما من تأسيس المنظمة لا نزال نواجه تحديات في قضية فلسطين والقدس.

واضاف ان العالم الاسلامي بحاجة الى وحدة لا تتزعزع تجاه القضية الفلسطينية، وان الفلسطينيين مطالبون بالتوحد، مشيرا الى ان الانقسامات لا تخدم القضية الفلسطينية وتخدم اولئك الذين يسعون الى استمرار احتلال فلسطين. 

وتابع ان القضية الفلسطينية بخطر وعلى الفلسطينيين تخطي الانقسامات، داعيا الى توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تحاول فرض واقع جديد أمام القضية الفلسطينية. وقال ان حل القضية الفلسطينية بناء على قرارات الامم المتحدة هو ما يجب ان نركز عليه، مؤكدا ان القضية الفلسطينية والقدس ستبقى القضية الاساسية لنا جميعا، ويجب اقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 67 مع القدس الشريف كعاصمة للدولة الفلسطينية، وغير ذلك فان المنظمة سترفض اي حل اخر.

ودعا الدول الاسلامية الى تحمل المسؤولية التاريخية والوفاء بالتزاماتها تجاه القضية الفلسطينية والقدس.

من جهته، ودعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الحكومات والشعوب الاسلامية والعربية لتكثيف الجهود في مواجهة التحديات.

وقال انه يجب مواجهة تيارات الإرهاب والتطرف ومنع استنزاف مقدرات البلدان العربية والاسلامية.

واضاف "تجمعنا وحدة المصير في عالم يتجه نحو التكتلات العابرة للحدود وعلينا مواصلة العمل لتعزيز التضامن وبناء موقف عربي وإسلامي موحد".

وألقى الرئيس النيجيري محمد بخاري كلمة المجموعة الأفريقية، قال فيها إن هذه القمة لها أهمية بالغة من عدة جوانب، حيث تعقد في وقت مبارك في آخر أيام شهر رمضان المبارك.

وأضاف أننا نواجه تحديات خطيرة تتطلب تنسيقا دائما، معتبرا الإرهاب أبرز التحديات التي تواجه العالم والأمة الإسلامية.

وأكد دعم المجموعة الأفريقية للإجراءات التي تقوم بها منظمة التعاون الإسلامي لحل القضية الفلسطينية، والكثير من الأزمات مثل سوريا واليمن وغيرها ومعالجة العديد من الصراعات.

وقال "يتوجب علينا التعاون لمواجهات المنظمات الإرهابية والمتطرفة، معربا عن امله بتحقيق انتقال سلمي وسريع للسلطة في الجزائر والسودان.

من جهتها، قالت رئيسة وزراء بنغلادش شيخة حسينة واجد، إن منظمة التعاون الإسلامي أسست لحماية وضمان حقوق الفلسطينيين، وعلينا مواصلة الجهود للنهوض بأمتنا الإسلامية على كافة الصعد. 

وأكدت أن التطرف يعطي صورة خاطئة عن الإسلام، مؤكدة تعاطف بلادها مع ضحايا العمليات الإرهابية.

وقالت إن شعب الروهينغا يعاني معاناة رهيبة، لذلك لابد من توفير بيئة ملائمة لعودة النازحين منهم بأمن وكرامة، مشيرة الى أن بلادها منحت حق اللجوء لحوالي مليون من مسلمي الروهينغا الفارين من ميانمار". 

واضافت أن "بنغلاديش تعاني أعباء ثقيلة جراء استضافة هذا العدد الهائل من اللاجئين".

ودعت العالم الإسلامي، الذي يعاني من وصمه بالارهاب، الى العمل على وضع حد لتمويل الإرهابيين.

بدوره، أكد أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إدانته لما تتعرض له السعودية من هجمات تستهدف أمنها، مثلما دان الهجمات التي تعرضت لها السفن قبالة سواحل الإمارات لما تشكله من تهديد لأمنها واستقرار المنطقة.

وقال إن منطقتنا والأمة الإسلامية تمر بظروف بالغة الخطورة وتحديات غير مسبوقة ما يدعونا إلى التعامل مع الأوضاع بأقصى درجات الحيطة والحذر وافساح المجال للجهود الهادفة إلى احتواء التصعيد والنأي بمنطقتنا عن التوتر والصدام وأن نحكّم العقل والحكمة.

وأكد أن القضية الفلسطينية على رأس أولوياتنا نتألم لتعثّر جهود حلها ونعاني استمرار معاناة أبنائها وندعو المجتمع الدولي الى إحياء عملية السلام مؤكدين أن أي حل لابد ان يستند إلى حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشرقية .

وقال إن استمرار معاناة الشعب اليمني الشقيق يمثّل تحدياً لأمتنا الإسلامية الأمر الذي ندعو معه إلى ضرورة الالتزام باتفاق ستوكهولم الأخير للوصول إلى الحل وفق المرجعيات المعتمدة والمتفق عليها.

وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن مصر لن تدخر جهداً لدعم وتعزيز عمل منظمة التعاون الإسلامي باعتبارها المظلة الرئيسية للعمل الإسلامي المشترك في مختلف المجالات.

وقال "ستحرص مصر على الاستمرار بشراكة وفعالية في مختلف المبادرات التي تطلقها المنظمة وفي فعالياتها المنوعة إيماناً بأن مقتضيات المسؤولية وحجم التحديات التي يواجهها عالمنا الإسلامي، تتطلب وحدة الكلمة والصف، فبدون هذه الوحدة كيف سيتسنى لنا أن نواجه موجة غير مسبوقة من عدم الاستقرار والتوتر السياسي والأمني تجتاح عالمنا الإسلامي وتهدد بتقويض دوله ومؤسساته من جذورها".

وأضاف أن ظاهرة الإرهاب المختلفة أشكالها وما يواكبها من تطرف ديني وانتشار لخطاب الكراهية والتمييز تأتي على رأس التحديات التي تواجه عالمنا الإسلامي بل والانسانية جمعاء، الأمر الذي يتطلب تكاتف الدول الإسلامية لتفعيل الأطر الدولية والإقليمية للقضاء على الإرهاب ومكافحة الفكر المتطرف وسائر جوانب الظاهرة الإرهابية، بالإضافة إلى مهام مكافحة الإرهاب وما يتصل به من خطاب متطرف يتاجر بالدين ويشوه صورته.

وأكد تمسك بلاده بحل شامل للقضية الفلسطينية ومنع متاجرة الإرهابيين بحقوق الفلسطينيين، كذلك تمسكه بحل عادل وفق رؤية الدولتين والقدس عاصمة فلسطين، مديناً محاولة الميليشيات الحوثية استهداف أمن السعودية.

بدوره، دعا ملك مملكة البحرين حمد بن عيسى آل خليفة إلى تبني حلول عملية ومعالجات حاسمة وفورية لما يشهده العالم الاسلامي من قضايا وأزمات تسبب هدراً للموارد وتهدد المصالح وتربك المسيرة الانسانية نحو العيش المشترك والحياة الطيبة الآمنة التي تستحقها شعوبنا.

وقال إن في مقدمة تلك القضايا الوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، معربا عن تطلعه لدور فاعل لمنظمة التعاون الإسلامي وتنفيذ كافة قراراتها لتمكين الشعب الفلسطيني من حقه المشروع في قيام دولته المستقلة الكاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران للعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وذلك وفقاً لمبادرة السلام العربية ولحل الدولتين والمرجعيات الدولية ذات الصلة.

من جهته، قال رئيس وزراء باكستان عمران خان، إنه يجب على المجتمع الدولي أن يحرص على احترام مشاعر أكثر من مليار مسلم، داعياً الى التصدي للمحاولات المغرضة التي تتعمد شق الصفوف وإثارة الفتن لإضعاف جسد الأمة. وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، قال "نتمسك بحل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين".

وطالب رئيس الوزراء الباكستاني المجتمع الغربي بالتمييز بين المسلم المعتدل والاخر المتطرف.

وقال إن بعض الدول الغربية تعاني من ظاهرة الإسلاموفوبيا، مشدداً على ضرورة استثمار موارد العالم الإسلامي وعلى رأسها التعليم.