المسحراتي .. موروث رمضاني يعكس صورة إنسانية نبيلة لكرم الأردنيين
"إصحى يا نايم وحّد الدايم.. يا عباد الله وحّدوا الله.. رمضان كريم". جُمل موروثة يرددها المسحراتي عدنان عطية يوميا خلال شهر رمضان في شوارع منطقة تلاع العلي غرب العاصمة الأردنية عمّان، طمعا في نيل الثواب والأجر بإيقاظ المسلمين قبل صلاة الفجر لتناول وجبة السحور.
يقيم عدنان في مدينة الرصيفة التي تبعد عن العاصمة نحو عشرين كيلومترا، مما يضطره للخروج من بيته الساعة 1:30 بعد منتصف الليل بالسيارة للوصول إلى وجهته.
ويحمل المسحراتي عدنان الذي يرتدي الزي التراثي الطبلة، ويسير على قدميه بسرعة لمدة ساعة ونصف الساعة في منطقة جبلية، مستمتعا برؤية البيوت الأردنية وهي تضاء بالأنوار.
أنفع العبادات
ويقول المسحراتي عدنان للجزيرة نت إن "مهنة المسحراتي من أنفع العبادات وأكثرها ثوابا وأجرا في رمضان".
ويوضح أنه رغم تعرضه لإصابة في يده بداية الشهر الفضيل فإنه لم يتوقف واستعان بإبراهيم -ابن شقيقته- في حمل الطبلة، لأن إيقاظ الناس على السحور عادة تعلمها من جده منذ 18 سنة ولا يتخيل أن يتوقف عن ممارستها تحت أي ظرف من الظروف.
وعن انتقال قارع الطبل من مدينته إلى العاصمة، أشار إلى أنه وأثناء الحصول على التصريح الخاص بمزاولة المهنة وتحديد المنطقة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قبل عشر سنوات، عرض عليه الموظف المسؤول أن يسحر الناس في منطقة تلاع العلي.
وطلب عدنان من شقيقيه عادل وعلاء اللذين يكبرانه ويمارسان مهنة المسحراتي في الرصيفة، مساعدته في إيقاظ سكان المنطقة الكبيرة.
ويخرج الأشقاء الثلاثة في سيارة واحدة ويقتسمون الشوارع الداخلية في المنطقة.
ويجتمعون بعد أكثر من ساعة في أحد الشوارع -قبل صلاة الفجر- لتناول وجبة السحور من الطعام الذي يقدمه لهم بعض السكان.
برودة الطقس
هذا العام وبسبب برودة الطقس يتناول الأشقاء الثلاثة وجبة السحور بالسيارة أو في البيت مع الزوجات والأبناء، وفق قول علاء للجزيرة نت.
وأكد علاء -الذي مارس هذه المهنة مع جده وهو في العاشرة- أن الطعام الزائد عن الحاجة يوزع على بعض الأسر العفيفة وهو يعكس صورة إنسانية نبيلة لكرم الأردنيين.
وصادف أن واجه الأشقاء الثلاثة مواقف محرجة مع بعض السكان بسبب اختلاف الديانة أو بسبب انزعاج كبار السن والأطفال من ارتفاع صوت الطبل والمسحراتي.
وأشار علاء إلى أن احترام المسحراتي لوجهات النظر المختلفة والتعامل بهدوء وحكمة مع الشخص المنزعج يدفع الأخير -في كثير من الأحيان- للاعتذار والترحيب وإحضار الأبناء لالتقاط الصور مع المسحراتي.
الشغف بقدوم رمضان
ينتظر الأشقاء الثلاثة -الذين يمارسون مهنا صناعية مختلفة في النهار- بشغف قدوم شهر رمضان لإيقاظ المواطنين، ملتزمين حرمة الشهر الفضيل في العادات والتقاليد.
ويقول عادل في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت عن العلاقة مع سكان المنطقة أن السكان يسألون عن غيابه الاضطراري في كثير من الأيام هذا العام، بسبب وجود ابنه في المستشفى.
وأوضح أن هذا الاهتمام قائم على العلاقة الوطيدة ويعكس التقدير والاحترام المتبادلين بينهم وبين كثير من السكان.
وأشار عادل إلى أن مشكلة استغلال المتسولين لعدم معرفة بعض السكان لشكل المسحراتي، وحصولهم على العيدية التي تقدم نهاية الشهر، من الأمور التي لا تثير غضبه ولا غضب شقيقيه لأن الحصول على الثواب والجزاء أعظم من المال. (الجزيرة)