حديث الناس في رمضان

 أ.د.محمد طالب عبيدات

حاكتْ الجلسة الحوارية الرمضانية التي جاءت عقب حفل الإفطار السنوي لجمعية عون الثقافية برعاية دولة الأخ فيصل الفايز رئيس مجلس الأعيان، حاكت كلام الناس هذه الأيام على أمل المساهمة في الجُهد الجمعي المترادف لتوثيق الجهود الوطنية في بناء الدولة الأردنية والنهوض بالقضية الفلسطينية، فبحضور نخبة من الشخصيات الوطنية والهيئة الإستشارية للجمعية وهيئتيها الإدارية والعامة وداعميها والذين تشرّفت بأن أكون بينهم ومشاركاً في الفعالية، فقد عرّجت المداخلات جلّها على ما يدور في إقليم الشرق الأوسط والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الوطن:

 

1. الحديث المُرعب للناس يتبلور جُله حول صفقة القرن المُبهمة والتي لا يعلم خفاياها إلّا قليلون وهم من خطط لها وسيصنعها والتي ستقع على دول الإقليم بالبرشوت، وربما بدأت بوادرها فعلاً من خلال الإذعان الدولي للقدس كعاصمة إسرائيل –بالرغم من الرفض والمقاومة الأردنية والعربية والإسلامية- والإعلان عن قانون يهودية الدولة والإعلان الأمريكي أن الجولان جزء من دولة إسرائيل، والحبل على الجرار!

 

2. ويتمسّك الأردنيون بتطلعات قيادتنا الهاشمية حيث الموقفين الرسمي والشعبي في خندق الوطن صوب دعم القضية الفلسطينية والتمسّك بملف القدس كعاصمة لفلسطين والوصاية الهاشمية على المقدّسات الإسلامية والمسيحية، وضرورة التوحّد في هذه القضايا المفصلية.

 

3. التحدّي الإقتصادي وشبح البطالة بين الشباب والضُغوطات الإقتصادية الخارجية تتصدّر المشهد في التحديات الداخلية، فهنالك ضرورة لبلورة استثمارات ومصادر تمويل على الأرض لتشغيل الشباب العاطل عن العمل ومحاربة جيوب الفقر وخصوصاً في محافظات الأطراف لتوزيع مكتسبات التنمية بعدالة.

 

4. فعالية وسائل التواصل الإجتماعي سواء الإيجابية في تفعيل لغة الحوار والمواطنة الصالحة والتشبيك المجتمعي وغيرها، أو السلبية في إستخدام منصات التواصل الإجتماعي لبث سموم الفتنة والفُرقة والإشاعة المغرضة وإغتيال الشخصية والإبتزاز وغيرها، كل ذلك ساهم بفعالية في تراجع وإنهيار منظومة القيم والأخلاقيات والموروث الإجتماعي والحضاري وزعزعة بُنية المجتمع.

 

5. مشروعنا الوطني النهضوي الذي وجّه جلالة الملك الحكومة صوبه والمتمثّل في بلورة دولة الإنتاج ودولة القانون ودولة التكافل الإجتماعي، نحتاج إليه بقوّة لغايات تشغيل الشباب وتفعيل المساءلة ومكافحة الفساد وروحية العطاء والتميز وزيادة النمو الإقتصادي وتفعيل القوانين والأنظمة على الأرض وغيرها من الأفكار النهضوية الفاعلة.

 

6. الأوراق النقاشية الملكية التي حاكت ملامح الشورى بين القائد والشعب ما زالت تحتاج لأن تقوم الحكومة والمؤسسات الدستورية ومنظمات المجتمع المدني كلّ وفق إختصاصه لبلورتها لبرامج عمل قابلة للتطبيق لننعم بإصلاحات شاملة وفق خريطة الطريق الملكية في هذا الصدد.

 

7. نحتاج لتوحيد المواقف العربية والإسلامية كلها صوب مشروع يناصر القضية الفلسطينية وينهض بالأمة من حالة الهوان والضعف والتشرذم التي تعيشها، ويحتاج ذلك لتكاملية الأدوار وإعادة درجة الثقة بالنفس والثقة بين الحكومات والشعوب.

 

8. نحتاج لرص الصفوف وتوحيد جبهتنا الداخلية ووحدتنا الوطنية ونسيجنا الإجتماعي للوقوف صفاً واحداً خلف قيادتنا الهاشمية، ونحتاج لننأى جانباً بكل خلافاتنا الجانبية لخلق حالة التوحّد والوحدة بين أبناء الدولة الواحدة والأقطار العربية والإسلامية على سبيل توحيد الجهود صوب مشروعنا النهضوي والإصلاحي.

 

9. نحتاج لبناء وتنشئة جيل مؤمن بالديمقراطية والمواطنة الصالحة كنهج حياة وإيجاد هذه البيئة على الأرض مجتمعياً وسياسياً، ونحتاج لتربية الجيل على الثقافة الديمقراطية وعصرنة ثقافتنا المجتمعية صوب الإصلاح الشامل، ونحتاج للبناء على إيجابيات نظامنا الإجتماعي العشائري وتصويب بعض التصرفات عند البعض للبناء على ذلك صوب دمقرطة الحياة العامة وبتشاركية.

 

10. قبول صفقة القرب مُرّ ومُهين ورفضها ربما أمر! ولذلك فرصُّ الصفوف الداخلية والتنسيق العربي والإسلامي موضوع في غاية الأهمية في هذه الظروف، وربما توحيد الرؤى العربية وأدوات الضغط الإقليمية والعالمية يعطي دول المنطقة دور أفضل.

 

11. حالتنا في الأردن وبما ننعم به من أمن وإستقرار ما كان ليكون لولا قيادتنا الهاشمية وأجهزتنا الأمنية وجيشنا العربي المصطفوي ومواطننا الواعي، فلنحافظ على هذا المُنجز الحضاري وقصة النجاح التي تواءمت مع ديقراطيتنا ونظامنا الإجتماعي العشائري وتطلعات الدولة المدنية.

 

12. ملفات التحديات الداخلية الأخرى كالنقل والطاقة والمياة وإصلاح التعليم وتجويد الإدارة العامة ومكافحة الفساد وتعزيز النزاهة الوطنية وتكريم الشرفاء والبناء على جهودهم وتعزيز قيم الإستحقاق بجدارة والكفاءة وقصص النجاح والنماذج الناجحة ومحاربة الشللية والواسطة والمحسوبية وغيرها جلّها تحديات يجب إصلاحها أو البناء عليها.

 

بصراحة: حديث الناس في سهرات رمضان جُلّه سياسي وإقتصادي بإمتياز ويطال التحديات المحلية والخارجية، ويؤشر لوعي مجتمعي ونضوج فكري كبير، والمطلوب في هذه الظروف أن نكون جميعاً في خندق الوطن وخلف القيادة الهاشمية ليبقى هذا الوطن يشكّل قصة نجاح أممية وإقليمية.