صندوق النقد: الاردن يحتاج مواصلة الإجراءات الإصلاحية ليلمسها المواطن
أكد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للأردن مارتن سيريسولا، أن الأردن، ورغم أنه يواجه ظروفا صعبة وتحديات ضاغطة، إلا أن هناك إشارات عديدة على التحسن في الأداء الاقتصادي تبعث على التفاؤل، لذلك تحتاج الحكومة لمواصلة الإجراءات الإصلاحية ليلمس اثرها المواطنون.
وأضاف سيريسولا في مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، عبر الهاتف من واشنطن، في ضوء إقرار مجلس إدارة الصندوق لتقرير المراجعة الثانية لأداء الاقتصاد الوطني، إن التحسن ظهر في ارتفاع الصادرات وزيادة الدخل السياحي وحوالات العاملين في الخارج.
وقال، إن الوضع لازال صعبا وهناك تحديات تتطلب من الحكومة أن تمضي في تنفيذ الإصلاحات التي توافقت عليها مع البرلمان الأردني العام الماضي، مؤكدا أن العام 2018 كان صعبا بشكل خاص، لكن في العام الحالي 2019، بدأ الأردنيون يرون علامات إيجابية على التحسن في الاداء الاقتصادي مثل ارتفاع ايرادات قطاع السياحة وتحويلات العاملين والصادرات إلى العراق وبعض دول الخليج.
واكد أنه مع التنفيذ المستمر والثابت للإصلاحات الضرورية، فإن مستويات المعيشة ستتحسن، ما يمكن الحكومة من أعادة توجيه الأموال إلى القطاعات ذات الأولوية مثل التعليم والصحة والبرامج الاجتماعية، مشيرا الى أن الصندوق يعمل في الوقت نفسه بشدة على حث مجتمع المانحين لمواصلة دعم الأردن ماليا لمساعدته في مواجهة أزمة اللاجئين وجهود الإصلاح التي يبذلها.
وحول الانتهاء من المراجعة الثانية للأداء الاقتصادي الأردني، قال سيريسولا: أصبح لدى الأردن فرصة للتركيز على تنفيذ الإصلاحات والسياسات التي من شأنها المساعدة في تخفيض الدين العام، وخلق فرص العمل خصوصا للشباب والنساء، وتحقيق نمو شامل.
وأكد أهمية إعطاء الأولوية لتدابير الحد من التهرب الضريبي، وتخفيض تكلفة توظيف الأردنيين وزيادة فرص العمل، وتنفيذ خريطة الطريق لإصلاح شركة الكهرباء الوطنية (نبكو) لتخفيض تكاليف الكهرباء المرتفعة على الشركات، مشددا على أهمية استكمال الإصلاحات ببرنامج حماية اجتماعي جيد يكون موجها لحماية الطبقات الدنيا والمتوسطة.
وأشار سيريسولا إلى أن مجلس الصندوق وافق على تمديد البرنامج الحالي (التسهيل الممتد) 7 شهور إضافية تنتهي في آذار 2020، حيث ستبدأ المملكة بالتفاهم مع الصندوق على برنامج جديد لم تبدأ المشاورات حوله ولم تتضح معالمه بعد.
وقال سيريسولا، "إن المراجعة الثانية تم اعتمادها، لا سيما وأن المملكة حافظت على الاستقرار في بيئة اقتصادية معقدة وتحديات اقتصادية وسياسية. التوقعات لا زالت صعبة بسبب بقاء النمو (الاقتصادي) منخفضا والبطالة مرتفعة والمنطقة لا زالت تعاني من التعقيدات".
وأكد أن "عام 2019 هو عام التنفيذ، عام العودة إلى تقليل عجز الموازنة"، مؤكدا أن قانون ضريبة الدخل الجديد يتم تطبيقه بفعالية، واذا ما استمرت الحكومة في ذلك، فإنه سيمهد الطريق لمحاربة التهرب الضريبي، وهذا لا يساعد فقط في تخفيض العجز والدين العام، بل يساعد أيضا في الإنفاق على التعليم والصحة بما يضمن زيادة مستوى الحياة للمواطنين.
وبين أن من أهم التحديات ارتفاع نسبة البطالة لمستويات عالية، مؤكدا أن البطالة المرتفعة ناتجة عن انخفاض في مستوى النمو الاقتصادي، وارتفاع تكلفة التوظيف لدى الشركات، خصوصا الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي يتطلب بذل جهود حكومية حثيثة لتخفيض التكلفة وإيلاء اهتمام أكبر لهذه الشركات وتوفير فرص العمل فيها.
وقال، إن التركيز على هذه القضايا (البطالة وإصلاح سوق العمل) يتحقق تدريجيا مع تحسن في الظروف الخارجية، ومنها تحسن مستوى الصادرات الأردنية إلى العراق ودول الخليج العربي، مؤكدا أن المضي في الاصلاحات، التي تم الاتفاق عليها، سيسهم في تحسن الأداء الاقتصادي في العام الحالي 2019 وفي العام المقبل، وأيضا في مستوى ظروف المعيشة.
وحول أثر مؤتمر لندن على الاقتصاد الأردني، قال سيريسولا إن المؤتمر حقق نجاحا مهما حيال ضمان التزام المستثمرين الدوليين بالاستثمار في الأردن، ومن جهة الصندوق، تم القيام بدور مهم لجمع المانحين لتوفير الدعم للأردن والعامين الحالي والمقبل، والالتزام بمواصلته مستقبلا.
وأضاف، ان المؤتمر شهد مشاركة المدير العام للصندوق كريستين لاجارد، التي لعبت دورا مهما في شرح الفرص والاجراءات التي ستقوم بها الحكومة الأردنية وخططها المستقبلية لضمان توفير المساعدات اللازمة للأردن.
وبين ان معدل النمو الاقتصادي في الربع الأول كان متوافقا مع توقعات الصندوق، وقال "لا نرى أي دليل أو اشارات على أن الاقتصاد بوضع صعب، وفي الحقيقة فإن المؤشرات التي رصدناها تعكس التحسن في البيئة، وانخفاض التضخم لا يعكس تراجعا في الطلب بل يعكس التراجع في الاسعار العالمية بما فيها الغذاء".
وقال: "لست قلقا على معدل التضخم، رغم انه أقل من توقعات الصندوق، لذلك سنواصل مراقبة التضخم الذي نتوقع أن يعاود الارتفاع".
واشار إلى العوامل التي ستساعد وتدعم النمو، منها فتح الحدود مع العراق وتقليل تكلفة الصادرات من ناحية النقل، وانخفاض مستوى اسعار الفائدة في الأسواق الناشئة مقارنة بمستوى نهاية العام الماضي، كل ذلك في ظل ارتفاع قيمة تحويلات العاملين في الدول الأخرى، مشيرا الى أن المواطنين "لا يمكنهن الاستمرار في الانتظار، يجب أن يروا تحسينات ملموسة، ولن تأتي هذه التحسينات فقط من تحسين البيئة والظروف، والتي هي خارج سيطرت المملكة، بل ايضا من اجراءات مباشرة واصلاحات من الحكومة".
وأضاف، ان هناك اجراءات تساعد، من خلال التشريعات التي تم انجازها أخيرا رغم طول انتظارها، ومنها قانون ضمان القروض، وقانون الافلاس وقانون التفتيش، في تنشيط الاقتصاد، "لكن إذا اردنا مدخلات للاقتصاد، يجب التعامل مع إصلاح نبكو وإصلاح سوق العمل، على أنها ضرورة، حتى يشعر المواطنون بتحسن ملموس في مستوى الحياة.
واشاد سيريسولا بالسياسة النقدية التي تعمل بشكل جيد في المحافظة على التوازن في دعم الاقتصاد وسعر الفائدة، وقال: اداء البنك المركزي الأردني مميز في بناء الاحتياطات ونمو حجم التمويل للقطاع الخاص وتوفير خطوط تمويل خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة ومساعدتها في تجاوز العقبات التي تواجهها المنطقة في الوصول إلى مصادر التمويل. (بترا- فايق حجازين)