الرزاز رفض الجوائز وأهدر الفرص

 بلال العبويني

نكاد نجزم أن عمر حكومة الدكتور عمر الرزاز ما كان ليستمر لهذه المدة، على قصرها، لو أنها ترافقت مع بداية عهد مجلس النواب، غير أن المدة المحصورة والمرتبطة بقرب انتهاء عمر المجلس ربما كانت العامل الحاسم في استمرارها.

 

نقول ذلك ونحن نراقب حجم عدم الرضى، وعلى عدة مستويات، عن الأداء والخيبة التي شعر بها الكثيرون عندما علقوا آمالا على الرزاز ليسجل علامة فارقة في أداء الحكومات، غير أن النتيجة كانت مغايرة تماما.

 

التعديل الثالث الذي أجراه الرئيس على حكومته كان بمثابة الفرصة الأخيرة له ليعيد تصحيح المسار وما اعترى بداية التشكيل الحكومي والتعديلين الأول والثاني من مؤشرات عدم الرضى الذي حكم عليه الكثيرون بالضعف وعدم التوفيق.

 

غير أنه جاء غريبا عجيبا ليترك الأسئلة معلقة عن سبب خروج وزراء من التشكيلة الحكومية وسبب دخول آخرين إليها، بل ترك الأسئلة معلقة بألوان الفريق الوزاري الذي لا يؤشر أي ملمح إلى توافق أو انسجام سيكون بين أعضائه، ما يعني أن عوامل التأزم ربما تتفاقم خلال الفترة المقبلة داخل مجلس الوزراء، وهو ما سيكون عاملا حاسما في تعطيل الإنجاز لا تسريع وتيرته.

 

الغرابة تكمن في عدة أمور، أهمها شخصية وخلفيات وزير الداخلية سلامة حماد التي لا تتوافق مع طروحات الرئيس نفسه الفكرية والثقافية، ولا تنسجم مع تصريحاته حيال تقديم الشباب باعتبار أن حماد تجاوز السبعين من عمره، هذا اولا.

 

أما ثانيا، فيتعلق بوزير العمل نضال البطاينة الذي تم استقدامه من دولة الإمارات للاستفادة من خبرته لتطوير عمل وأداء ديوان الخدمة المدنية، غير أنه لم يمكث في المنصب سوى أربعة شهور ليتم توزيره في خطوة بدت مفاجئة للكثيرين، من ناحية سرعة التوزير والتخلي عن فكرة الاستفادة من خبراته في تطوير ديوان الخدمة.

 

الثالث، ما تعلق بوزير الصحة الدكتور غازي الزبن، الذي شهد له الكثيرون بحسن الأداء والعمل الميداني، وهو ما نسف فكرة أن الرئيس يجري تقييما لأداء طاقمه وعلى أساسه تم التعديل، ذلك أن هناك وزراء مازالوا يحتلون مواقعهم رغم عدم الرضا العام عن ادائهم ورغم انه لم يسجل لهم أي انجاز علىى صعيد الحقائب التي يحملونها فضلا عن أن بعضا من الوزراء هم بمثابة عوامل تازيم داخل مجلس الوزراء، وبعضهم غير منسجم مع الرئيس وبعضا من طاقمه.

 

الرابع، ويكمن في عودة وزارة تطوير الاداء المؤسسي بعد أشهر على إلغائها، فما الذي استجد لتعود الوزارة، وما مصير التصريحات التي قالت فيما مضى إن إلغاءها وتحويلها إلى وحدة تابعة لرئاسة الوزراء يهدف إلى تقوية سلطتها ونفوذها ذلك أن بقاءها كوزارة لا يعطيها تلك السلطة لتستطيع تطبيق نتائج الهيكلة مثلا في الوزارات والمؤسسات الأخرى.

 

الخامس وهو الاكثر غرابة، وهوتعلق بتغيير أسماء وزارتين والجدل القانوني الذي تجهد الحكومة للخروج منه بعد أن كشف قانونيون عدم دستوريته وأن ثمة فراغا سيحدث فيما تعلق بالوزارتين السابقتين بما كان مناطا بهما من مهام وتحديدا ما تعلق بالبلديات.

 

غير أن السؤال هنا يكمن في القيمة المضافة لتغيير الأسماء، وذلك بالنظر إلى تجارب سابقة تم تغيير فيها أسماء وزارات دون أن يترك التغيير أي أثر أو تطور على العمل والأداء.

 

ومن تلك الوزارات وزارة الخارجية مثلا التي تم إضافة إلى مسماها في حكومة سابقة "وشؤون المغتربين"، فما الإضافة التي أضافها المسمى الجديد على أداء وعمل وزارة الخارجية، أظن الغالبية سيقول "لا شيء".

 

النتيجة، إن الدكتور الرزاز لم يستفد من الفرص وكل الجوائز التي تم منحه إياها، بدءا من شعبيته عند التكليف ووصولا إلى التغييرات التي طرأت على عدد من مؤسسات الدولة قبل التعديل، وهو ما كان متوقعا منه أن يضع بصمته في إعادة تشكيل الحكومة لتتوافق مع طروحاته ومع التحديات التي تواجه الدولة الأردنية سواء سياسية أو اقتصادية.