النخب بين الايجابية والسلبية !!!

    المهندس هاشم نايل المجالي

في عصر المعرفة الذي نعيشة اليوم والمعتمد بشكل رئيسي على اصحاب العقول الفكرية والمعرفية والعملية واصحاب المهارات والخبرات المتميزة ، استطاعت العديد من الدول ان تحقق النهضة والرقي والتنمية لتخطو خطوات واسعة باتجاه تحقيق الرفاه لمواطنيها مثل دولة سنغفاورة وماليزيا واليابان وفنلندا وغيرها .

حيث ان هذه الدول تتصدر قائمة الترتيب في التقدم والتطور بالرغم من انها لا تمتلك ثروات وموارد مادية ملموسة وثروات طبيعية ، بل لان هذه الدول تمتلك موارد من نوع آخر شكلت الثروة الحقيقية لها حين استثمرتها وساهمت في تقدمها وتطورها ، حيث اعتمدت على النخب العلمية والمعرفية ووظفت كفاءتها بشكل عالٍ بشكل متوازٍ مع الامكانات المتوفرة ، والتي تشكل في مجملها رأس المال الفكري ، فهو رأس المال الحقيقي الذي يلعب دوراً في الابداع والابتكار والتجديد والتطوير ، وهو القائد في عملية التغيير والقادرعلى تحويل المعرفة الى قيمة ثم الى ميزة تنافسية .

فالنخب الفكرية هي التي تحقق عناصر التفوق سواء على مستوى الاداء أو الانجاز أو الجودة ، وفي تنفيذ الاستراتيجيات المتعددة لتبقى في الريادة ، وكلنا يعلم ان النخبة العلمية المثقفة سياسية أو اقتصادية صاحبة الخبرة والمعرفة تلعب دوراً كبيراً في اي دولة ، فهي جماعة نفوذ معرفي تقود الرأي العام الى الخير والمعرفة .

فهناك سلطة الفكر وسلطة التفكير في كثير من الاحيان اذا ما اشتدت الازمات او السعي للنهضة والتطور ، ومن اجل ان تؤول الامورالى الاستقرار الفكري لاي دولة وفق استراتيجيات وطنية موحدة ، وبسبب هذا الاهتمام والتفاعل المشترك تتحقق النهضة والرقي المتواصل في كافة المجالات التعليمية والصحية والتنموية والصناعية وغيرها ، ومحاربة كل فساد معرفي من الممكن ان ينطرح بشكل ضبابي ويؤدي الى دمار الاقتصاد او فساد المجتمع ، ويكون لاغراض مصلحة نفعية وهنا تكون النخبة منفعية .

وتتحول الى سلطة معرفية نفعية ذات اغراض مصلحية تتشكل بفعل تقاطع المصالح والنفوذ ، بالمقابل يكون هناك خمول للنخبة الحقيقية الوطنية والترياق السليم لمواجهة ذلك بالشفافية وتقييم الاداء والمواجهة الحقيقية للانجاز تحت سقف الاخلاق بالعمل والاداء .

ففي البلاد المتقدمة والمتحضرة تتدافع النخب العلمية والعملية من خلال احزابها في حركة لا تخمد ، بالمقابل هناك قسوة في نقد اعمالها بدون مجاملات فالكل على المحك مما يجعل الافكار دائمة التطور والتجدد ، فالافكار السقيمة لا تبقى طويلاً في الساحة العلمية والعملية فليس هناك ركود يكرس الرداءة بالعمل ، او من يسعى لحماية نفسه بنخب ذات نفوذ مرتبطة بمصالح نفعية ، وهذا ما يخلق هوة كبيرة بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة في نمط الاداء والتفاعل الجماعي وتقييم الاداء .

فهناك لا بد من وجود ضوابط تضمن عمل النخب الفكرية والعلمية والعملية في مسارات سليمة ، بل وتكفل تسهيل عملهم وادائهم من قبل المجالس المتعددة المقيّمة للاداء والجهات الرقابية ، وهذا بالدول المتحضرة منهج سياسي واقتصادي بحثي نقدي صارم ويخضع الى منظومة اخلاقية بعيداً لاحتكار بعض الشخصيات للمناصب والنفوذ او الانتقائية ، كونها تترك اثاراً سلبية واضحة في زمن اصبحت فيه مواقع التواصل الاجتماعي ملتقى لنخب متعددة تقيم وتنتقد وتهاجم اي اداء فيه سلبيات او تجاوزات .

فكثير من المسؤولين اخذ فرصاً عديدة ولكن عند تقييم الاداء والانجاز لادائه لم نجد اي شيء على ارض الواقع ، سوى انه يحظى بالرضا من نخب ذات مصالح نفعية وهذا حتماً سيضر في مصلحة الوطن .

فكل ازماتنا بسبب عدم تطوير اساليب التحليل لعلاقة السبب بالنتيجة ، حتى نتعرف على الاسباب الحقيقية لتفاقم المشكلات وتحليلها وتفسيرها واستبعاد العناصر التي سببتها ، وهذا نصف الحل حيث يتم ايضاً زيادة الطاقة الابداعية الابتكارية غير التقليدية في حل المشكلات بعيداً عن اسلوب الحيرة في معالجة المشاكل والازمات ، او تتداخل العواطف وتتزاحم الافكار فهنا نكون مثل الشخص الذي يقذف بعدد كبير من الكرات اتجاه الهدف في وقت واحد وربما لا يصيب الهدف .

وهنا علينا ان نقوم بعمل واحد في الوقت الواحد لنفصل بين العاطفة والمنطق وبين الابداع والاداء الصحيح وفق المعلومات والحقائق الصحيحة .//

 

   

hashemmajali_56@yahoo.com