المصانع الجديدة للفوضى !!!
المهندس هاشم نايل المجالي
لقد اصبح الزمن الذي نعيشه كما في العديد من الدول هو زمن الجماهير ، والتي الغت او حدت من نفوذ سلطة النخب المجتمعية المثقفة والسياسية والتي يكون لها دائماً حركة اساسية في التغيير المجتمعي ، حيث اصبح للجماهير ادوات واساليب تؤثر على سلوكها حيث تصنعه من جديد بين حين وآخر من خلال نقل الاخبار من هنا وهناك ، والدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي والاستفزازات التي باتت تؤثر في فكر وسلوكيات الكثير من القيادات المجتمعية في ظل استثمار للعديد من الدول الخارجية لذلك كما حدث في تونس ومصر وليبيا وغيرها .
ولان الاعلام الرسمي والموجه لم يعد ينقل الصورة الحقيقية لواقع المجتمع وازماته بل يعمل فقط على النمطية التقليدية ، وثقافة الصورة والمشهد وصناعة الخبر كما يريد ، فلقد اصبح الكثير من وسائل الاتصال والتواصل تعمل على صناعة الوعي الجماهيري والشعبي كما تريد والتي اصبح الفرد لا يشعر بحريته الا من خلالها حتى وان كانت سبب شقائه بالمحاسبة القانونية والمساءلة والسلوكيات بانواعها والالفاظ باشكالها .
فلقد اصبحت الصراعات والنزاعات التي تدور في داخلنا اكثر من التي تدور في اماكن اخرى ، فمعاناة المعيشة والحياة العملية واليومية اصبحت ترهق فكر وكاهل الفرد والاسرة وتحولها الكثير من الطباع المستنيرة الى طباع مظلمة ، واصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وما تحتويه من مواد واخبار بغض النظر على حقيقتها او عدمه هي المؤثر الرئيسي على تلك الطباع والمزاجية والسلوكيات في التمرد على الواقع .
اي ان الآلة الاعلامية هي التي تسيطر على نمط التفكير وهي الاقوى في التأثير والتحكم في الافراد والجماعات ، واصبحت بديلاً للحياة الواقعية والحقيقية عند كثير من الناس سواء في صناعة الامل او صناعة الالم ، وكيفية اخضاعهم لهذه السيطرة عن بعد بارادته وبدون وعي منه لقوة تأثيرها عليه ، والتدخل في استقلاليته الذاتية والتحكم في صياغة رأيه والتقوقع حولها ، ليصبح هناك تشابك بين القطاعات المجتمعية المحلية مع القطاعات المجتمعية الغربية والخارجية ذات التأثير السلبي والمتعارضة مع الحاضر وأمن واستقرار المجتمعات ، ولتشويه الصورة الوطنية ووضعها في الاطار المظلم ، وغالبية المواطنين لا يستطيعون استخراج المغالطات بما يطرح عليهم ولا كيفية بيان المنطق والصحيح من الفاسد .
فهناك اساليب مدروسة تتم من خلال تلك الوسائل للتلاعب بالمشاعر كعامل الخوف او التخويف ، وكعامل الاستخفاف بالعقول والكلمات المؤثرة ، والاستغلال والمراوغة والشفقة والشعور بالذنب وهذا التفكير المبني حول دور شبكات التواصل الاجتماعي الفعال اصبح يؤثر بشكل او باخر على الرأي العام وصناعته في حشد وتعبئة الجماهير ، حيث تتحول الافكار الى قوة فاعلة في المجتمع ، وفي اغفال للنخب السياسية والثقافية لدورهم الرئيسي في صناعة الوعي بعد ان يعجز البعض منهم عن الاجابة على كثير من الاسئلة .
فهناك عدد كبير من الافراد ينبهر بتطور وسائل وانظمة الاتصال والتواصل والتقنيات الحديثة خاصة عند تسريب معلومات وافلام مفبركة تقنياً لافشاء خفايا واسرار و فتح انحرافات ، وفي حوارات ومناقشات حولها في صراع لتشكيل الواقع عبر صناعة المعنى وراء ذلك .
واصبح يمتلك تلك التقنية ما هو الادنى من الثقافة الرقمية مما يفسر استبطانها للفوضى والسلوكيات العشوائية الغير قابلة للقياس الدقيق والتي لا يمكن احتواؤها في بيئة وطنية تحمل الفكر العقلاني .
ولا بد لنا بالوعي والتثقيف المجتمعي للتصدي لهذه الهيمنة والسيطرة الطوعية فى فكر شبابنا وغيرهم وذلك بصناعة الوضوح وازالة التشويش ، واحترام التعبير عن الرأي والوضوح ، وتعزيز الشفافية وتحقيق الاظهار وتفعيل الضوابط الاخلاقية ، وتعزيز الولاء والانتماء للابتعاد عن الفوضى وما ستخلفة من انتكاسات مجتمعية وغيرها .//
hashemmajali_56@yahoo.com