مركز حوراني.. أرشيف وطني ومتنفس ثقافي تمحوه صواريخ الاحتلال

أبو شومر: هذا الدمار هو جوهر صفقة القرن التي ترمي إزالة الذاكرة الوطنية من الأجيال

  الانباط - غزة

خلال أقل من دقيقتين دمرت صواريخ الاحتلال ليلة اول من أمس، مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق، وسط غزة، مدمرة بذلك 22 عاما من النهوض بالذاكرة الفلسطينية وتوثيق التاريخ الفلسطيني وجمعه.

أكثر من 10 آلاف كتاب ودراسة ووثيقة وأرشيف لمراحل وطنية واجتماعية واقتصادية، احتوتها مكتبة المركز، حرقتها ودمرتها الصواريخ، كما أوقفت نشاطاته التي شكلت متنفسا كبيرا للغزيين.

المركز الذي أنشئ بقرار عام 1997، أصدره الراحل ياسر عرفات وسمي "المركز القومي للدراسات والتوثيق".

وعليه باشر رئيس المركز "عبد الله الحوراني" العمل ضمن الإمكانات المتواضعة المتوفرة إنشاء المقر الرئيسي في غزة، والسير به قدماً نحو تحقيق أهدافه التي تم وضعها ليصبح مرجعا للباحثين، بما حققه من انجازات ثقافية ذات طبيعة وطنية والأنشطة الخاصة بالوحدة الوطنية والهموم والقضايا العربية.

 

كما أنشئت مكتبة تم رفدها بانتاج المركز، فكان له مطبوعات وثقت التاريخ الفلسطيني ونكبته، وكان البحث في جوانب القضية الفلسطينية جل اهتمامه.

بعد وفاة الحوراني عام 2010، تم تعيين الدكتور كمال الشرافي رئيسا للمركز. وفي الذكرى السنوية الثانية لرحيل المناضل الحوراني، أصدر الرئيس محمود عباس مرسوما رئاسيا في 5/8/2012، بتغيير مسماه، إلى "مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق".

تتلخص رسالة المركز ودوره في النهوض بالذاكرة الفلسطينية وتوثيق التاريخ، وجمع الوثائق الخاصة بالقضية الفلسطينية وحفظها. أي أن رسالته تتلخص في حفظ الذاكرة الفلسطينية وصيانتها من أي عبث، ورصد الانتهاكات الاسرائيلية وتوثيقها لفضح ممارسات الاحتلال.

ويهدف المركز إلى إعداد الدراسات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وجمع وحصر الوثائق المتعلقة بفلسطين والموجودة في الوطن العربي والعالم وتوثيق تاريخ فلسطين والقضية الفلسطينية، وجمع الأدبيات المنشورة عن فلسطين عبر العصور. والعمل على المخطوطات والوثائق المتعلقة بفلسطين المبعثرة في العالم، وتوثيق الإنتاج الفكري الفلسطيني.

كما يعمل على حصر ملكية الأرض في فلسطين وتوثيق حجج الملكية. وتمثيل فلسطين في المؤتمرات المرتبطة بمجال عمله. وإقامة علاقات عمل وإبرام اتفاقات تعاون مع الجهات المناظرة على المستويات الإقليمية والدولية.

وأكد مدير المركز ناهض زقوت: أن المركز كان مفتوحا للجميع، لخدمة الادباء والكتاب والصحفيين والسياسيين، وحالة للوحدة الوطنية.

وأضاف: خسرنا أرشيفا ضخما جمعناه طيلة الـ22 عاما، كنا نصدر شهريا نشرة حول حقوق الانسان وانتهاكات الاحتلال.

بدوره، اعتبر مدير المركز في رام الله، سليمان الوعري، أن القصف والدمار الذي طال المركز جريمة حرب ومخالفة للقانون الدولي ولاتفاقية جنيف 4 ولاتفاقيات السلام مع الاحتلال.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي توفيق أبو شومر: أصبح واضحا أن العنوان الرئيس للعدوان الراهن على غزة، هو تدمير ما بقي من الدفيئات الثقافية الفلسطينية، فبعد تدمير مركز المسحال الثقافي، ثم قرية الفنون والحرف، ومبنى المكتبة الوطنية الفلسطينية، ومكتبة جامعة الأزهر، جاء دور المركز الذي حكمت عليه "إسرائيل" بالإعدام لما يحتويه من وثائق ومستندات نادرة، وكتب متنوعة .

وأضاف: هذا الدمار المبرمج يأتي ضمن مسلسل الاحتلال؛ اغتيال التاريخ الفلسطيني، الذي بدأ من قرنٍ مضى، وهو جوهر صفقة القرن الترامبية، التي ترمي إلى الغاية نفسها، وهي إزالة الذاكرة الوطنية من الأجيال الفلسطينية! ملاحظة مُزعجة للمحتلين: أثبتتْ الأيام والأحداث أن للفلسطينيين ذاكرة تستعصي على المحو والإزالة!.