تضامن: النساء النشيطات اقتصادياً في الأردن 15.2% فقط
يحتفل العالم اليوم بعيد العمال العالمي لعام 2019، والذي كانت بداياته في أستراليا وإحتفل به في يوم 21 نيسان العام 1856، ومن ثم في الولايات المتحدة ليكون أول إحتفال رسمي بعيد العمال هناك في الخامس من أيلول عام 1882 في مدينة نيويورك، الى أن أصبح يوماً عالمياً لتكريم العمال والعاملات في الأول من شهر أيار من كل عام كذكرى لإحياء النضال من أجل خفض ساعات العمل إلى 8 ساعات يومياً.
هل تنجح تعديلات قانون العمل في زيادة المشاركة الاقتصادية للنساء؟
وتتساءل "تضامن" حول تأثير تعديلات قانون العمل على زيادة مشاركة النساء الاقتصادية، ومن أبرز هذه التعديلات النص صراحة على تعريف ”التمييز في الأجور“ و ”العمل المرن“ و ”العمل الجزئي“، وإلزام صاحب العمل بإنشاء حضانة للعاملين لديه ولديهم 15 طفلاً أعمارهم اقل من 5 سنوات، وحظر تأسيس نقابات عمالية على أسس دينية أو عرقية أو مذهبية، وإعفاء أبناء الأردنيات من تصاريح العمل، وتخفيض سن المؤسس لنقابة أصحاب العمل من 21 الى 18 عاماً، وإقرار إجازة أبوة للعامل مدتها 3 أيام، وإلزام صاحب العمل بالحد الدنى للأجور وفرض غرامات في حال المخالفة، وفرض عقوبة على صاحب العمل الذي يميز في الأجور بين الجنسين عن الأعمال ذات القيمة المتساوية.
المشاركة الاقتصادية للأردنيات لا زالت متدنية جداً
لقد وضع مؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2018 والصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، الأردن في المركز 138 من بين 149 دولة ، بسبب ضعف المشاركة الاقتصادية للنساء. وأكدت المؤشرات الوطنية على ذلك، فمعدل البطالة بين النساء في الأردن نهاية عام 2018 بلغ 25.7% ولم تتجاوز قوة العمل من النساء 15.2% في حين بلغت نسبة النساء غير النشيطات إقتصادياً 84.8%.
وتشير "تضامن" الى أن النساء في الأردن يعانين من تحديات ومعيقات متعددة ومتشابكة تحول دون مشاركتهن الاقتصادية الفاعلة وتنعكس سلباً على الاقتصاد الوطني وعلى إمكانية تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وإن شاركن فإنهن ينسحبن من سوق العمل مبكراً مما يحد من وصولهن الى مواقع صنع القرار، فلم يتجاوز التمثيل النسائي في غرف الصناعة 7.9% وفي غرف التجارة 0.6% وفي النقابات العمالية 21%، كما يشكلن فقط 7% من العاملين في الإدارة العليا في القطاع العام.
وتعتبر بيئة العمل في الأردن بيئة غير صديقة للنساء، فلا زالت فجوة الأجور بين الجنسين كبيرة عن الأعمال ذات القيمة المتساوية سواء في القطاع العام أو الخاص ، وينظر الى المتزوجات منهن على أنهن عاملات محفوفات بالمخاطر، وتعاني النساء من ضعف في منظومة المواصلات العامة، ومن عدم توفر حضانات في أماكن العمل، ويعانين من التمييز وعدم المساواة في الترقيات والتدريب، ولا زال يمارس العنف ضدهن خاصة التحرشات الجنسية . كما أن الثقافة المجتمعية السائدة والصورة النمطية تدفع بالكثير من النساء الى تفضيل العمل في القطاع العام وفي مهن بعينها كالتعليم والصحة . إضافة الى أن ضعف الفرص المستحدثة من قطاع العمل المنظم وزيادة أعداد العاملات غير الأردنيات أديا الى توجه النساء الى العمل غير المنظم الذي تكون فيه شروط العمل اللائق في أدنى مستوياته.
وتواجه النساء تحديات ممائلة إن لم تكن أكبر في ريادة الأعمال في إطار بيئة معادية، فلم تتجاوز نسبة الجمعيات التعاونية النسائية في الأردن 6.5% من مجموع التعاونيات، وعلى الرغم من وجود 113.4 ألف مستثمرة أردنية (أعمار الكثير منهن أقل من 18 عاماً) وبنسبة 40.9% من مجموع المستثمرين الأفراد في البورصة، إلا أنهن يملكن فقط 5.8% من الأسهم وقيمتها 794 مليون دينار، وتمثيلهن في مجالس إدارة الشركات لا يتجاوز 22%. وبلغت نسبة النساء الحاصلات على بطاقات إئتمان 21% من مجموع حاملي البطاقات، والمقترضات من البنوك حوالي 19% من مجموع المقترضين، فيما بلغت نسبة النساء المودعات في البنوك 27% من مجموع المودعين، علما بأن 16% فقط من النساء في الأردن يملكن حسابات بنكية. وبسبب ارتفاع مديونية الأفراد في الأردن بالنسبة الى دخلهم التي وصلت الى 69% ، إزداد إقتراض النساء من مؤسسات الإقراض الميكروية، وإن كانت هذه المؤسسات تهدف الى تمكين النساء إقتصادياً إلا أنها لم تحقق هدفها بالنسبة للعديد من النساء اللاتي أصبحن مهددات بالحبس ومنهن من حبسن فعلاُ لتعثرهن في سداد قروضهن.
هذا وتعتبر الأسباب الجذرية والهيكلية للتمييز ضد النساء وعدم المساواة بين الجنسين من أهم معوقات التمكين الاقتصادي لهن، فيحق للزوج منع زوجته من العمل ما لم تشترط ذلك في عقد الزواج ، وتحرم العديد من النساء من الميراث ، ولا يتم تقاسم الأموال المشتركة بين الزوجين في حال الطلاق أو الإنفصال ، ويقمن لوحدهن بالأعمال المنزلية والأعمال غير مدفوعة الأجر، مما أدى الى ترسيخ ظاهرة "تأنيث الفقر" وظاهرة "تأنيث فقر الوقت" ، وتدنت ملكيتهن للأموال غير المنقولة حيث تمتلك 16% من النساء أراضي و 23% منهن يمتلكن شقق ، وأدى الى ضعف وصولهن الى الموارد بما فيها القروض الزراعية، والى ضعف حمايتهن الاجتماعية حيث لم يتجاوز عدد المشتركات في الضمان الاجتماعي 27% من مجموع المشتركين. إضافة الى أنه وفي حالات عديدة لا تملك النساء حرية التصرف بأموالهن أو رواتبهن ، فيما لم يتم العمل على تمكينهن بإعتبار أنهن حلقة الوصل ما بين مكافحة الجوع والفقر وبين إنتاج الغذاء.
واقع النساء الأردنيات في سياسات وبرامج الحماية الاجتماعية
يطبق الأردن عدة سياسات للحماية الاجتماعية تقوم بها جهات مختلفة ومن أبرزها، السياسات القائمة على الإشتراكات، كالتأمينات الاجتماعية التي تقدمها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وصناديق التقاعد المدني والعسكري والنقابات المهنية. والسياسات غير القائمة على الإشتراكات، والمعروفة بشبكات الأمان الاجتماعي وهي موجهة بشكل خاص للفقراء والفقيرات وتشمل برامجها تقديم معونات نقدية أو عينية، وبرامج لتوليد الدخل من خلال القروض الميكروية، وبرامج تقدم الدعم والتحفيز للإستثمار برأس المال البشري كالإعفاء من رسوم الرعاية الصحية والتعليم. والسياسات المتعلقة بالخدمات الاجتماعية، وتقدم خدماتها بشكل خاص لرعاية المعاقين والأيتام وكبار السن من الجنسين. والسياسات المتعلقة بتعزيز المشاركة الاقتصادية للنساء، وهي سياسات تهدف الى زيادة المشاركة الاقتصادية للنساء سواء كعاملات أو رائدات أعمال، ومن بينها نظام العمل المرن لعام 2017. والسياسات المتعلقة بحماية النساء والفتيات من العنف والتمييز وعدم المساواة، وهي سياسات تعمل للحد من أو القضاء على الأسباب الهيكيلة والجذرية التي تحول دون تمكين النساء والفتيات في مختلف المجالات، كالحرمان من الميراث، والحرمان من التعليم، وتزويج القاصرات، والنصوص التمييزية في التشريعات المختلفة كقانون العقوبات وقانون العمل.
وتوصي "تضامن" بإقرار إستراتيجية شاملة للحماية الاجتماعية، حيث صادق الأردن عام 2014 (دخلت حيز التنفيذ عام 2015) على إتفاقية المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي رقم 102 لعام 1952 الصادرة عن منظمة العمل الدولية، مما يفيد بأن الأردن ملتزم بما ورد فيها من أحكام متعلقة بتأمينات الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل وحقوق الورثة. وعلى الرغم من وجود العديد من السياسات المتبعة حالياً والتي تقدم خدمات اجتماعية وإعانات خاصة للنساء الى جانب التأمينات الاجتماعية والصحية، إلا أن كل هذه السياسات بحاجة الى العمل تحت إستراتيجية شاملة للحماية الاجتماعية تشترك فيها كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة، وتهدف بشكل أساسي الى توحيد الجهود وتنسيقها بين مختلف الجهات، ولضمان التخطيط والتنفيذ والتقييم بشكل إستراتيجي، ورصد التقدم المحرز والتحديات التي تعترض تأمين الحماية الاجتماعية الشاملة للنساء على وجه الخصوص من خلال مؤشرات القياس والرصد.