الأطفال الأسرى: السجن لا ينتهي بالإفراج

 الانباط ـ وكالات

في يوم الأسير الفلسطيني الذي صادف الاربعاء الماضي، تجدد التركيز على قضية الأسرى من الأطفال والفتية، ولا سيما مع صدور تقارير دولية تصف ظروفهم بالمخالفة للمعايير الإنسانية، فضلاً عن أصل الاعتقال.

جزء كبير منهم يُقتادون إلى المستوطنات للتحقيق معهم دون رقابة، وهو ما سبق أن أظهرت جزءاً منه مقاطعُ مصورة للتحقيق مع الفتى أحمد مناصرة.

خلال الاستفراد بهم، يُجبرون على التوقيع على إفادات باللغة العبرية لا يعرفون مضمونها، ما يعرّضهم لعقوبات مضاعفة ويمثّل خطراً على مستقبلهم بعد الخروج من الأسر.

وتقول هيئة شؤون الأسرى والمحررين، منذ عام 2000 اعتقل العدو أكثر من 8500 طفل، وحاكمتهم ووجّهت لغالبيتهم تهمة إلقاء الحجارة، إضافة للمعاملة القاسية، وتنشئتهم في مناخ لا يليق بوضعهم الخاص، في تعامل واضح معهم على أنهم مشروع مستقبلي لـ"مخربين".

وحتى الآن، تقول الأرقام إنه لا يزال نحو 350 طفلاً في سجون العدو. وكان معدل الاعتقالات السنوية بصفوف الأطفال من (2000 ـــ 2010) نحو 700 سنوياً، لكنه ارتفع منذ 2011 ـــ 2017 إلى 1250 سنوياً. وُسجّلت منذ 10/2015 حتى الشهر الرابع من 2018 قرابة 4700 حالة اعتقال لقصّر.

ومن أصل 27 اتفاقية دولية تخصّ الأطفال، لا تلتزم "إسرائيل" أياً منها، بل تزيد على ذلك بالتعامل مع الأصغر عمراً، مثله مثل أي مطلوب. فمثلاً، تعمد لاقتحام بيوتهم، وترفض السماح للأهل بحضور التحقيق أو استشارة محامٍ، ويجري تقييدهم بقيود بلاستيكية، والأخطر أنهم يتلقون تهديدات بالقتل والاعتداء الجنسي، كما يحرمون إجراءَ مكالمات مع الأهل، استناداً إلى شهادات قاصرين في السجن حصلت عليها "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال"، يستخدم محققو العدو وجنوده كثيراً "التهديد بالقتل أو هتك العرض"، كما حدث مع وجيه الخطيب (15 عاماً وقت اعتقاله) من مخيم قلنديا.

أما إبراهيم الطيطي (15 عاماً)، وهو من مخيم الفوار في الخليل، فتكررت التهمة نفسها بحقه. وعندما نفاها، صفعه المحقق وشتم عائلته، ثم وجّه المسدس إلى رأسه مهدداً بإطلاق النار عليه إذا لم يعترف.

يقول الطيطي إنه بقي نحو أربع ساعات في التحقيق، وبعدما أُجبر على التوقيع على أوراق بالعبرية لم يفهم فحواها أيضاً، اقتيد إلى معتقل عوفر.

وفي القدس، كان العدو يُطبق عليهم القانون الإسرائيلي للأحداث 1971، لكن بعد حرق الفتى محمد أبو خضير عام 2014، بدأ العدو تغيير سياساته القضائية. فبينما كان يُفرج عن الأطفال والفتية دون انتظار قرار "ضابط السلوك"، استناداً لقانون الأحداث، فإنه حالياً لا يوافق على إخلاء السبيل قبل تقارير "ضباط السلوك". كذلك، من الممكن أن تفرض "إسرائيل" على الطفل المقدسي "الحبس المنزلي"، في حين أن أطفال الضفة يُفرض عليهم الحبس الفعلي، وأحياناً تمتد الأحكام إلى أكثر من 10 سنوات.

الأخطر من تجربة الاعتقال أن غالبيتهم يعانون أوضاعاً نفسية صعبة بعد الاعتقال، وهو ما يترك آثاراً سلبية عليهم في الحياة أو الدراسة. إذ تَظهر عليهم أعراض الخوف، والتبول اللاإرادي، والميل إلى العنف، والعجز عن النوم، وتكرار الكوابيس، والاكتئاب.

وطبقاً لمختصين في الصحة النفسية، كان لـ90% من الأطفال الفلسطينيين تجربة في حوادث سببت لهم صدمة في حياتهم، وفي الأغلب كان ذلك ناتجاً من التأثير الذي سببته قوات العدو في البناء الاجتماعي للعائلة.