دراسة: العنف الجنسي أحد أسباب انسحاب المرأة من سوق العمل
- خلصت دراسة ميدانية، بحثت في العنف الجنسي وإرتباطه بقرارات العمل والحركة لدى المرأة بأن العنف الجنسي هو أحد الأدوات المجتمعية لترهيب وإخافة المرأة، بحيث أن الخوف من العنف الجنسي أو تكراره، في حال حدث، قد يكون وسيلة للسيطرة المجتمعية على المرأة والتحكم بها وإبقاءها ضمن شكل معين من العلاقة سواء في العائلة، والعمل أو حتى الشارع والأماكن العامة أو الخاصة.
الدراسة التي أطلقها اتحاد المرأة الأردنية، الأحد، وعرضت لنتائجها الباحثة الدكتورة عفاف الجابري، استخدمت المنهج الكمي من خلال إجراء المسح على 2019 إمرأة في 8 محافظات (من القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية في كل محافظة) تمثل شمال وجنوب ووسط المملكة، وحُدّد نصف العينة التي أجري عليها المسح للنساء العاملات والنصف الأخر للنساء غير العاملات بهدف المقارنة بينهما.
واعتمدت الدراسة، بحسب الجابري، تعريف منظمة الصحة العالمية للعنف الجنسي للعام 2002، وهو أي فعل جنسي أو محاولة للحصول على فعل جنسي، أو تعليقات أو تلميحات جنسية غير مرغوب فيها، أو أفعال ترمي إلى الاتجار، أو أي توجيهات أخرى ضد النشاط الجنسي للشخص باستخدام الإكراه، من قبل أي شخص بغض النظر عن علاقته بالضحية وبأي مكان، بما في ذلك المنزل والعمل.
وقالت الجابري، أن العنف الجنسي هو أحد أشكال العنف الموجه للمرأة المبنية على النوع الاجتماعي، موضحة أن هناك علاقة مباشرة بين العنف الجنسي الذي يحدث في الأماكن العامة وبين الإنسحاب من العمل، بحيث صرحت حوالي 10 بالمئة من النساء اللواتي انسحبن من العمل، بأن تعرضهن للعنف الجنسي أو الخوف من التعرض له كان السبب المباشر لترك العمل، وبذلك يكون هذا النوع من العنف هو أحد محددات تدني مشاركة المرأة في سوق العمل.
وبينت النتائج أن النساء اللواتي تعرضن للعنف الجنسي سواء في الأماكن العامة أو الخاصة كنّ أكثر عرضة للانسحاب من العمل مقارنة بمن من لم يتعرضن للعنف الجنسي بحيث صرحت 80 بالمئة ممن انسحبن من العمل بأنهن قد تعرضن لأحد أشكال العنف الجنسي، كما كان هناك أثر مباشر للعنف الجنسي في مكان العمل على المرأة العاملة بالتحديد، حيث نجد أن المستجيبات للدراسة من العاملات أو اللواتي سبق لهنّ العمل وتعرضن لشكل من أشكال العنف الجنسي قد نتج عنه وبشكل أساسي ترك العلم وبنسبة وصلت حوالي 72 بالمئة، ويشكل مجموع من تركنّ العمل 159 إمرأة من 220 إمرأة تعرضن للعنف في مكان العمل.
الدراسة التي ركزت بشكل أساسي على المرأة ما بين عمر 16 – 55 عاما، أظهرت نتائجها أن 77.5 بالمئة من المجموع الكلي للمستجيبات للدراسة صرحنّ عن شكل أو أكثر من أشكال العنف الجنسي، فيما جاءت نسبة من لم يصرحنّ بالتعرض للعنف الجنسي بأي شكل من الأشكال 22.5 بالمئة، وتعني هذه النسبة أن 8 من كل عشرة من عينة الدراسة قد تعرضن على الأقل لشكل واحد من أشكال العنف الجنسي خلال فترة حياتهنّ.
وأظهرت الدراسة أن النسبة الأكبر من النساء من مجموع من أجبنّ بأنهنّ قد تعرضنّ لأحد أنواع العنف الجنسي هن من تعرضنّ للتحرش الجنسي بنسبة 94.4 بالمئة؛ حيث شكّل التحرش الجنسي اللفظي النسبة الأكبر، وبلغت 83.9 بالمئة، تلاها العنف الجنسي الجسدي واللفظي، والعنف الجنسي الجسدي معا، وبنسبة 6.4 بالمئة و 4.1 بالمئة على التوالي.
وأظهرت الدراسة أن هناك علاقة عكسية بين العمر ونسبة التعرض للعنف الجنسي؛ حيث شكل التعرض للعنف الجنسي ضمن الفئة العمرية أقل من 18 عاما النسبة الأعلى بما نسبته 85.5 من المجموع الكلي لهذه الفئة، وربما من الأسباب التي تجعل هذه الفئة أكثر عرضة للعنف هو فكرة استضعافها وإحساس الجناة بعدم قدرتها على الدفاع عن نفسها.
كما وأظهرت أن نسبة التصريح عن العنف لدى النساء من الفئات التعليمية العليا هي الأعلى، في حين جاءت نسبة التصريح أقل عند النساء من فئة الأمية، والإبتدائي أو اللواتي يقرأن ويكتبن؛ وقد يكون ذلك مرتبط بوعي المرأة للأشكال المختلفة للعنف الجنسي وبالتالي قدرتها على البوح به، وفق الدراسة.
وبينت نتائج المسح بأن التبليغ للجهات الرسمية وتحديدا الشرطة من قبل النساء اللواتي تعرضنّ للعنف نادرا ما يحدث، فبلغت نسبة النساء اللواتي تعرضن للعنف الجنسي وبلغن عنه 4.5 بالمئة مقابل 95.5 من النساء اللواتي تعرضن للعنف الجنسي ولم يبلغن عنه أو يتخذن أية إجراءات قانونية.
وخلصت الدراسة إلى أن غالبية الإجراءات المتخذة سواء للوقاية من العنف الجنسي أو مواجهته لم تتحدى الفكر القائم حول مسؤولية المرأة المباشرة عن حدوث العنف، ومن هنا نرى بأن نسبة المشتكيات أو من يبحنّ بالعنف قليلة وغير متناسبة مع حجم الظاهرة؛ لذلك فإن مواجهة الظاهرة تكون بشكل أساسي بمواجهة جذور المشكلة، من خلال التوعية ووجود قوانين رادعة وواضحة لجميع أشكال العنف الجنسي بالإضافة إلى إطار حماية شامل ضمن نطاق العمل وخارجه.
وكانت مديرة اتحاد المرأة نادية شمروخ، قد قدمت للدراسة بالقول أن الإتحاد حرص أن تكون الدراسة تأتي في إطار منطلقات إتحاد المرأة النسوية، ونظرتنا للعنف الجنسي جاءت من هذا المنطلق وليس على ما يُقال عن هذه الظاهرة؛ مشيرة أن جميع فروع الاتحاد أل 17 المنتشرة في جميع أنحاء المملكة تعاملت على مدى طويل مع حالات العنف التي تتعرض لها النساء في مختلف المناطق، لا بل أن العديد من رسائل الماجستير والدكتوارة لعدد من الباحثين اعتمدت على التقارير التي يوثقها الاتحاد للنساء التي تتعرض للعنف.