مطعم شعبي
كل أسبوع أذھب مع صدیقي، إلى مطعم قدیم... وصاحب المطعم في داخلھ یعتقد أنھ فنان، ولا بد من أن یقدم لنا وصلة غناء لعبدالوھاب، بمرافقة عازف إیقاع، وبمصاحبة العود الذي یعزف علیھ... وحین ینھي وجبة الإزعاج یأتي إلي في الغالب ویخبرني أن صوتھ متعب، ویعتذر عن الأداء... وأنا بطبعي أجاملھ قلیلاً، وأخبره أن الأداء كان احترافیاً.. وأنھ .رد في روحي تفاصیل العشق، والحقیقة أني أكذب.. فصوتھ مزعج، یشبھ إلى حد ما.. صوت سماعة عفا علیھا الزمن في منتصف الوصلة، لا بد أن ینقطع الوتر.. أو یختل دوزان (العود)، ویعتذر للجمھور.. وأنا أطلب منھ أن یكمل بمصاحبة (الطبلة)، وھو یصدق القصة... ویكمل الغناء، ولا بد من صرخة أطلقھا.. حین ینھي (عودت عیني على .رؤیاك).. وأقول: الله... ثم أطلب منھ أن یعید الأغنیة یقول لي صاحبي: لماذا تشجعھ بھذه الحماسة، وأنت ذاتك تخبرني دوماً بأن أسوأ ما في المطعم صاحب المطعم، فأرد ...علیھ.. أننا حین نشجعھ، السلطة تأتي متقنة، والطعام یأتي بكمیات وفیرة.. والفاتورة تأتي خفیفة نوعاً ما ھذا الأسبوع طبعاً سأذھب، كي أشھد انقطاع الوتر الخامس، فجمیع أوتار العود تقطعت.. وكي أحصل على وصلة .إزعاج.. وكي أتحمس كذباً للطرب الأصیل، فأنا اعتدت على ذلك الربیع العربي یشبھ صاحب المطعم تماماً، یغني نشازاً.. وصوتھ مزعج، والجماھیر تصفق.. وھو یعتقد في قرارة نفسھ أنھ فنان ویقدم ذوقاً رفیعاً.. لكنھ صاحب المطعم، تماماً مثل الشعوب العربیة.. الغرب یكذب ویصفق لھا باحتراف ویشجعھا.. وھي صاحبة الأرض.. وبالطبع أنا لا أستطیع أن أقول لصاحب المطعم أن صوتھ نشاز.. والغرب لا ..یستطیع أن یقول للشعوب العربیة أن ثوراتكم بائسة أوھمنا أنفسنا أنھا ثورات.. وأنھا حریة، وھي في الغالب مجرد عزف نشاز لمطرب فاشل، وجمھور یكذب وحماستھ ...مجرد مجاملة كاذبة أیضاً ویصرون على أنھ الربیع العربي.. أي ربیع ھذا الذي یحول الوطن لمطعم شعبي، ویصر على أن الغناء الرديء !ثورة