الانقلاب يجهض الحراك السوداني … !!!

زاوية سناء فارس شرعان

 يبدو للبعض ان الانقلاب الذي شهده السودان في الحادي عشر من شهر ابريل انجاز للحراك الشعبي في السودان الذي يهدف الى التغيير الشامل والكامل الا انها حقيقة مغايرة تماما لهذا الاعتقاد وان ما حدث لا يعدو كونه انقلابا عسكريا بمعنى الكلمة كالعديد من الانقلابات التي تشهدها السودان خلال القرن الماضي وآخرها الانقلاب العسكري الذي قاده عمر البشير بالتعاون مع الاخوان المسلمين بقيادة حسن الترابي قبل ٣٠ عاما …

الانقلاب العسكري في السودان انبثق من النظام بهدف اعادة انتاجه من خلال الالتفاف على المطالب الشعبية بتكريس الديمقراطية والتعددية والسياسية وتعزيز حقوق الانسان بعد ان اشتدت مطالب الحراك الشعبي بتنحية البشير وتغيير نظامه بالكامل … فالحراك الشعبي اصبح قاب قوسين او ادنى من تحقيق طموحاته واهدافه تجاه هذا الانقلاب لحرف الحراك الشعبي من اهدافه وعدم تمكينه من بلوغ غاياته بعد ان اوشك على بلوغها …

الشعب السوداني يعرف جيدا الانقلابات التي عايش عددا منها منذ انقلاب ابراهيم عبود ومرورا بانقلاب جعفر نميري واخيرا ولي آخر انقلاب عمر البشير ويدرك هذا الشعب الاثار السلبية والتداعيات بالغة السوء للانقلابات العسكرية ما تولد لديه قناعة تامة بعد السماح بعودة حكم العسكر الذي ابتليت به عدة اقطار عربية كالعراق وسوريا واليمن وليبيا ومصر …

ولعل ابلغ دليل على ان انقلاب السودان ناجم عن النظام القائم ويهدف الى اعادة انتاجه.

التحفظ على البشير في مكان آمن كما ورد في البيان الصادر من الجيش بدلا من محاكمته محاكمة عادلة او تسليمه لمحكمة الجنايات العليا حيث استبسل البشير في التمسك بالسلطة والتثبث بها حتى لا يتم تسليمه للعدالة الدولية علما بان الأمم المتحدة اكدت للانقلابيين والشعب السوداني ان البشير مطلوب للعدالة الدولية وينبغي تسليمه.

ثمة دليل آخر على ان الانقلاب مسرحية من تأليف النظام ان الشعب السوداني بفعاليات واحزابه وقياداته وتجاربه السياسية قد رفضه الشعب السوداني الذي لا يزال يتلف حول حراكه لاسقاط النظام واقامة نظام جديد على انقاضه ولا تزال الجماهير الشعبية تلتف حول الحراك وتتجمع في موقع الاعتصام امام القيادة العامة للقوات المسلحة …ويرى المواطنون والقوى السياسية ان النظام السياسي السوداني لم يتغير وكل الذي حدث هو غياب البشير فيما قفز نائبه السابق الى الرئاسة ولا يزال العسكريون يتمسكون بزمام المبادرة ويحكمون البلاد بوسائلهم واساليبهم بغية اعادة اقناع النظام …

الاحزاب السياسية لا سيما احزاب المعارضة وفي مقدمتها حزب الأمة القوي الذي يرأسه الصادق المهدي بالاضافة الى قسم كبير من فعاليات الحراك الشعبي تطالب بتسليم الحكم الى سلطة مدنية بغية اعداد البلاد للانتخابات الرئاسية والنيابية والبلدية …

القوى الخرجية كالولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج والاتحاد الاوروبي ترى ان الانقلاب العسكري لا يمكن السودانيين من تحقيق اهدافهم وتطلعاتهم في احراز التقدم والاصلاح المنشود التي تؤكد ان الانقلاب ليس نتيجة للحراك الشعبي المأمول ان ينتج عنه التغيير المطلوب في مختلف المجالات … !!!