ادارة القلق ... سلوك منحرف !!!

 المهندس هاشم نايل المجالي

التأني والحُلم والتفكير والتعقل دليل واضح على رجاحة العقل واتزان النفس ، أما التهور والاندفاع وعدم التعقل وعدم المبالاة والمخاطرة من غير رؤية فهو من صفات المسؤول الفاشل لان العواقب ستكون وخيمة ، كذلك فانه يثبت انه يخضع الى اوامر وتعليمات من جهات تملي عليه ذلك الفعل  وتلك الفكرة ، فيندفع دون اي تفكير بالعواقب ولا يحسن الانصات لغيره بل يغلق اذنيه ليستمع فقط لصوت واحد ، حينها لا يتقبل النقد او التوجيه فيكون سريعاً في اتخاذ قراراته دون مشورة متغافلاَ عن حقوق الاخرين او أية ردود افعال لذلك تكون صفقاته خاسرة .

والشخصية المتهورة بنظر الاختصاصيين هي شخصية تعاني من توترات وتقلبات فكرية غير سوية وتغير في المواقف لاسباب تافهة ، والعجز عن اقامة علاقات متوازنة مع مختلف الجهات الاخرى .

لان هذه الشخصية ليس لها منهج ثابت فالمزاجية تطغى على سلوكياته وقراراته ويكون محباً لجلب الانتباه العالمي إليه ، مستعرضاً باسلوب التكبر والملبس والتبرج فقرار الرئيس الامريكي ترامب بشأن سيادة دولة الاحتلال ( اسرائيل ) على هضبة الجولان دليل واضح على مفهوم ومعنى التهور بالاضافة لكونه يتجاهل الاعراف الدولية ، حتى وان كانت من وجهة نظره دعماً الى نتنياهو في انتخاباته المقبلة ، كما وان الرئيس الامريكي يلغي كافة الاسس التي يبنى عليها السلام العادل والدائم .

ويثبت هذا القرار عدم كفاءة الرئيس بأن يكون وسيطاً نزيهاً ، فلقد كانت امريكا دوماً تلعب دور اللاعب الدبلوماسي ، وحلم اسرائيل الوهمي يتحقق بوجود مثل هذا الرئيس الامريكي خاصة سبق له ان اعلن عن القدس انها العاصمة الرئيسية والابدية لدولة الاحتلال ، كل ذلك يثبت مدى الشراكة مع اسرائيل لاغتصاب الارض الفلسطينية ، ان هذه الشراكة بين امريكا واسرائيل يجب ان يقابلها تفاهمات للدول العربية والاسلامية لاعادة استراتيجية التعامل مع كلاهما لمواجهة هذا التغطرس وعدم اثبات الخضوع المطلق لامريكا .

ولا ننسى أن اقراره بإلقاء ام القنابل في افغانستان ، كذلك ارسال قوى بحرية الى مياه شبه الجزيرة الكورية وبناء حاجز مع المكسيك ، وكذلك ارسال رسائل تهديدية لاجبار خصومهم الى الرضوخ لقراراته في استعراض للقوة العسكرية ، فهو يضحي بمصالح امريكا ومكانتها العالمية ليحقق مصالحه الشخصية ورضى اسرائيل .

اي أن الرئيس الامريكي الذي اتسم بادارة القلق حيث ان تفكيره بطريقة غير عقلانية وغير منطقية وغير متوازنة ، تعتبر بالبرمجة اللغوية العصبية تحفيزا سلبيا يسعى من خلاله لاثبات وجوده وقدرته على تحقيق انجازات بالقوة حتى ولو كانت مرعبة ومفزعة ، مثل قراره الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران رغم تمسك الاوروبيين وحلفاء امركيا بذلك ، اي انه يقود امريكا الى عزلة واقل اماناً ولن تجبر قراراته الدول الاخرى الالتزام بها بل يعطيها الحق باستخدام كافة الوسائل المتاحة لمواجهة هذه القرارات .

فالشخصية القلقة والمتوترة يجب ربطها بأفعالها وسلوكياتها وقراراتها وتحليل افكار تلك الشخصية حتى يتسنى للمعنيين حوله من اصحاب القرار ان يستبصروا الابعاد السلبية التي من الممكن ان تقودها اليهم .

فهو يحتاج الى علاج نفسي وهو العلاج المعرفي السلوكي لتعديل كافة الانحرافات الفكرية والسلوكية للتخفيف من حدة التوتر للتحكم في سماته السوداوية ، فهي نظرات قاصرة اثارها على المدى البعيد خطيرة .

فهناك سيكولوجية للنجاح تعتمد على القدرة والتحكم بادارة الذات بعيداً عن الضغوط النفسية ، وعدم القدرة على التعامل مع التداعيات الواقعية ، وهذا يستوجب القدرة لدى الشخص على فهم الواقع والاحداث بشكل صحيح لذلك فان شخصية مثل هذه الشخصية لا تتسم بالسلام الداخلي ولن تحقق السلام العادل والشامل بل تصنع حروباً وتصنع عدم توازن وتتنصل من الالتزامات والمواثيق الدولية ليعود الجميع الى المربع الاول في سياسته لمواجهة هذا التغطرس .//

 

hashemmajali_56@yahoo.com