المضبوعون أدناه
نحن المضبوعون أدناه، نحن المدججون بالخوف، نحن الذين هجرنا معاقرة السلاح حتى سلاح الحلم، مجرد الحلم لم نعد نجرؤ على استخدامه واستسلمنا للضباع.
تقول الحكايات ان الضبع عندما يستفرد بشخص ينتعه برشاش من البول في وجهه، فيتحول الرجل إلى مجرد تابع للضبع يلحقه بلا إرادة، أي ان الضبع قد يستطيع ان يرعى قطيعا من البشر المضبوعين ويأكل منهم متى شاء، وربما جعلهم يتناسلون لإكثار القطيع، وربما ينتقل بهم من مرعى إلى آخر بحثاً عن الماء والكلأ.
وتقول الحكايات أيضا، ان إمكانية النجاة الوحيدة أمام المضبوع هي ان يجره الضبع إلى مغارة، وتكون المغارة ضيقة الباب، فيصطدم رأس المضبوع في رأس فوهة المغارة فيدمي، ويصحو ثم يطخ الضبع، أو على الأقل يهرب منه.
ترى !! كم دبشة ... لا بل كم قذيفة « أر بي جي « تحتاج رؤوسنا الصلدة لتدمى وتنجو من حالة الانصياع التي نعيشها، بعد ان استأصلنا بقايا الزائدة الضميرية لدينا بواسطة مبضع الشيكات المزودة بكاتم الصوت، وتحولنا من صفوف مشاغبة كحضانات الأطفال، إلى واحات من الهدوء المطلق ... ببساطة تعطلت لغة الكلام وزاغ البصر وانضبعنا بعد ان تحول الضبع إلى كائن نباتي، وهو حائر فيما يفعل بنا ... واعتقد – إذا بقينا على هذه الحالة – بأنه سيعلمنا أكل العشب وطرق جمعه وحفظه وتنشيفه وتفريزه لحاجات جنابه.
لا افهم: فعندما كان الضبع ضبعاً ويأكل الزلط لم نكن نخشاه ومُنعنا من السفر وقطعت أرزاقنا قبل أعناقنا، لم نكن نخاف من الضبع ولم نكن ننضبع.
والآن وبعد ان شلح الضبع لباس الكاكي وألقى بالسوط وبالردنية، ونادانا إلى شقته لنأكل معه العيش والملح. وبعد ان لعبنا ورقصنا وضحكنا ضحك طفلين معاً .... عدنا إلى بيوتنا، فرحين وحينما كشرنا في وجهه لما جاء لزيارتنا كاد يبول خوفاً – أقول كاد – فانضبعنا ... تفاجأ الضبع قليلاً ثم جرنا وراءه مثل القطيع وسار فينا بصحارٍ ووهاد حتى لا تصطدم جباهنا بحجارة الصحيان.
ليس للأمر تفسير في علم الضبعولوجيا، ولا يمكن فهمه إلا في سياق وجود رغبة دائمة في الانضباع موجودة بدواخلنا وقد تسللت كالسم البطيء في خلايانا حينما كنا منهمكين في مقاومة الانضباع. ولما انحلت عقدتنا بدأ السم يأخذ مفعوله العكسي.
هل نحتاج إلى تنقية دم على جهاز مرضى الكلى؟
هل نحتاج إلى قذيفة أو طلق حارق متفجر بين أعيننا؟
=هل نحتاج إلى ضبع أكثر شراسة حتى نعود أكثر مقاومة وينتهي مفعول (حجاب) السم؟
لا أدري!! ....