بعد القدس والجولان.. الخطوة المقبلة اعلان ضم الضفة

ردود العرب أقل ممّا كان متوقعاً وقرارات ترامب ستقوي محور المقاومة

 

الانباط ـ وكالات

جاء اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ"السيادة الإسرائيلية" على هضبة الجولان المحتلة، بمثابة "منحة من السماء" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أسبوعين من الانتخابات.

وبالنسبة لكثير من العرب، بددت الخطوة أي أمل في التوصل لسلام عبر المفاوضات في يوم من الأيام بين "إسرائيل" والفلسطينيين، وزادت من القناعات بأن واشنطن لم تعد وسيطاً محايداً، لكن يمكن للحلفاء والأعداء الاتفاق على شيء واحد ألا وهو أن قرار ترامب يعد نقطة تحول في سياسة الولايات المتحدة بشأن الجولان التي احتلتها "إسرائيل" عام 1967 وضمتها عام 1981، في خطوة أعلن مجلس الأمن الدولي أنها غير قانونية.

يسعى نتنياهو، الذي شكر ترامب على إعلانه، إلى إعادة انتخابه في 9 أبريل/نيسان لكنه يواجه معركة حامية وإدانة محتملة في ثلاث قضايا فساد. واجتمع نتنياهو مع ترامب الإثنين في زيارة تسلط الضوء على ما يصفها نتنياهو بأقوى علاقة بين زعيم إسرائيلي ورئيس أمريكي، رغم ادعاء ترامب بإن قراره بشأن الجولان "غير مرتبط بالانتخابات". لكن محللين في الشرق الأوسط يقولون إن قرار ترامب، الذي جاء بعد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة "لإسرائيل" في ديسمبر/كانون الأول 2017، "قد يغري قوى أخرى بضم الأراضي ويقوض طرح خطة سلام أمريكية في الشرق الأوسط ويدفع "إسرائيل" مجدداً إلى الصراع مع جيرانها العرب. وقال فواز جرجس أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية ومؤلف كتاب (تشكيل العالم العربي: صراع ناصر وقطب الذي رسم ملامح الشرق الأوسط): "تأكد ترامب من أن إسرائيل ستكون في حالة حرب دائمة مع جيرانها العرب لعقود عديدة قادمة". وأضاف "ما فعله ترامب دق مسماراً قاتلاً في نعش عملية السلام والمصالحة العربية الإسرائيلية. هذه نقطة تحول أساسية. لم يعد هناك أي شيء لمناقشته بعد الآن".

ويقول محللون إن خطوة ترامب تهدف جزئياً إلى تعزيز فرصه هو نفسه في إعادة انتخابه عام 2020، من خلال استهداف المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين. وقد صوت كثيرون منهم لصالحه عام 2016، ويدعمهم في إدارته وزير الخارجية مايك بومبيو ونائب الرئيس مايك بنس وآخرون. كان الإعلان بشأن هضبة الجولان هو الأحدث في سلسلة قرارات يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تهدف إلى إعادة رسم ملامح الصراع العربي الإسرائيلي. كانت معظم القرارات من قائمة أمنيات تل ابيب كما لبت مطالب قديمة لمؤيديها الأمريكيين، بما في ذلك اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.

ويقول مسؤولو البيت الأبيض إن القرارات بشأن القدس والجولان "تقر حقيقة على الأرض، وانها يجب أن تكون الأساس لأي مفاوضات سلام". وقال مبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون جرينبلات من غير المعقول أن تسمح إسرائيل "بأن تسيطر على الجولان سوريا أو أي من العناصر المارقة التي تعمل في المنطقة، بما في ذلك إيران". لكن في ظل تعامل الزعماء العرب مع أزمات في اليمن وسوريا وليبيا والجزائر والسودان وقطر، ومواجهتهم مع إيران، فإنهم أقل تركيزاً بشأن إسرائيل، كما يعتقد مقربون من ترامب.

وأشار مساعدو ترامب إلى أنهم يعتقدون أن تحركاته بشأن القدس أثارت رد فعل أقل حدة في العالم العربي مما توقع الخبراء.

وقالوا إن "نصيحة المساعدين لترامب بشأن الاعتراف بسيادة إسرائيل الجولان كانت تتمثل في أن واشنطن ستتغلب مرة أخرى على العاصفة".

وإن دعم هذه الخطوة في إدارة ترامب اكتسب قوة دفع خلال العام الماضي في وقت عبرت فيه إسرائيل عن قلقها إزاء القوات الإيرانية ووكلائها الذين يتخذون مواقع في جنوب غرب سوريا.

وأضاف المسؤول أن جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي وأحد صقور الإدارة البارزين، كان من المؤيدين المهمين لتغيير السياسة. لكن المتشككين يقولون إن هذه الخطوة ستمنح إيران وحزب الله ما قد تعتبرانه مبرراً لهجمات جديدة على إسرائيل ويعرقل الزعماء العرب المناهضين لإيران إذا نُظر إليهم على أنهم يقبلون الخطوة الأمريكية.

لكن بعد الخطوات بشأن القدس والجولان، قد تشعر إيران وحزب الله بقدر أكبر من القدرة على تقديم نفسيهما على أنهما الحليفان الثابتان الوحيدان للقضية الفلسطينية. وقد يعود ذلك بالنفع أيضاً على الرئيس السوري بشار الأسد من خلال مساعدته في تصويره لإسرائيل والولايات المتحدة كأعداء. وقال غالب دالاي، وهو زميل زائر في جامعة أوكسفورد وزميل في مركز بروكنجز الدوحة "سيعطي هذا مزيداً من القوة لمحور المقاومة، حصل هذا المحور على انتصار رمزي قوي جداً وسيوفر هذا لهم اليد العليا". وأضاف دالاي أن "الزعماء العرب لا يمكنهم أن يدعموا علناً قرارات ترامب بشأن القدس والجولان لأن ذلك سيهدد شعبيتهم المنخفضة بالفعل".

فيما قال دينيس روس المفاوض المخضرم في الشرق الأوسط "من وجهة النظر العربية، هذا يجعلهم أكثر تردداً في تقديم الدعم لأن المساحة السياسية التي يحتاجون إليها للمناورة قد تآكلت.. كل خطوة اتخذتها هذه الإدارة وضعت الدول العربية بموقف دفاعي". وأشار إلى أن "الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل على الجولان قد يشجع اليمين الإسرائيلي على تكثيف حملته لضم المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة". وقال: "أخشى أن اليمين في إسرائيل يمكن أن يقول اعترفوا بهذا. ستكون مسألة وقت قبل أن نتمكن من ضم كل أو بعض الضفة.. سيكون ذلك نهاية حل الدولتين".