"الأم تاريخ وحاضر ومستقبل"

قنديل هي يشع نورا في ظلمة الليل ،  ألة موسيقية عذبة تطرب المسامع ، احساسها ينبوع حب يعطي دون انتظار المقابل ، فنانة هي في العشق تجذب بحنانها و رقتها المشاعر ، كفجر جديد تهب فيه أرق النسائم ، كعطر جذاب ينتشر في كل الزوايا ، كالزهر الذي لا يموت ، فهي خطوط حياة كاملة ، قصة مثالية متكاملة ، تحيا على هذه الأرض و ترقد تحتها و احاسيسها بولدها لا تفارقها ، وتدها متين ، وشرايينها ممتلئة بحب كبير ، واخلاص ليس له مثيل ، و عشق المغرومين الهائمين .
الأم وطن يصنع وطن ،  وطن يصنع أجيالا ليبني وطن ، ليعلمها معنى الوطن ، فهي وطن كبير يصنع وطنا أكبر .
لم يخلو الليل من حكايات أم تروي للنجوم قصص أبناءها ، و لم تخلو صلاة من دعواتها ، و لم يخلو قلبها من سحر جاذب يضعف أمامه طفلها وكهلها.
قال تعالى : "ووصّينا الإنسان بوالديه حَملته أمه وَهْناً على وهن، وفِصاله في عامين أنْ اشكر لي ولوالديك إليّ المصير"
ضعفت و تعبت و تألمت ، صرخت وضحكت حزنت و بكت ،  فلها مواقف و تضحيات عظيمة على مر الأزمان للآن ، فهي أم الشهداء ، و أم العلماء ، و أم البسطاء .
مريم العذراء ، قال بها القرآن الكلام ، و ميزها عن الأخريات ، وكانت أشهر أم بمعجزة ربانية ، فهي والدة سيدنا عيسى عليه السلام . 
أمهات المؤمنين والصحابيات اللواتي سطرن أعظم المواقف مع الرسول محمد صل الله عليه وسلم  ، يدا بيد معه في كل حين ، وامهات حقيقيات للمسلمين . 
 (الخنساء) حينما استقبلت خبر استشهاد ابناءها الأربعة في معركة القادسية و قالت : "الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته".
كثيرات هن كالخنساء ، أمهات الشهداء اللواتي يتحملن ويصبرن ويعتصرهن الألم وتغص عبراتهن في عيونهن وهن يزفن ابناءهن الشهداء ، كالأم الفلسطينية التي عاشت و هي تقدم أبناءها للوطن بصبر و حكمة .
الأردنية ربى خريسات التي توفيت وهي تحمي أطفالها من الموت في حادث سيارة ، العطاء مخلوق بفطرة الأم و التضحية في دمها ، تموت و لا ترى دمعة ابن لها و هو يتألم . 

كثيرات هن الأمهات المفكرات و الكاتبات والشاعرات اللواتي كتبن القصائد وخطت أقلامهن بروايات أبطالها أبناءهن ، كثيرات منهن توفين و الحسرة في قلوبهن خوفا على روح ارتبطت بهن  .
أمهات كثر تعبن وصبرن من ظلم الحياة وتعبها ، و من مشاق العمل ، وضنك الظروف الإجتماعية ، فاالأم كتاب  مدون فيه معنى الحياة و كيف الحياة ، وتعاليم الحياة ، و تفاصيل الحياة .
قال الشاعر أبو القاسم الشابي : 

الأُمُّ تَلثُمُ طِفْلَها وتَضُمُّهُ حرمٌ سَماويُّ الجمالِ مُقَدَّسُ
 بوركتِ يا حَرَمَ الأُمومَةِ والصِّبا كم فيكَ تكتملُ الحياةُ و تُقدّسُ.

د. حنين عدنان عبيدات