غزوة نيوزلندا / ١
غزوة نيوزلندا / ١
لقد كانت للمجزرة الارهابية التي وقعت في مسجدين في مدينه كرايست تشيرتش في نيوزيلندا وقع الصاعقة علينا لفظاعتها ووحشيتها والطريقة التي تمت بها . ولقد تابعت من لحظتها وحتى الآن العديد من التعليقات والاخبار والمقالات عن هذه المجزرة ، الا انه ورغم كثرة ما قيل فأن لي بعض وجهات النظر والملاحظات
اولا لابد من الاقرار ان التاريخ البشري قد شهد الكثير من الحروب واعمال العنف بين الدول والمجموعات البشرية بسبب التنازع على الارض او الرزق او الجوار او لاسباب قومية وكان بعضها لاسباب دينية ومنها الحروب الصليبة .
وثانياً لا بد من الاقرار ان العالم قد شهد الارهاب والارهابيين على مدار التاريخ ولكن بطرق واساليب مختلفة وان بعض اسباب هذا الارهاب كان لدوافع جرمية او عرقية او قومية او عقائدية سياسية او دينية . وان الارهابيون لا ينتمون الى عرقية واحدة ولا قومية معينة ولا دين معين . بحيث يمكن ان نقول ان الارهاب لاوطن ولا دين له .
وقد شهد العالم وخاصة الغربي خلال فترة السبعينات وما بعدها من القرن الماضي ظهور العديد من المنظمات التي مارست الارهاب لاسباب ايدلوجية وعقائدية وقومية ودينية . وقد تصدرت اوروبا العالم في عدد هذه التنظيمات وبلغ عددها فيها حوالى ١١٦ منظمة ارهابية منها بادر ماينهوف والجيش الاحمر الالماني والجيش الاحمر الايطالي و الجيش الجمهوري الايرلندي ومنظمة أياتا الباسكية الانفصالية في اسبانا وغيرها الكثير . وخلال هذه الفترة لم يكن هناك تواجداً لما اطلق عليه اسم الارهاب الاسلامي الى ان ظهرت في مصر في نهاية ثمانينات القرن الماضي بعض تنظيمات الاسلام السياسي التي تبنت الجهاد كأسلوب للتغيير وقامت ببعض العمليات الارهابية ضد الاجهزة الامنية والسواح الاجانب . كما انه في عام ١٩٩١ حدث صراع مسلح ما بين السلطة الحاكمة في الجزائر والجبهة الاسلامية للانقاذ تخلله الكثير من العمليات الارهابية من الطرفين .
ثم ظهرت تنظيمات الجهاد الاسلامي في افغانستان برعاية امريكية بحجة محاربة الكفر المتمثل بالحزب الشيوعي الحاكم هناك وحليفه الاتحاد السوفياتي وفي الحقيقة لنزع السيطرة السوفياتية عنها لموقعها الاستراتيجي . وقد فتحت الولايات المتحدة ومن خلال بعض الانظمة الاسلامية والعربية الباب واسعاً لدخول المتطوعين الاسلامين اليها من اجل محاربة الكفر والكفار ودخل معهم الكثير من اعضاء التظيمات الاسلامية الجهادية الهاربين من سلطات بلادهم والذين شكلوا ما اطلق علية اسم المجاهدين العرب والذي تحول الى تنظيم القاعدة ليكون اول واكبر تنظيم يمارس الارهاب باسم الدين الاسلامي بعد ان حرفو مبادئ الدين الاسلامي بما يخدم مصالحهم . وبعد ان اجتاحت القوات الامريكية افغانستان عاد هؤلاء المجاهدين الى بلدانهم العربية والاسلامية وهناك شكلوا خلايا سرية مارست العمل الارهابي داخل بلادهم . وبعضها استهدف اهدافاً غربية .
ومع انطلاق الربيع العربي ودعم الغرب له وتحوله الى صراع مسلح برزت الكثير من التنظيمات التي كانت تتبنى الفكر التكفيري والارهابي مثل داعش والنصرة وغيرها والتي ساهم الغرب في تمويلها وتسليحها والتي كانت الغالبية العظمى من نشاطاتها الارهابية موجهة للعرب بغض النظر عن دينهم . وقد قامت هذه التنظيمات ببعض الاعمال الارهابية في العديد من الدول الاوروبية واوقعت عدداً من القتلى والجرحى والدمار فيها وبالرغم من ان حجم هذه العمليات التي قامت بها هذه التنظيمات والخسائر التي اوقعتها بين المواطنين الاوروبيين كانت نسبتها اثنان في المائه من العمليات الارهابية التي وقعت بتلك الدول والتي قامت بها تنظيمات ومجموعات وافراد ارهابيون وقوميون ويساريون اوروبيون في بلادهم حسب احصائية في عام ٢٠١٣ .
الا انه ونتيجة لتزايد عمليات الهجرة الى الدول الاوروبية نتيجة للربيع العربي وزيادة اعداد العرب والمسلمين في هذه الدول فقد تنامت فيها الاحزاب اليمينية والقومية والدينية المتطرفة والمتشددة والتي ناصبت المهاجرين العداء . ومن اجل حشد الانصار اليها فقد بالغت هذه الاحزاب في ردود افعالها على بعض العمليات التخريبية التي قامت بها بعض التنظيمات التي تتدثر بالاسلام وروجت الى ان جميع الارهاب الذي يحصل في اوروبا والعالم هو ارهاب اسلامي وان المسلمين هم كلهم ارهابيين وان الدين الاسلامي دين ارهابي . وبالرغم من ان هذا التيار لا يمثل كل الشعوب الاوروبية وحكوماتها فقد تنامى هذا التيار حتى داخل بعض انظمة الحكم في العديد من الدول الاوروبية متناسين ان الارهاب الحقيقي هو ما تعرض له العرب والمسلمين في مختلف اماكن تواجدهم من دول الغرب من استعمار او احتلال اوارهاب دول مثلما حدث ويحدث كل يوم للشعب الفلسطيني من قبل الصهاينة العنصريين .
كل هذا ولد موجة قوية من عداء ديني غربي للاسلام والمسلمين في العديد من دول الغرب والذين تعرض الكثيرون منهم للارهاب والاضهاد وحتى القتل في كثير من الاحيان من قبل اعضاء في هذه الاحزاب والتنظيمات او مناصرين ومتبنين لافكارها .
ومن وسط هذا المستنقع ظهر هذا المسخ الذي يدعى برينتون هاريسون تارانت .
وحتى لا اطيل عليكم بقية المقال غداً ان شاء الله
مروان العمد