العناني: خسائر سوق عمان من "الضريبة المضافة" زادت على مليار دينار
رئيس مجلس إدارة بورصة عمان في حوار مع "الأنباط"
لم نفاوض صندوق النقد كما يجب وكنت معترضا على ذلك
تغير قرارات صندوق النقد جاءت نتيجة ادراكه بأن سياسته لن تلبى
انا متفائل بأن الاردن سيشهد تطورا اقتصاديا ايجابيا
ندرس اجراء طرح اسهم للافراد وللشركات لتدخل شريكة في البورصة
الأنباط – عمان - زمن العقيلي
أوضح الدكتور جواد العناني، رئيس مجلس إدارة بورصة عمان إن الخسائر التي تعرض لها سوق عمان المالي، جاءت إثر اقرار قانون الضريبة المضافة.
وقال في لقاء مع "الأنباط" انه فور صدور قانون الضريبة، كان هناك ردة فعل سلبية مباشرة من قبل المستثمرين والوسطاء في سوق عمان المالي ، والسبب يعود الى ان الضريبة الاضافية كانت غامضة، والتعليمات التي صدرت عن دائرة ضريبة الدخل في ذلك الوقت ايضا كانت مبهمة، وغير واضحة التفاصيل، وبالتالي من الصعب تطبيق هذه الضريبة المفروضه على المضاربة وعلى ارباح المضاربة في السوق.
وأكد اننا نعيش في عالم مبني على التوقعات فاذا كان هنالك غموض فيما يتعلق بالضريبة فهذا سوف يفسر تفسيرا سلبياً عند المضاربين وعند المستثمرين، وهذا ما حصل انذاك حيث هبط السوق بقوة عدة ايام، وكانت حصيلة الخسارة حينها تعادل اكثر من مليار دينار وهذا مبلغ ليس بيسير.حيث كان يساوي تقريبا مايعادل خمسة ونصف الى ستة بالمئة من قيمة الاسهم المتداولة في سوق عمان المالي، وهذا رقم كبير جداً.
وأضاف: "ومن هنا كان لابد ان نحتج وان نصيح ، وكنت قد اجريت في ذلك الوقت مقابلة تلفزيونية، كان رأيي بخصوص قانون الضريبة المضافة قاسيا جداً، لكي لا يقال ان مجلس ادارة البورصة لم يقل ولم يعترض،وكي لاينسى احد انني كنت معارضا لهذا القانون وبشدة، وبعدها استجابت الحكومة واستجابت الدوائر المعنية. واعدنا النظر في هذا الموضوع من خلال نفس اللجنة التي اقرت هذه الضريبة وحولناها الى رسم معقول رضي به المستثمرون، ورضي به الوسطاء، ورضيت به الحكومة, وحينها عاد الوضوح تماما واستطاع السوق ان يستعيد نشاطه،وتمكنا من استعادة ما خسرناه من خسائر وزدنا عليها ارباح ايضا.
كما نتوقع تحسنا اضافيا في السوق، ونأمل في ان يكون هناك تعديل يلغي ضريبة الدخل تماما في المستقبل .
اما فيما يتعلق باحتجاجات المضاربين التي ظهرت اثناء اقرار الضريبة المضافة،فيشير لها العناني متسائلاً: هل كان احتجاج المضاربين في الهواء؟ثم يعود ليؤكد بقوله: لقد كانت لديهم مبررات كافية وهذا دون الدخول الى قلوبهم ودوافعهم سواء كانت لديهم اسباب سياسية او اسباب اجتماعية،لكننا بوضعنا ضريبة على ارباح المضاربة خلقنا المناخ الذي يدعو الى الاحتجاج وهم متضررون بشكل مباشر، لان هبوط حجم الاتجارفي داخل السوق يؤثرعلى المضاربين وعلى دخلهم، كما ان الكثيرين منهم يعانون في الاساس من الوضع السابق قبل فرض الضريبة ، وبالتالي ردة فعلهم كانت مبررة .
وعن خصخصة البورصة،يرى الدكتور جواد العناني انها ليست ذات تأثيرفعلي فأن كانت البورصة دائرة حكومية بشكل مطلق وأن تحولت الى شركة لن يكون هناك فرق كبيرلانها بالتالي مملوكة للحكومة مئة بالمئة وهذا يبقيها في اطار الحكومة .
ويضيف : الوضع لن يتغير إلا اذا طرحنا اسهماً للافراد وللشركات لتدخل شريكا في البورصة ونحن ندرس اتخاذ مثل هذا الاجراء الان ولكننا ننتظر الوقت المناسب لطرحه .
كما يرى العناني انه في حال طرح هذا المشروع الان سيكون حجم تقييم الناس للسهم مختلفا كلياعن تقييمه فيما بعد، ولكن قد يأتي مستقبلا اي بعد تحسن قيمة السهم من يحاسبنا على سبب بيعنا السهم بأقل من قيمته السوقية ، وهو لا يعرف اننا لا نتخذ الخطوات فقط للارباح،وانما من اجل تحسين وضع الشركة،كذلك طالما تذهب الارباح الى اردني فليس هناك خسارة اقتصادية فعلية.
لكن بالتأكيد اننا لن نطرح جميع الاسهم مرة واحدة . وبالتالي غير مسموح لنا إلا تسعة واربعين بالمئة كحد اقصى لانه يجب ان تحتفظ الحكومة بواحد وخمسين بالمئة، لكن في اخر الأمر لا بد من جلب شركاء لدعم السوق .
ويؤكد العناني قائلاً: اننا لانتعامل حتى الان الا بما يسمى سندات الملكية للاسهم، رغم انه هناك سندات رأس المال او سوق رأس المال وهناك سندات قروض سواء قروض بفائدة اوصكوك.
ونحن الان بدأنا بأدخال الصكوك الى السوق وهو اجراء حديث لكننا من خلاله سنكون ادخلنا سوق رأس المال عن طريق الاقراض والخطوة القادمة لا بد ان ندخل السندات وغيرها وطبعا سوف نفصل بين السندات التي لها منشأ اسلامي ومتماشية مع الشريعة الاسلامية وبين الاصول الاخرى، وهذا اجراء ضروري من اجل اعطاء المستثمر فرصا اكثر بأن يختار ما يرد وفق هواه .
وعند سؤالنا عن صندق النقد الدولي ومفاوضات الصندوق التي يراها البعض انها لم تكن على القدر الكافي من الصلابه يرى الدكتور جواد العناني اننا لم نكن نفاوض الصندوق بشكل صحيح حيث قال : اعتقد اننا في السابق لم نفاوض الصندوق كما يجب وكنت معترضا على ذلكلاوثبت صحة قولي، وكان موقفي اننا يجب ان لانقبل بشروط صندوق النقد الدولي ، والسبب انهم كانوا يطالبون اي الصندوق الدولي ان نخفض نسبة الدين الى الناتج المحلي الاجمالي من 96 في المئة الى 77 في المئة في العام 2021وهو ما معناه اننا لابد ان نأخذ ضرائب اكثر ونقلل من الدعم الحكومي لنخفف العجز لكن مثل هذا الاجراء لن يدعم اي نمو اقتصادي .
ويقول الدكتور العناني مضيفا : بالتالي اعتقد ان ضبط الانفاق ضرورة وتخفيف العجز ضرورة لكن يجب ان نبقي للسوق سيولته، ودور الحكومة الاقتصادي دوره من اجل انعاش الاقتصاد وخلق حركة نمو من اجل حل مشكلة البطالة وحل مشكلة الفقر وحل المشاكل الاقتصادية الاخرى، لان هذا هو الهدف النهائي من ادارة الدولة . لكن نحن المسؤولين نوعان نوع يؤمن بصحة ما يقوله صندوق النقد الدولي ونموذجه ونوع اخر تنقصه الخبرة لتحويل ما يؤمن به الى نقاط على طاولة المفاوضات وفي تقديري انه كان باستطاعتنا مفاوضة صندوق النقد الدولي بشكل افضل خاصة انه بعد اربع او خمس سنوات من التعامل مع الصندوق ، لم يكن هنالك اي نتيجة فلم يقل الدين ولم تتحسن نسبة الدين للناتج المحلي الاجمالي ولم يتحسن النمو ولم تقل نسب البطالة ولهذا لا نستطيع ان نكرر نفس المعادلة ونتوقع نتائج مختلفة. لذلك كان لابد من اعادة النظر والدليل على ذلك ان صندوق النقد الدولي في عام 2018 وافق ان يخفض الاردن نسبة المديونية من حوالي 95 بالمئة الى 90 بالمئة في العام 2022. وهنا نرى انه لو منذ البداية وافق الصندوق على هذه النسب كانت الضغوطات اصبحت اقل،وكنا تمكنا من أنشاء مشروعات تنموية.
اما بخصوص التغيرات التي طرأت على موقف صندوق النقد الدولي فيشير لها العناني :بأنه اصبح من الواضح ان صندوق النقد الدولي يقول ان على الاردن ان يستمر بسياسة ضبط الانفاق وتخفيف العجز ومراعاة دور الصندوق، لكنه ادرك في ذات الوقت بأن هذا لا يكفي وانه يجب ان يكون هناك استثمار ونمو واعادة هيكلة في اقتصاد الاردن ، وهنا كان من الاولى و منذ البداية ان يقول الصندوق مثل هذا القول.ويعزو الدكتور العناني هذا التغيير بقوله: اعتقد ان صندوق النقد ادرك ان سياسته لن تلبى والدليل انه في العام الماضي وافق الصندوق على التخفيف عن الاردن الكثير من الشروط .لان الاردن بالتالي لايعاني فقط من مشاكل داخلية وانما لديه الكثير من التحديات الخارجية التي كان لها تأثير مباشر عليه .والان العديد من الدول تؤكد على وجوب اعطاء الاردن مهلة زمنية، او ما تسمى بمرحلة انتقالية لمدة خمس سنوات يقوم الاردن خلالها ببناء مشاريع استثمارية لخلق وظائف جديدة وتخفيف العجز كذلك تطوير البنى التحتية للاردن، ومن هنا نأمل من الحكومة ان تأتي بمشاريع استثمارية من اجل زيادة النمو وبالتالي زيادة الناتج المحلي الاجمالي .
ويضيف : نحن نتكلم الان عن تغير في وجهة نظر العالم ورؤيته الى ما يجب ان تكون عليه السياسة الاقتصادية في الاردن، وانا ارى ان الاردن سيشهد تطورا ايجابيا ، وانا متفائل اكثر بسبب انفراج بعض الازمات سواء مع العراق او سوريا وبعض الدول المؤثرة على سوريا والعراق مثل ايران وتركيا.ولكن لتكون لدينا رؤية يجب ان يكون لدينا شروط وفرضيات.واعتقد انه اذا طبق الاردن مشروع الخمس سنوات حيث اقام مشاريع استثمارية، وتمكن من عمل بنى تحتية ثم نبدأ بتنفيذ بعض المشروعات الاقليمية مثل قناة البحرين او سكك الحديد ومشروع النفط بين الاردن والعراق المقرر انشاؤه بين البصرة والعقبة .وهو ما يمكن ان يغير الكثير من ملامح الاقتصاد الاردني نحو الافضل .
وبعد حديثنا المسهب عن الخطط الاقتصادية المستقبلية للاردن وجهنا الحديث مع الدكتور العناني عن الشعب الاردني وما يعانيه من مشاكل اقتصادية جوهرية وكيفية التعامل من الضغوطات التي يعيشها المواطن الاردني اليوم والتي يراها العناني تؤثر بشكل مباشر على الشعب لكنه يشير الى مانراه على الموقع الالكتروني لجلالة الملك عبد الله الثاني حيث كتب"نحو تحقيق مستوى افضل من الحياة والمعيشة للمواطن الاردني"وهذا شعارللمرحلة.
كما يبين الدكتور العناني قائلاً: انه للناس رؤيتان واحدة موضوعية من الوقائع واخرى عاطفية شخصية تنطلق من واقع الشخص نفسه،وان ازدياد رقعة التذمر في الاردن يرجع الى إن المجتمع اصبح يعاني عندما بدأ بالتكيف تدريجيا مع واقعه الاقتصادي،فغالبا ما يرفض الناس في البداية تغير اسلوب حياتهم او استهلاكهم،لكن اذا نقص دخل المواطن يبدأ احيانا بتسييل ثروته ، وحينها يبدأ بالشكوى رغم انه يكون حينها ليس في مرحلة مخاض الالم، لان الالم الحقيقي هو في التكيف وفي اعادة النظر في اسلوب الاستهلاك.
ويضيف العناني احيانا يجبرالمواطن على الانفاق اكثر من قدراته حين تكون هنالك زيادة في الضرائب ضمن دخل مادي ثابت، لتشكل ضغوطا بالموازنة المنزلية للمواطن،والحكومة بذات الوقت تقول ان موازنتى متضعضعة وجزء من دخلك ايها المواطن يأتي من موازنتي ولذلك يجب ان تعطيني من اجل ان استمر بالعطاء.
كما ان الشكوى ليست فقط نتيجة انقاص الدخل وانما من فعل الضرائب وعدم وجود طلب كاف في السوق يسبب تراجعا بعملية النمو.
وهنا يبدأ الناس التخفيف من استهلاكهم للاشياء التي من الممكن الاستغناء عنها وهذا الذي يوصل البعض الى مرحلة الفقر المدقع،التي تصل بهم الى مرحلة التقليل من اساسيات الحياة في سبيل البقاء احياء فقط .
اما الطبقة المتوسطة فمساحتها تقل لان الاغنياء يزدادون غنى على حساب الفقراء ثم على حساب الطبقة المتوسطة،وحينها تسقط الطبقة المتوسطة نحو الشرائح الادنى من الدخل .
كما يشيرالدكتور جواد العناني الى ان الاقتصاد الاردني قادر على ان يخلق مليون فرصة عمل لغير الاردنيين اذن هو بالتالي قادر على توفير هذه الفرص للاردنيين، وهنا لابد من التواصل مع رجال الاعمال وتدريب الاردنيين على ان اي فرصة عمل لابد وان تحتاج الى فترة تدريب وبحاجة الى كفاءة ومهارات لابد من صقلها ،وانا ارى ان هذا لو طبق سيحل جزءا من الازمة الاقتصادية وان العمل مهما كان افضل من اللا عمل في انتظار وظيفة حكومية.
ثم نعود بحديثنا مع العناني للوقوف على مخرجات مؤتمر لندن ومامقدار التفاؤل الذي سيتركه على الساحة الاقتصادية الاردنية وهنا يفسر لنا العناني قائلاً: اغلب المساعدات التي جاءت كانت في اغلبها قروضا والدول التي وعدت بذلك دول لديها مصداقية بالمنح مثل اليابان وفرنسا وانجلترا ، والولايات المتحدة ايضا زادت نسبة المساعدة ، وجميع هذه الدول اذا وعدت فسوف تفي بوعودها فاليابان تاريخها معنا دقيق جدا وهي وعدت بمئة مليون مساعدة وثلاث مئة مليون قرضا سهلا، لابد من تسديده وهي تعطينا قروضا انمائية طويلة الاجل وتكاد تكون بالمجان لكن لابد من ارجاع المبلغ الاساسي ، دون ان تكلفنا فوائد كبيرة.
ويؤكد : أذا استثمرنا هذه المبالغ بشكل صحيح سوف تأتي بأرباح مضاعفة، واكثر بكثير من كلفة القرض وحينها نستطيع سداد القرض وفوائده ، كذلك فرنسا لديها كثير من الاستثمارات في الاردن فهي اكثر دولة غير عربية مستثمرة في الاردن ، واعتقد ان هناك خطة واضحة ودقيقة انه خلال الخمس سنوات القادمة يجب ان يعطى الاردن قدر معين من المساعدات ومن القروض الميسرة، من اجل بناء البنى التحتية،و دورنا الان هو تنفيذ المشاريع لاننا لن نأخذ المساعدات دون تنفيذ تلك المشاريع،وعلينا ان نختار ما هو اساسي للبلد وما يعود عليه بالفائدة من اجل تمكين عملية الانتاج وهدفنا الان ليس تسهيل الطرق للسيارات وانما هدفنا هو ان نعمل بنى تحتية قادرة على انشاء مصانع وانشاء مشاريع عالية الجودة وتحسين بيئة الاستثمار والنمو، لتحويل الاردن الى بلد انتاجي قادر على التعافي اقتصاديا.//