شعرة معاوية المقطوعة
أتعرض أحيانا الى نقد جارج من قرّاء يعتقدون أن ما أكتبه من نقد حول تاريخنا العربي ناتج عن حقد وربما تآمر، بالمناسبة أنا أعرابي ابن أعرابي ، وأحمل جميع أخطاء وميزات الأعرابي، ويدعي قريبي روكس العزيزي بأن أجدادي وأجداده من الغساسنة..
في الواقع – وفي مجال النقد- أنا انطلق من جوهر فعل الكتابة الساخرة ، وهو نقد الذات وتعريتها أمام نفسها أولا ، لعلها تدرك خطورة مراكمة الأخطاء ، لعلها تفكر في تصحيح مسارها . ولن ادافع عن نفسي اكثر من هذا ، ونرجع لموضوعنا في تشريح الذات:
الرجل لم (يقّصر ) معها فقد أسكنها قصرا هو أكبر قصور الإمبراطورية، وأحاطها بالجواري، دندشها بالذهب والفضة والجواهر المستلبة من خزائن ملوك ذلك الزمن . لكنها أنكرت هذه النعمة العارمة وظلت تنشد بكل حزن:
لبيت تخفق الأرياح فيه أحب إلى من قصر منيف
....إلى آخر القصيدة التي تفضل فيها لباس الخيش على حرير القصر ونباح كلب البادية على ضرب الدفوف ورقص الجواري والغلمان.
أما الرجل فهو معاوية بن أبي سفيان الخليفة الأموي الأول ومؤسس الإمبراطورية العربية الكبرى ، أما المرأة فهي ميسون بنت بحدل الكلبية زوجته ،وبنت وزيره الأول.
هنا ندرك سر الشعرة غير المقطوعة عند معاوية ، لا شك في انه تعلم تلك الحكم من تجربته مع أم الميس، (التي اضطر الى تطليقها) بعد انتشار هذه القصيدة وأعادها الى خيام بني كلب، لكن ذلك لم يمنعه من فرض ابنها يزيد خليفة بعده.
الحنين إلى الخيمة دفع العربي الأعرابي إلى استبعاد كل مكونات المدنية والحضارة خصوصا تلك المكونات التي قد تلغي إمكانية تحول الدولة إلى مجموعات من البدو الرحل على الأبل ،لذلك تم استبعاد استخدام العجلة مع أن المركبات التي تجرها الدواب كانت معروفة من قبل حرب طروادة قبل نشأة الإمبراطورية اليونانية بقرون . كما انهم لم يقيموا السدود ولا الإنشاءات الكبرى ولا المسارح والملاعب والعمارات العظيمة ... واعتبروا أنفسهم بدوا رحلا. لكن الإسلام والعروبة كانا يرقّعان ما يفسده الأعرابي حتى أضناهما الأمر .