صالح القلاب يحاضر حول أزمة الوضع العربي والمستقبل المنظور
ألقى الكاتب والمحلل السياسي ووزير الإعلام والثقافة الأسبق الأستاذ صالح القلاب محاضرة في منتدى الفكر العربي، مساء الأحد 3/3/2019، تناول فيها أزمة الوضع العربي والمستقبل المنظور من خلال عرض تطورات هذا الوضع منذ مئة عام حينما كان الأمة تطمح إلى التحرر والوحدة والاستقلال، بما في ذلك حقبة المواجهة مع الاستعمار الأجنبي، والصراع العربي- الإسرائيلي والتعقيدات التي واجهتها القضية الفلسطينية، وأثر ذلك على الدول العربية وانعكاساته في الوضع الإقليمي والدولي ككل، كما تطرق إلى مصائر تجارب الوحدة، ودور الانقلابات في إفشالها، وما آلت إليه التجربة الحزبية القومية، وظواهر الطائفية والمذهبية والقبلية التي استشرت في الواقع العربي المعاصر.
أدار اللقاء وشارك فيه الأمين العام لمنتدى الفكر العربي والوزير الأسبق د. محمد أبوحمور، الذي أشار في كلمته التقديمية إلى أنه لا بد أن يبقى السؤال قائماً عن المشروع العربي وعن الصوت العربي لتمكين إرادة الأمة من تقرير مصيرها، فالمنطقة ما تزال في نظر القوى المتنفذة ساحة حروب بالإنابة، وتدفع التكاليف من أرواح أبنائها وثرواتها ومواردها البشرية، وبُناها الاجتماعية والاقتصادية التي تفككت، ووحدتها الجغرافية السياسية التي قسِّمت على الأرض عملياً في بعض الأجزاء، وما تزال خريطة المنطقة مهددة بتقسيمات وترتيبات جديدة تعيد رسم خريطتها بشكل جذري، في إطار فرض الحلول على الطرف الأضعف؛ داعياً إلى استعادة الحد الأدنى من العمل العربي المشترك برؤية شمولية متكاملة، وعلى أساس تجميع الطاقات للبدء بإعادة الإعمار والتنمية، واطفاء نقاط التوتر الداخلية بالإصلاح واستعادة القيم والوعي لبناء التماسك الاجتماعي العربي.
ومن جهته قال الأستاذ صالح القلاب: إن هناك الآن إجماعاً على أن الوضع العربي، إنْ ليس كله فبمعظمه، يمر بأزمة فعلية سياسياًّ وإقتصادياً، وأيضاً أخلاقياً، فالناظر إلى الخريطة العربية يرى انهيارات وتشرذماً عربياً ما كان الوطن العربي قد مر بمثله حتى في فترة صراع المعسكرات والحرب الباردة، وحيث كان هناك عرب مع المعسكر الشرقي الذي كان يقوده الاتحاد السوفياتي والمعسكر الغربي الذي كانت تقوده الولايات المتحدة، وحيث نشبت حروب داخلية عربية أو في بعض الدول، وحقيقة أن هذا كله يجب التوقف عنده ملياًّ لأن تشخيص الأسباب تؤشر بإمكانية العلاج .
وأضاف أن أزمة هذه المرحلة العربية تكمن في ما شهدته سنوات القرن الماضي من انهيار المحاولات الوحدوية كلها، وما حدث من تمزقات مدمرة وانقسامات وتشظي، وحيث ظهرت أحزاب قومية كانت واعدة في مرحلة من المراحل لكنها بدورها ما لبثت أن تشظت وأصبح الواقع الحزبي والسياسي في الوطن العربي كله هو هذا الواقع المتراجع كثيراً.
وأكد المُحاضر أهمية مناقشة أزمة الأمة، والتركيز على الأجيال الصاعدة، كون الأزمة العربية التي نواجهها الآن أكثر تعقيداً مما يظن البعض، وإننا بحاجة إلى مدة زمنية كافية للوصول إلى بداية مرحلة جديدة؛ قائلاً إن بداية الطريق الطويل يبدأ بخطوة صحيحة واحدة، ومشيراً إلى ضرورة الإصلاح السياسي والاجتماعي لانهاء الصراعات داخل المجتمعات وترسيخ مبادىء التسامح وقبول الآخر واحترام التعددية، وكذلك إيجاد البيئة الحزبية والبرلمانية والإعلامية الفاعلة، والسعي نحو ديمقراطية راسخة.