مجتمع الكومباود ... لصالح من !!!

  المهندس هاشم نايل المجالي

إن الشعور بالأمن والأمان والاستقرار شيء لا غنى عنه في أي مجتمع أيا كان ، فمن منا لا يريد أن يشعر بالأمن والأمان داخل مجتمعه الذي هو جزء منه كأسرة وكمجتمع ليحتمي فيه .

وعندما نتحدث عن الأجهزة التي تقوم على توفير هذه المهمة لتجد نفسها أمام العديد من الظواهر التي تفرض العديد من الأسئلة والتي تحتاج إلى تأملات من أصحاب الخبرة والمعرفة ومن قبل الجهات المعنية فعلى سبيل المثال لماذا يقل أو ينعدم الأمن والاستقرار في المناطق الفقيرة والمناطق العشوائية والشعبية المكتظة والمهجورة ؟، ولماذا لا احد ينظر الى مطالبهم واحتياجاتهم من قبيل الهندسة الاجتماعية الا بعد ان يحتد الصراع والعنف فيها؟ ، وهل القوى الأمنية هي الوحيدة المعنية بتلك المناطق أم أن هناك واجبات ومسؤوليات مناطة بجهات حكومية وأهلية لتقدم برامج وأنشطة وخدمات لسكانها وإعادة تنظيمها؟ .

في حين أن الحكومات تسعى إلى تطوير المجتمعات حسب الواقع الحقيقي لكل منطقة ، لكنها تقع في تناقض مع ذاتها في مستوى الخدمات التي تقدمها من مكان لآخر ، مما يؤدي إلى انقسام وتناقض تلك المجتمعات بين نفسها إلى متضادات مستعصية وتنافر بين الطبقات الاجتماعية وكأنها تريد أن تلتهم بعضها البعض ، خاصة عندما يحتد الحوار على صفحات التواصل الاجتماعي عند أي تغريدة لأي مسؤول .

أي أنهم يدخلون في نضال عقيم ضد بعضهم البعض فهل هناك من منظومة تلطف هذا الاصطدام وتبقيه ضمن الحدود المسموح بها ، فهناك الشرطة المجتمعية وهناك حماية الأسرة ووزارة التنمية الاجتماعية وغيرها من المنظمات الأهلية وهناك بعض القوى تنبثق من نفس المجتمع والتي تُكلف بمهام التوعية والإرشاد . وهناك منظمات دولية تقوم بمسوحات ميدانية وتقدم دراسات عن واقع الحال لتلك المناطق وعن عمالة الأطفال وغيرها يجب على الجهات المعنية الاطلاع عليها ودراستها وتقديم الحلول .

اذن هناك فصل وتباين واضح بين الخدمات التي تقدم للمناطق الراقية والمناطق الشعبية التي تشعر ان جنتهم مسلوبة لذلك نجد أن المناطق المهمشة تكون مصدراً لتصدير المحظورات او صناعتها او ظهور البلطجة ومواقع اختباء للصوص والهاربين والمطلوبين وغيرهم ، وهذه تشكل خطراً حقيقياً على بقية المناطق المجتمعية المجاورة لها ، حتى ظهر مؤخراً مجتمع الكومباوند وهو مجتمع يتجمع فيه فئات بشرية تمتهن مهنا مخالفة للقانون من صناعة المخدرات بأنواعها او تخبئة المسروقات او ايواء المطلوبين مقابل الثمن وغير ذلك فهي مجتمع يحمي نفسه بنفسه من تدخل القوى الامنية وذلك بوسائل متعددة وضيق الممرات بين السكن العشوائي وتداخل السكن مع بعضه البعض ووجود ممرات وانفاق داخلية وغير ذلك ، فلقد اصبحت هذه المجتمعات استثماراً للعديد من الفاسدين لصناع المحظورات وتزوير الاوراق وغيرها وتحقق عائداً مالياً كبيراً .

وهذه مجتمعات لا تريد ان تتطور بوضعها الحالي ، لذلك لا يكون هناك توزيع عادل للامن بين تلك المجتمعات حتى ان كثيراً من القوى الامنية تخشى اختراق تلك المجتمعات لعدم علمها بما يمكن ان يكون عليه من ردود فعل ، ولعدم توفر المعلومات الكافية عن طبيعة المنطقة ، وأي تدخل غير مدروس سيؤدي الى خسائر بشرية كبيرة خاصة اذا تمت ملاحقة المجرمين واصحاب السوابق الخطيرة هناك . وهم يمتلكون الاسلحة بأنواعها .

لذلك يجب ان تتشكل فرق عمل من قبل كافة الجهات المعنية والاهلية لاعادة هيكلة تلك المناطق وتنظيمها ورفع مستوى الخدمات فيها ، وتفكيك تلك العشوائيات المنغلقة على نفسها ليرفع مستواها الحضاري والتقليل من حدة التناقضات مع بقية المجتمعات الاخرى ، خلاف ذلك سيبقى الوضع الامني المجتمعي هناك سلبياً وستبقى مصدراً لتصدير العنف والمحظورات وغيره .//

  

hashemmajali_56@yahoo.com