عیون
أمس حملت (اللاب توب) الخاص بي إلى مبرمج كمبیوتر , ووضعتھ أمامھ ..قلت لھ : یا محمود عیوني خذلتني قلیلا , وأرجو أن تجعل الخط كبیرا جدا , فأنا حین أكتب في الصباح مقالي, تعیقني الرؤیة ولا أشاھد الحروف جیدا ...مع أنني وفي حكومات سابقة , لم أكن أستعمل (نظارة) القراءة لحظة كتابة المقال ولكني في ھذه المرحلة, صرت أحتاج . لما ھو أكبر من نظارة قلت لھ یا محمود , الأزمة لیست فیضانات , ولا فنانات .. ولكن الأزمة الموجودة لدینا ھي أزمة نظر فالبعض یرى بلادي بعیونھ فقط وینكر عیون الاخرین , والبعض یراھا من خلف نظارة شمسیة , والبعض من خلف نوافذ الطائرة , . وھناك من لایراھا أصلا .. كبر الخط یا محمود كبر بأكثر ما استطعت , فقد ضاق القلب .. وأنا تماما مثلما قال یوسف الصایغ حین قال : أنا لا أنظر من قلب الباب .. ولكني أنظر من قلب مثقوب الأزمة في بلادي یا محمود ھي أزمة نظر , أزمة رؤیة .. فالبعض یحلمون بأشیاء جمیلة , وتبقى أنظارھم رھینة الحلم , ویسقطون أحلامھم على واقع بعید كل البعد عن الحلم , والبعض عیونھم شاھدت عمان الغربیة فقط, ولا یعرفون الھاشمي الجنوبي .. أو عمان الشرقیة , ولا یعرفون الرصیفة ..أو (جناعة) ولو أعطیتھم مفتاح سیارة, وطلبت منھم الذھاب إلى جبل الجوفة لما عرفوه ..والبعض یا محمود , عیونھ شبت على الكرمید , وعلى مائدة الإفطار الفرنسیة ..ولم یشاھد صفیح المخیم , ولم تطأ قدماه أزقة البقعة ..لھذا ما زال یرى الوطن, في صورة مائدة إفطار فرنسي فاخر . قلت لك الأزمة أزمة نظر ,فمن لم تشاھد عیونھ وادي بن حماد , أو الھیدان ..من لم یشاھد (صنفحة وفینان) ..سیبقى أسیر عمان الغربیة , من لم تكتحل عیونھ برؤیة الرمل في معان , وخیام البدو ..وعیون الرجال سیبقى قاصرا , عن .فھم الأردن وفھمنا ماذا ترید أن أقول لك یا محمود ؟ ..صدقني العلة لیست في عیوني , ولكن العلة فیمن فقدوا النظر ولم یعودوا یشاھدوا . في عمان غیر الوحل ...فقط الوحل