المشاركة السياسية ( حرية أم تضييق ) !!!
المهندس هاشم نايل المجالي
تواجه الحكومة بعض الأزمات في فهم الشباب وآليات احتوائهم واستيعاب أفكارهم السياسية وغيرها من قضايا اجتماعية وعملية تواجههم ، معتبرة أن الكثير منهم غير مؤهلين لطرح تلك المشاكل والأزمات التي يعانون منها وتدرج حماسهم وحراكهم ونداءاتهم ضمن خانة التهور والتسرع لبحث أولئك الشباب عن التعبير بطرق ووسائل متعددة سلوكية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها .
هذا يحدث عندما تغيب الثقة بين الطرفين فتقوم الحكومة باتباع أساليب التضييق على الشباب بالوسائل المتعارف عليها وبكل الأشكال المتاحة ، وبالتالي تؤممهم عن طريق اختيار أشخاص محدودي التوجه تراهم مناسبين ومتجاوبين مع نهج الحكومة وفكرها وأسلوبها معتبرة أنها قدمت ما يتوجب عليها لهذه الشريحة .
ولكن هذه الاستراتيجية الحكومية خلقت سوء فهم وانعكاسات سلبية لدى الكثير من الشباب الذين يرون أن الحكومة مقصرة بحقهم وبحق مطالبهم ، وأن هذا تجاهل واستغفال واستهانة بقدراتهم بل يتم في كثير من الأحيان توجيه الاتهام إليهم بكثير من الاتهامات التي تضر بمستقبلهم .
وهذا يخلق إشكالاً متزايداً ولا يبدو حينها أن مسألة بناء جسور التقارب والتفاهم في وجهات النظر سهلة ، وبالتالي تزداد حدة الانتقادات الموجهة للحكومة خاصة وأن هذه المرحلة العمرية تغلب عليها الانفعالات ولديها الجرأة بالنقد والتعبير ، أي أن كثيراً من المسؤولين والسياسيين والمعنيين يغفلون قدرة وطاقة الشباب المنتجة فكرياً وعملياً ، كذلك فإن كثيراً من الحكومات تعتبر أن إفساح المجال للشباب بالعمل السياسي والانخراط به هاجساً يجب أن يخشوه وعليهم القبول بما تريده الحكومة منهم فقط دون جدال أو حوار وخلاف ذلك فإنهم معارضة سياسية .
متناسين أن مشاركة الشباب بالحياة السياسية وفي الشأن العام بأنها توصف من أهم دعائم المواطنة وديمقراطية المشاركة لدى المجتمعات المتحضرة ، وتجديد الدماء في شرايين النظام السياسي والاجتماعي للوطن ، وتعزز حركة التنمية المستدامة ، فقضايا الشباب متعددة ومتنوعة وهي على درجة كبيرة من الأهمية أن تناقش بأسلوب علمي وعملي .
فهذا مشروع الحداثة والبناء الديمقراطي بدل أن نتركهم فريسة للتنظيمات المختلفة توجههم كيفما تريد ، فالشباب في الجامعات يمثلون المنتج الأساسي للكوادر السياسية ، والمراكز والهيئات الشبابية منتج آخر وتوعية وإرشاد وتثقيف سياسي ، خاصة إذا كانت هناك دورات وندوات توعية لتنمية الفكر الشبابي ، إذن علينا رأب الصدع مع الشباب وتجنب الوصول إلى مرحلة الصدام معهم واستمالتهم بالطرق الحديثة لاستيعاب مطالبهم بدل أن يتوجهوا للعمل بطرق خفية أو سلوكيات سلبية .
فالتنظير الإعلامي لوحده غير كافٍ وبرمجة اللقاءات مع بعض الشباب لا يغطي العجز في التعبير عما يشكو منه الشباب في مجتمعاتهم وأماكن عملهم ، بل يجب أن يكون هناك لقاءات وحوارات ميدانية وعملية ، وعلى الجهات المعنية والقطاع الأهلي والخاص القيام بواجباته ومسؤولياته تجاه ذلك .
hashemmajali_56@yahoo.com