النفايات الطبية ، ملوثات بيئية خطرة

 

الأنباط – العقبة - د. نهاية القاسم

 

النفايات الطبية هي كل المواد المستخدمة للتشخيص أو للعناية بالمرضى داخل المرفق الصحي أو خارجه، وهي النفايات التي من المحتمل ان تكون معدية أو قابلة للتحلل. وتشتمل على النفايات الناتجة من منشأ طبي او مختبر، والنفايات الناتجة من مراكز ومختبرات الابحاث التي تحتوي على الجزيئات الحيوية أو الكائنات العضوية التي لا يسمح باطلاقها بالبيئة، وتعتبر الأدوات الحادة  من النفايات الطبية التي يجب التخلص منها سواء كانت ملوثة ام لا ، وذلك نظرا لامكانية تلوثها بالدم وتسببها بالجروح أثناء اتلافها بطريقة غير صحيحة وبشكل غير سليم. والنفايات الطبية هي نوع من النفايات البيولوجية النفايات الطبية قد تكون صلبة او سائلة، ومن الامثلة على النفايات الطبية المعدية الدم الملوث والادوات الحادة والمجموعات الحيوية الدقيقة غير المرغوب بها و اجزاء من الجسم تم التخلص منها وغيرها من الانسجة البشرية والحيوانية ، والضمادات والقفازات المستخدمة وغيرها من الادوات الطبية التي قد تكون تعرضت للاتصال المباشر مع الدم او سوائل الجسم ونفايات المعامل التي تظهر أحد الخصائص المذكورة اعلاه، والنفايات الحادة تشمل على الابر والمشارط والمبضعات الملوثة سواء مستخدمة او غير مستخدمة التي تم التخلص منها ، وغيرها من الادوات القادرة على اختراق الجلد. النفايات الطبية تنتج من المصادر والانشطة الطبية والبيولوجية، مثل التشخيص ، الوقاية، والعلاج.

 

من أكثر الاماكن شيوعا بانتاج مثل هذه النفايات المستشفيات، والعيادات الصحية ودور العجزة ومختبرات الابحاث الطبية وعيادات الاطباء البيطريين و عيادات الاسنان والرعاية الصحية المنزلية و بيوت الدفن. في المؤسسات الطبية يطلق على النفايات اسم النفايات الطبية او النفايات السريرية . النفايات الطبية تتميز عن غيرها من النفايات العادية او النفايات العامة ،كما انها تختلف عن انواع النفايات الخطرة مثل النفايات الكيميائية والنفايات المشعة او النفايات الصناعية، بعض النفايات تعتبر مضاعفة الخطورة ،مثل عينات الانسجة المحفوظة في الفورمالين.

 

حتى الآن لم تحظَ قضية التخلص من النفايات الطبية الخطرة وبشكل سليم بالاهتمام المطلوب، وبالسرعة اللازمة من وزارة الصحة، والجسم الطبي بشقيه الرسمي والاهلي، وأن الوزارة لم تتخذ اجراءات لطي هذا الملف.هذا الامر ليس ترفيا او سطحيا لكنه يتعلق بمستقبل البيئة في المملكة، ويسهم في منع الأذى عن المواطنين واطفالهم.

 

عندما يتم القاء بقايا الحقن الطبية في حاوية للقمامة قرب مركز صحي، ونرى في اليوم التالي بعض الاطفال، او حتى اولئك الذين يبحثون عن العلب المعدنية الفارغة لبيعها ببضعة قروش، ينبشون حاويات القمامة، فيصاب احدهم بجرح او شكة ابرة، لتنتقل اليه عدوى مريض بالايدز او الكبد الوبائي او اي نوع من الامراض الاخرى، او ان يحصل هؤلاء الاطفال على هذه الحقن ويمارسون اللعب بها.

 

وأحيانا تقوم الكلاب الضالة  المتواجدة قرب مراكز او مستشفيات رسمية، وهي تنهش بقايا القطع البشرية المبتورة؛ لان المحرقة التابعة لهذا المستشفى معطلة او انها لا تعمل او ان احدا القى بهذه النفايات والبقايا البشرية في الحاويات.

 

هناك عقاقير سامة، او مهدئات، او اقراص انتهت مدتها، وهي لو تم وضعها في التراب مباشرة لألحقت الاذى بالتربة، او بمن يعبث بها.

 

يوجد عدد كبير من الأمراض التي ليست لها طرق علاج نهائيا حتى الآن والعلاج الوحيد فقط هو الوقاية منها منذ البداية، وأي إهمال أو عدم تعامل سليم مع مخلفات المرضى الملوثة بالميكروبات قد ينتج عنه مشاكل لا حصر لها للأفراد من ضمنها الآلام والأمراض الخطيرة والخسائر الكبيرة الجسدية والمالية والنفسية. ففي حالة أصابه أحد العاملين بالصحة بوخزه بسيطة بإبرة ملوثة بأحد فيروسات الدم المعدية من أحد المرضى فالنتيجة ستكون سيئة ، فلو حسبنا الناتج من ذلك الضرر الذي سيصيب ذلك العامل لوجدنا مسلسلاً طويلاً من المعانات والمرض بالإضافة إلى هدر الوقت والمال والجهد الذي سيؤثر سلبياً على المجتمع ككل.

 

على الرغم من القفزات الرائعة في عالم الطب والتي من دون شك كان لها الأثر الإيجابي في المحافظة على صحة الإنسان ومحاربة الأمراض المختلفة، مما يعطي الإنسان إحساساً بالأمان يساهم بشكل كبير في تفرغه للإبداع وتقديم كل ما هو مفيد لمجتمعه وبلده، إلا أن هناك جانب سلبي للتقدم في الطب وإجراءاته وهو تلوث البيئة بمختلف الملوثات الطبية التي قد تؤدي بدورها إلى إصابة الإنسان بأضرار خطيرة ومميتة في أغلب الأحيان، وتتنوع المخلفات الطبية بشكل كبير لتشمل الإبر والحقن والقطن والشاش وبقايا العيّنات الملوثة بسوائل ودماء المرضى ومخلفات صيدلانية وكيميائية وأحياناً مخلفات مشعة ومخلفات العمليات من أعضاء بشرية وغيرها.. إلخ، ولا يخفى على أحد أيضاً أن تلك المخلفات مصدرها المريض، لذا فهي تحتوي على مسببات المرض من بكتيريا وفيروسات وفطريات وغيرها، الأمر الذي دعا العديد من الدول والمنظمات العالمية خلال العقدين الأخيرين إلى الاهتمام بهذه المشكلة بعدما أثبتت بعض الدراسات والبحوث مسؤولية هذا النوع من المخلفات في إحداث أمراض وأوبئة فتاكة وسريعة الانتشار، والمعروف عن هذا النوع من المخلفات أنه أكثر خطورة من أي نوع آخر من المخلفات لما قد تسببه من أضرار للأفراد والبيئة بصفة عامة.

 

الضرورة تقضي اقامة بضع شركات موزعة في انحاء المملكة، للتخلص من النفايات الطبية بشكل علمي وحضاري، بحيث تكون هناك اكياس بلاستيكية متينة ومحكمة الاغلاق، ومتعددة الألوان بحيث يوضع في احدها بقايا القطع البشرية، والثاني للادوات الطبية المعدنية والمواد الصلبة، والثالث للادوية والسوائل وتقوم سيارات خاصة بنقلها يوميا الى المحرقة وتوضع رسوم على كل كيس بلاستيكي، ويتم اتلافها من قبل الجهات المعنية، بمتابعة واشراف حكومي، وهذا سيوفر مبالغ كبيرة على المستشفيات التي لا توجد فيها اماكن لاتلاف النفايات الطبية وكذلك في جميع المراكز الطبية في المملكة والتي ما زالت تضع المخلفات في الحاويات وقد يكون من المناسب ان تكون هناك عدة فروع لشركة التخلص من النفابات الطبية في المحافظات الرئيسة، فهي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها حماية المواطنين، وحماية البيئة، وتكون عملية التخلص من هذه النفايات بعيدا عن المستشفيات كما هي الحال في الخارج.

 

قضية النفايات الطبية تحتاج الى حزمة متكاملة من القرارات على المستويين التشريعي والإداري تتعلق بإيجاد الناظم القانوني الملزم للأطراف المنتجة للنفايات الطبية على مستوى العيادة الحكومية والخاصة والمركز والمختبر، وصولاً الى المستشفى الحكومي والخاص.

 

إبعاد الخطر عن الأفراد العاملين بالمرافق الصحية من تمريض وفنيين وأطباء وكذلك إبعاد الخطر عن الأشخاص المحيطين والمجتمع والبيئة بصفة عامة فهناك عدة خطوات لو استخدمت لأصبح المرفق الصحي مصدر للشفاء وليس مصدر للعدوى وخطر للبيئة.