"طاولة زهر" مكتب متنقل في زنزانة اسير

الأسير دولة يتحدث عن تجربة الاسر في "البوسطة"

 الانباط ـ رام الله

في قسم العزل بمعتقل بئر السبع "الاسرائيلي"، حصل الأسير الفلسطيني عبد الفتاح دولة قبل سنوات على "طاولة زهر" عن طريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، رافقته من سجن إلى آخر، بين عامي 2004 و2016.

طاولة الزهر الخشبية، كانت بمثابة مكتب دولة المتنقل، استخدمها "خمّالة" للكتابة والقراءة والقصّ واللصق، واستقرت عليها مئات الكتب والروايات التي قرأها ولخّصها، وضمت بين دفتيها الكثير من البيانات والتعاميم والمراسلات، والقصص والحكايات.

كانت تستقر في حضنه من 4 إلى 8 ساعات يومياً، وانتهكت بالتفتيش والاقتحامات مرات كثيرة وصودرت منها أشياء، لكنها ظلت محتفظة بأشياء أخرى. لم يملّها، ولم تملّه، فكافأها أن تمكن من تحريرها معه بعد 12 عاماً في سجون الاحتلال.

وكان الكاتب والأسير المُحرّر عبد الفتاح دولة وقع أخيرًا روايته "البوسطة"، التي تتناول تجربة "البوسطة" (عربة نقل الأسرى) التي رغب في تسليط الضوء عليها خلال تجربة اعتقاله في سجون الاحتلال.

وقال دولة المتحدث باسم إضراب الأسرى الأخير، إن هذه الرواية تم احتجازها لدى قوات الاحتلال أكثر من مرة، مشيرًا إلى أنها تتحدث عن مرحلة مذلة ومهينة للكرامة الإنسانية يعيشها الأسير أثناء تنقله من سجن إلى سجن، أو من السجن إلى المحكمة، وقال "أتمنى أن تكون صوت كل الأسرى الذين يعانون من وطأة الأسر".

وقضى دولة 12 عامًا في الأسر، وصودرت الرواية ثلاث مرات أثناء محاولة تهريبها، ونجحت في الخروج ثم ضاعت لفترة طويلة قبل أن ترى النور.

وأضاف أن الرواية هي الحافلة التي تنقل الأسرى وتبدو من الخارج كما حافلة سياحية جميلة، بينما هي من الداخل عبارة عن سجن متنقل على عجلات، مقسمة إلى حجرات وزنازين انفرادية كل ما فيها حديد في حديد حتى المقاعد التي لا تكاد تتسع لوضعية الجلوس، يمضي فيها الأسير ساعات طويلة على مدار اليوم مكبل اليدين والقدمين من دون ماء ولا غذاء ولا مرحاض، في الصيف هي أشبه بفرن وفِي الشتاء ثلاجة، تنقل الأسير في واحدة من أصعب الظروف الإنسانية.

وأشار إلى أن الرواية حكاية كل أسيرة وأسير وطفل أسير ركب الرحلة واكتوى بعذاباتها، وهي حكاية أمهات وزوجات وذوي الأسرى الذين يشكلون النصف الثاني من معاناة الاعتقال، إلا أن «البوسطة» لم تخل في النهاية من الأمل بالحرية والخلاص من هذه الرحلة ومن السجان والمحتل، فهي ذات الحافلة التي أقلت الكاتب على مدار 12 عامًا من القهر والمعاناة داخل السجون، إلى بوابة الحرية.