ضحايا القافية

....وفيما ينهمك المراقبون في تفسير اسباب التغيرات الدراماتيكية في دولة ما او ولاية ما ، يكون الامر في الواقع ابسط بكثير من جميع توقعاتهم .وما اكثر التغييرات والتبديلات والترميجات والتعيينات التي لم يكن لها حتى مجرد قافية .
هناك اسماء تكون قافيتها صالحة لكل زمان ومكان:
تقول الحكاية ان واليا يهوى الكلام باستخدام اسلوب السجع، جلس وسط  رجال الدولة في ولايته ، وقد رغب الوالي بالحديث، فوجه كلامه الى قاضي القضاة الذي  كان اسمه لسوء حظه؛ «فقم». قال الوالي:
- أيها القاضي فقم...
ثم توقف الوالي عن الحديث لأنه لم يجد موضوعا يتحدث به لا سجع ولا نثر، وبعد فترة صمت نظر الى القاضي فقم وأكمل حديثه قائلا:
-ايها القاضي فقم ..... قد عزلناك... فقم!!
أما فقم الأخيرة ، فهي فعل أمر يعني  انه يطرده من المجلس ،لأنه معزول من المنصب .
راح  منصب القاضي  نظرا لضرورات القافية ، لكن الوالي الذي يعزل  وينصب .. يرفع ويسقط.. يهب ويسلب ، ما يزال على رأس عمله في كل مكان... لا بل ان الوالي لم يعد يلتزم حتى بضرورات القافية ، وصار يمارس سلطته المطلقة لغايات التسلية أو قلة الشغل او الاحساس بالانجاز ربما.
هذا هو الأمر تماما حينما لا يضطر المسؤول الى تقديم تفسير ..اي تفسير او تبرير امام المواطنين او المجالس التي تمثلهم... فهو قادر على فعل اي شي وكل شي ، ويمارس افعاله هذه للتمتع بقدرته المذهلة على تحريك وتحوير وتبديل كل شيء.
وكان أن كبر القاضي (فقم) ونشأ وترعرع وتناسل، ليصير شعوبا وقبائل، شعوب لا تملك حولا ولا قوة ... تبقى بقافية أوتذهب بلا قافية.