تضامن: إصابات جسدية لواحدة من كل ثلاث زوجات معنفات
- تقديم الورود للنساء في مناسبات متعددة أمر مرحب به ما دامت تلك الورود لا تخفي بين طياتها عنفاً وتمييزاً وحرماناً ضدهن، فالنساء والفتيات بحاجة الى سلام وامن وإستقرار اجتماعي ونفسي في منازلهن ومجتمعاتهن لا يتعرضن فيها الى العنف والتمييز والحرمان والتهميش.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن أن العنف ضد النساء والفتيات يشكل إنتهاكاً جسيماً لحقوقهن التي هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، وأن ممارسة العنف بكافة أشكاله تحد من مشاركتهن الفاعلة ومن تمكينهن بمختلف المجالات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية.
ولقد عرَف الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة لعام 1993 العنف بأنه :" أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ضد المرأة، والذي ينجم عنه أو يخيّل أن ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء وقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة".
ومن جهة أخرى فإن التكلفة الإقتصادية للعنف ضد النساء تعتبر من أحد أهم العوامل التي تستنزف الأموال التي يتشكل منها الناتج الإقتصادي المفقود وبنسب مرتفعة مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي للدولة، وعائقاً أمام النمو الإقتصادي الذي يتأثر بشكل مباشر بالإنتاجية من كلا الجنسين.
وأشارت دراسة أجريت لحساب مركز كوبنهاجن كونسينساس سنتر الى أن العنف الأسري لوحده وأغلب ضحاياه من النساء والأطفال يكلف العالم بحدود 8 تريليون دولار، وأن بمقابل وفاة شخص واحد بسبب الحروب فإن هنالك 9 أشخاص تقريباً يموتون بسبب العنف الأسري، وبمقابل كل قتيلين بسبب الحروب هنالك طفل يموت بسبب العنف الأسري.
وتضيف "تضامن" بأن التكاليف الإقتصادية للعنف ضد النساء والفتيات تتمثل في تكاليف مباشرة كتكاليف العلاج من الإصابات الجسدية والنفسية من مستلزمات طبية وأدوية والإجازات المرضية والتغيب عن العمل، وتكاليف غير مباشرة كتلك المتعلقة بتدني إنتاجية النساء والفتيات نتيجة العنف وبالتالي ضعف مساهماتهن في الناتج المحلي الإجمالي. علماً بأن آثار العنف الممارس ضدهن خاصة الآثار النفسية تلازمهن لفترات طويلة قد تمتد لطول فترة حياتهن.
إن تعزيز وحماية حقوق النساء والفتيات والقضاء على العنف ضدهن سيعود بالفائدة المالية على الأردن الذي ينفق ملايين الدنانير لتقديم الخدمات الصحية للنساء المعنفات وتأمين الرعاية الإجتماعية والإيوائية ويقدم المعونات النقدية للنساء خاصة اللاتي يرأسن أسرهن، كما ويفقد الأردن ملايين أخرى بسبب تعطل النساء والفتيات المعنفات سواء عن القيام بادوارهن داخل منازلهن أو في أماكن عملهن.
إصابات جسدية لواحدة من كل ثلاث نساء متزوجات معنفات من أزواجهن
أشار مسح السكان والصحة الأسرية لعام 2012 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة الى أن 14.1% من حوالي 7027 إمرأة متزوجة أو سبق لها الزواج واللاتي تتراوح أعمارهن ما بين (15-49) عاماً تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي من قبل أزواجهن الحاليين أو السابقين خلال الإثني عشر شهراً السابقة للمسح.
وتشير "تضامن" الى أن المسح حدد ثلاثة أنواع من الإصابات الجسدية والتي تتراوح ما بين بسيطة ومتوسطة وبليغة ، فالنوع الأول حدد بجروح أو رضوض أو خدوش ، والثاني حدد بإصابات في العين أو إلتواءات أو إزاحات في المفاصل أو حروق ، والنوع الثالث والأخير حدد بالجروح العميقة والكسور في العظام أو الأسنان أو أي إصابات بليغة أخرى.
وتضيف "تضامن" بأن أنواع العنف التي شملها المسح هي العنف الجسدي والعنف الجنسي أو كلاهما أو أي منهما المرتكب من الأزواج الحاليين أو السابقين ضد الزوجات ، وتشمل قائمة العنف الجسدي الدفع بقوة أو الرمي بشيء ما ، أو الصفع ، أو لوي الذراع أو شد الشعر ، أو الضرب بقبضة اليد أو بشيء ما ، أو الركل أو الجر أو الضرب ، أو محاولة الخنق أو الإحراق عن عمد ، أو الهجوم بسكين أو مسدس أو أي سلاح آخر. فيما شملت قائمة العنف الجنسي الإجبار بالقوة على المعاشرة الجنسية رغم عدم الرغبة بذلك ، أو أي عنف جنسي.
ويبين المسح نسبة المتزوجات واللاتي تعرضن للعنف الجسدي من قبل الأزواج الحاليين أو السابقين حسب نوع الإصابات خلال الإثني عشر شهراً السابقة على المسح ، حيث أفادت 36.2% منهن بتعرضهن لإصابات بسيطة وأن 10.2% منهن تعرضن لإصابات متوسطة فيما تعرضت 2% منهن لإصابات بليغة ، وبشكل عام فقد أفادت 37.3% منهن بتعرضهن لواحدة أو أكثر من الإصابات الثلاث السابقة.
أما نسبة المتزوجات واللاتي تعرضن لعنف جسدي أو الجنسي من قبل الأزواج الحاليين أو السابقين حسب نوع الإصابات خلال الإثني عشر شهراً السابقة على المسح كشفت عن أن 30.2% منهن تعرضهن لإصابات بسيطة وأن 8.9% منهن تعرضن لإصابات متوسطة فيما تعرضت 2.2% منهن لإصابات بليغة ، وبشكل عام فقد أفادت 31.4% منهن بتعرضهن لواحدة أو أكثر من الإصابات الثلاث السابقة.
وتشير "تضامن" الى أن المسح بين أيضاً بأن نسبة المتزوجات واللاتي تعرضن للعنف من الأزواج الحاليين أو السابقين والبالغ عددهن 2101 سيدة ولم يبحثن أبداً عن مساعدة ولم يخبرن أي أحد آخر بتعرضهن للعنف سواء نتج عنه إصابات جسدية أم لا كانت مرتفعة جداً بالنسبة للنساء اللاتي تعرضن للعنف الجنسي حيث وصلت النسبة الى 93.5% منهن ، و 48% منهن ممن تعرضن للعنف الجسدي ، وبلغت 29.3% منهن ممن تعرضن لعنف جسدي أو جنسي
وتؤكد "تضامن" على حقيقة هامة تفيد بأن المتزوجات الأردنيات لا يطلبن المساعدة سواء من الجهات الحكومية المختصة أو غير الحكومية أو حتى من الأقارب والأهل والأصدقاء إذا ما تعرضن لعنف جنسي من قبل أزواجهن ، حيث أن أقل من واحدة من بين عشر متزوجات ممن تعرضن لعنف جنسي يطلبن المساعدة ، وهذا مؤشر على أن كسر حاجز الصمت وتغيير ثقافة السكوت عن العنف وتغيير النظرة المجتمعية الدونية تجاه النساء بحاجة الى جهود كبيرة من كافة الجهات المعنية لحثهن على عدم السكوت عن العنف مهما كان نوعه وبشكل خاص العنف الجنسي ، ومهما نتج عنه من أضرار سواء أكانت نفسية أو جسدية أو كلاهما معاً ، ومهما كانت طبيعة الإصابات سواء أكانت بسيطة أو متوسطة أو بليغة.