لماذا تخسر شركة الكهرباء؟
لماذا تخسر شركة الكهرباء؟
بلال العبويني
يبدو ملف الكهرباء أحجية يستعصي تفكيكها، ففي الوقت الذي رفعت فيه الحكومة مرارا التعرفة على شرائح المستخدمين وفرضت ضريبة فرق المحروقات على الفاتورة بالإضافة إلى إمدادات الغاز المصري، تكبدت الشركة خسائر بلغت مع نهاية العام الماضي 109 ملايين دينار.
لماذا تخسر الشركة؟ هذا ما يحتاج إلى جواب صادق ومقنع؟، ذلك أن الخسائر الإجمالية ارتفعت، بدلا من تقلصها إلى 4.96 مليار دينار، وهو ما جعل بعثة صندوق النقد الدولي، على ما يبدو، تضع عينيها على تعرفة الكهرباء باتجاه "هيكلتها" أي زيادتها لوقف الخسائر.
المنطق يقول إن الخسائر يجب ان تتراجع مع ما تم اتخاذه من إجراءات حكومية ومع ما تحقق من إمدادات الغاز المصري في الربع الأخير من العام الماضي والذي كان 10% من حاجة الأردن قبل أن يزيد مطلع هذا العام ليصبح نصف حاجتنا..
الغاز المصري وصل إلينا فترة الضخ التجريبي بأسعار تقل عن سعر الغاز المسال العالمي بنسبة 40%، ورغم ذاك تحققت الخسائر، ومن مطلب صندوق النقد بهيكلة التعرفة يمكن الاستنتاج ان الخسائر ستزيد مع نهاية العام الحالي بدلا من أن تقل أو تثبت على ما هي عليه.
كما أن الشمس والرياح تساهمان في انتاج كهرباء رخيصة الثمن" بمقدار1700 ميغاواط، نستهلك منها نحو 1500 ميغاواط، ومن المفترض أن يكون لدينا كهرباء ناتجة عن الصخر الزيتي والطاقة النووية، وهو ما يجب أن يكون سببا في تحقيق الأرباح وليس وقف الخسائر فقط.
في الواقع ثمة مشكلة "عويصة" تعاني منها شركة الكهرباء، لكن لا أحد قادرا على تحديدها بدقة، وهو ما يتوجب على الحكومة مكاشفة الرأي العام به والعمل على معالجته سريعا لتوقف من النزيف الحاد في الخسائر ومن نزيف الكلفة الباهظة التي باتت تشكلها فاتورة الكهرباء على المواطنين ومختلف القطاعات الاقتصادية من صناعية وتجارية.
ثمة مقترح استمع كاتب هذه السطور إليه قدمه مسؤول رفيع لمجلس الوزراء يتمثل في نقل مديونية شركة الكهرباء إلى مديونية الدولة للتخلص من الإشكاليات التي تتسبب بها خسائرها.
لكن، لست أعلم مدى جدية هذا الطرح الذي قدمه المسؤول ومدى قانونيته، غير أن ما أعلمه أنه ليس من ذنب المواطن الاستمرار في دفع ضريبة سوء إدارة الشركة لمواردها، إن كان هناك سوء.
لذا، يجب أن يكون في الحسبان أن تعرفة الكهرباء مرتفعة على كافة القطاعات المنزلي والتجاري والصناعي وغير ذلك، وأنه ليس من المنطق استمرار الأمر على ما هو عليه تحديدا لأن هناك قناعة تقول إن أسعار الطاقة المرتفعة لدينا من المعوقات الرئيسية في جلب وديمومة الاستثمار في بلادنا.
نحن على أبواب مؤتمر لندن الذي سينعقد في الثامن والعشرين من الشهر الحالي، وثمة حديث عن أن الحكومة أعدت قوائم لمشاريع استثمارية ستعرضها على المشاركين هناك، فإن لم يكن لدينا خطة أو تصور استراتيجي لمعالجة ملف أسعار الطاقة المرتفعة فإننا سنعاني في إقناع المستثمرين للاستثمار في بلادنا، لذلك لا بد من إيجاد حل لخسائر شركة الكهرباء وإيجاد حل للتعرفة باتجاه تخفيضها على كافة الشرائح الاستهلاكية.//