تطور أسلحة النواب التقليدية

 

وليد حسني

 

قبل انتخابات مجلس النواب الرابع عشر قامت الامانة العامة بتطوير قبة المجلس، وكان من أبرز مظاهر حملة التطوير تلك انها الغت منافض السجائر الزجاجية واستعاضت عنها بمنافض نحاسية قامت بتثبيتها ببراغ في طاولات القبة حتى لا يعاد استخدامها كسلاح تقليدي في مشاجرات النواب ونزاعاتهم العنفية.

 

كان تطورا لافتا ومهما فقد كان النواب يستخدمون منافض الزجاج للتراشق بينهم في حال هبوب النزاعات الصراخية والاحتجاجية، وبالرغم من استخدامها كثيرا الا ان الآثار التدميرية لها ظلت في حدودها الدنيا الا انها لم تنف بالمطلق توفر تلك المخاطر في حال ظلت تلك المنافض حرة وسهلة الاستخدام من النواب الغاضبين.

 

تم الغاء المنافض الزجاجية من تحت القبة، إلا أن الأسلحة التقليدية ظلت هي سيدة الموقف ولا تزال عبوات المياه البلاستيكية هي السلاح الأكثر استخداما من قبل النواب ضد بعضهم البعض، ولا اظن ان هذا النوع من السلاح سينتهي إلا باستبدال علب المياه البلاستيكية بحنفيات يتم تثبيتها هي الأخرى بطاولات القبة، شريطة منع النواب من حمل المفاتيح الانجليزية تحت القبة حتى لا يقومون بفكها واستخدامها.

 

وحتى مطلع الدورة العادية الحالية لمجلس النواب فقد ظل النواب المتحاربون يستخدمون جداول الأعمال كأحد انواع الأسلحة التقليدية، إلا ان هذا السلاح الورقي اختفى بعد ان تحول المجلس مطلع هذه الدورة الى النظام الإلكتروني في توزيع جداول اعمال الجلسات، حتى ان نسخة الدستور او نسخة النظام الداخلي الورقيتين لم تعودا تستخدمان كسلاح مضاد أو سلاح هجومي، او حتى سلاح ردع فائق التدمير.

 

أستذكر تماما في المجلس الثاني عشر واقعة اعتداء النائب في ذلك الوقت احمد عويدي العبادي على النائب الحالي منصور مراد وقطعه لشحمة أذنه بعد ان عضها وقطعها له قبل ان يحمل النائب مراد سريعا للمستشفى لإعادتها الى مكانها.

 

في إحدى المعارك الضارية حول رفع اسعار الخبز في المجلس الثاني عشر قامت النائب توجان فيصل برشق نائب بمنفضة السجائر الزجاجية، ولولا ان الجميع انتبه اليها لكان نتج عنها ضحايا، واصابات بالغة.

 

لم يتوان العديد من النواب عن استخدام احزمتهم ضد النواب المختلفين معهم، حتى اصبح حزام البنطال ثم عقال الكوفية أحد الأسلحة التقليدية المستخدمة في مشاجرات النواب العبثية.

 

واسجل هنا للنائب يحيى السعود إدخاله الحذاء باعتباره سلاحا تقليديا بعد ان استخدمه ضد النائب جميل النمري، إلا أن هذه الحادثة لم تتكرر، ومع ذلك فقد دخل الحذاء الى تاريخ سجلات الأسلحة النيابية تحت القبة.

 

في المجالس الثلاثة الأخيرة بدت نزعة النواب نحو تنويع استخدام اسلحتهم الهجومية ضاغطة والتي أدت بالنتيجة الى ظهور حملة المسدسات في أكثر من حالة اشتباك، إلا أن إقدام النائب السابق طلال الشريف في المجلس السابع عشر على استخدام رشاش الكلاشينكوف ضد زميله النائب الحالي قصي الدميسي كان تطورا لافتا ولا أظنه سيعاد استخدامه مرة اخرى.

 

أحد اعضاء مجلس النواب الحالي كان عضوا في مجلس نواب اسبق، واختلف في حينه مع رئيس المجلس آنذاك عبد الهادي المجالي حول نتائج انتخابات اللجان الدائمة، حمل مسدسه واتجه صوب مكتب رئيس المجلس مهددا ومتوعدا قبل أن يتم احتواؤه وتجريده من مسدسه، وهو ما حصل ايضا مع احد النواب في مجلس نيابي أسبق حين طارد صحفيا على الدرجات المؤدية الى الطابق الثاني وهو يحمل مسدسه فيما الصحفي أطلق ساقيه للريح ونجا ولم يعد الى المجلس حتى اليوم.

 

وللحقيقة فان احدا من النواب لم يشهر حتى الان ــ على الأقل ــ أي سلاح آخر سواء موسى او شبرية او بلطة، ولكن يمكنني التاكيد أن "الفياغرا " أصبحت نوعا من الأسلحة غير التقليدية التي يتم استخدامها من قبل بعض النواب، وكان اول من ادخل الفياجرا باعتبارها سلاحا استقطابيا الى قبة المجلس النائب الإسلامي نضال العبادي في المجلس الرابع عشر لغايات التنكيت والتبكيت على المجلس.

 

هذه جردة حساب سريعة لتطور الأسلحة التقليدية في مجالس النواب، إلا أن هناك أسلحة غير تقليدية تماما يمكن التوقف عندها في مناسبة مقبلة وهي باعتقادي اخطر بكثير من تلك الأسلحة المستخدمة في صراعات النواب التي سرعان ما يتم فضها وإنهاؤها سلميا، إلا أن الأخطر هي تلك الأسلحة غير التقليدية التي يتم استخدامها خلف الكواليس وبعيدا عن العيون، وهي قصة سأعود اليها ذات دهر..//